الوقت - يعيش لبنان حالةً من القلق السياسي، حيث أنه ومنذ أن أقرّ مجلس النواب اللبناني قانون التنقيب عن النفط في شهر آب من العام 2010، انتظر الملف، الإتفاق السياسي حوله. أما بالنسبة للكيان الإسرائيلي، فقد بدأ فعلياً باستخراجه من حقل تامار عام 2014. لكن الحديث الأخير عن توصل الأطراف اللبنانية لإتفاق، ما يزال يحتاج لإعادة نظر. خصوصاً في ظل المطامع الإسرائيلية الموجودة، والتي تفرض آلية وطنية لحل الملف. فيما بات واضحاً أن واشنطن، تسعى لجعل الملف النفطي، بداية للتطبيع بين لبنان والكيان الإسرائيلي، ناهيك عن محاولة تأمين مصالح تل أبيب. فماذا في النوايا الإسرائيلية والمنحى الأمريكي؟ وما هي الأهداف التي يسعى الطرفين لتحقيقها على حساب السيادة اللبنانية؟
المنحى الأمريكي والنوايا الإسرائيلية
إن مسألة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط، كانت دائماً محط عناية واشنطن، دون أن تغيب المصلحة الإسرائيلية عن ذلك. وهو ما يجعل أمريكا، تأخذ دوماً المصلحة الإسرائيلية بعين الإعتبار في ظل أي إتفاقٍ حول ملفٍ نفطي. فكيف تُدير واشنطن ذلك؟
- تسعى لجعل الحوافز المالية والعائدات النفطية، جزءاً مرتبطاً بالعلاقات السياسية للدول، في محاولةٍ لإدخالها في معادلات السلام مع الكيان الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
- وهو الأمر الذي يجعل الطرف الأمريكي، فيما يخص ملف النفظ والغاز اللبناني، يستخدم سياسة الإبتزاز تجاه لبنان، تحت عنوان إيجاد تسهيلاتٍ إقليمية، لجعل لبنان قادراً على تصدير النفط والغاز في المستقبل.
- لكن المشكلة لا تكمن فقط في النوايا، بل في التعاطي الإسرائيلي مع الملف، دون وجود رقيبٍ أو حسيب. حيث أن تل أبيب أعلنت عام 2009، وبالتعاون مع شركة "نوبل إنرجى" الأمريكية، اكتشاف حقل "تمار"، والذي يقع مقابل مدينة صور اللبنانية، فى المياه الإقتصادية. كما بدأت في شباط من العام 2012، بتطوير حقل "تنين" للغاز والذي يطالب به لبنان.
ما هي الأهداف السياسية من السلوك الأمريكي؟
إن ما تسعى له واشنطن يتناغم مع الأهداف والمساعي الإسرائيلية، وهو ما نسرده بالتالي:
- تسعى أمريكا لجعل التطبيع أمراً واقعاً. وهو ما يمكن أن يكون ملف النفط والغاز مدخلاً له. الأمر الذي لمسه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مؤخراً من الطرف الأمريكي، حيث أشار الى أن الحماسة الأمريكية ليست فقط في الحصول على عوائد مالية، بل في السعي لتحقيق أهداف سياسية وفتح بابٍ لتطبيع العلاقات بين لبنان والكيان الإسرائيلي.
- الأمر نفسه ينسحب على الطرف الإسرائيلي، والذي يُصر على أن يكون التفاوض مع لبنان بشكلٍ مُباشر، وذلك لحل مشكلة الخلافات الحدودية في البحر. الأمر الذي يرفضه لبنان بشكل قاطع.
ما هي الأهداف الإقتصادية؟
عدة أهداف يمكن الإشارة لها:
- إن النفط المتنازع عليه بين لبنان والكيان الإسرائيلي، لا يساوي 1 % من نفط العالم. وبالتالي فإن الخبراء يُشيرون الى أن كلفة استخراجه وتصديره ستكون عالية بالنسبة لإيراداته. وهو الأمر الذي يدفع تل أبيب، للسعي من أجل الشراكة في التنقيب والإستخراج، تقليلاً للكلفة، ولكي لا تحملها وحدها.
- مما يعني أن تل أبيب تسعى لفرض واقعٍ من المصالح الإقتصادية، قد ينتج عنه علاقات بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي. وهو ما ينقل المشلكة ليس فقط من مبدأ الشراكة مع الكيان والتي يرفضها لبنان، الى كيفية حل المعضلة التقنية، في موضوع التنقيب والإستخراج والتصدير.
موقف 8 آذار
إن كافة تلك الأهداف التي بينَّاها، تقع تحت عين المسؤوليين اللبنانيين المعنيين. في وقت يُصر فريق 8 آذار، على تثبيت الحق اللبناني دون التنازل عن أي حقٍ يتعلق بالبلوكات المتنازع عليها مع الكيان الإسرائيلي. وهو ما يُصاحبه، رفضٌ قاطعٌ لمسألة الشراكة مع الإحتلال الإسرائيلي. الأمر الذي يُعقِّد الحلول، بسبب أطماع الإحتلال، وصعوبة التنفيذ اللبناني.
يرتبط ملف النفط والغاز في لبنان، بالعديد من العوامل التي تُعيق التقدم فيه. النزاع البحري بين لبنان والإحتلال الإسرائيلي، هو الأهم. لكن المسائل التقنية وعقود الشركات وإن كانت مسائل يمكن حلَّها، فهي لن تكون بعيدة عن تجاذبات السياسة الدولية. والتي تسعى أمريكا لتجييرها وفقاً لمصالحها، وخدمةً للكيان الإسرائيلي. ليصبح ملف النفط اللبناني، عنواناً لمساعٍ أمريكية، لفرض التطبيع من بوابة البحر.