الوقت- أدخل تأييد مفتي مصر الدكتور "شوقي علام"، حكم الإعدام على الرئيس المصري المعزول "محمد مرسي" وباقي المتهمين، القضية المعروفة بـ"التخابر والهروب من سجن وادي النطرون" في مرحلة جديدة.
المرحلة الجديدة من المحاكمة تحدّث عن معالمها الرئيس الحالي "عبد الفتاح السيسي" في الحديث الذي أجراه مع مجلة "جون أفريك" المختصة بالشؤون الافريقية 15 فبراير الماضي 2016، حيث قال إن "الإجراءات القضائية في مصر هي طريق طويل، يتم على عدة مراحل، حيث أن هناك الحكم الابتدائي والاستئناف ثم النقض"، ليضيف: "إن محمد مرسي لم يصل بعد إلى مرحلة الاستئناف، و"حسني مبارك" مثل أمام القضاء للمرة الأولى في أغسطس 2011 ولا تزال محاكمته مستمرة".
كلام "السيسي" يحمل إشارة مباشرة إلى أن القضية لا زالت طويلة، بصرف النظر عن النظام المصري على تنفيذ هذه الخطوة الخطيرة بحق المتهمين، وعلى رأسهم الرئيس السابق "محمد مرسي". لكن تأييد مفتي مصر ل الحكم الصادر في 15 يونيو الماضي 2015، بإحالة أوراق "مرسي" للمفتي، تؤكد أن القضية قطعت شوطاً كبيراً وبات الجميع ينتظر معاودة النظر في القضية وأن يصدر حكم نهائي من محكمة النقض.
كذلك، لا يعني صدور حكم الإعدام بحق "مرسي" تنفيذه فوراً، خاصّة أن الرئيس "السيسي" قد أوضح في وقت سابق "أنه لم يتم تطبيق أي حكم بالإعدام حتى الآن، وتحدث عما أسماه "صدمة الشعب المصري من قرار القضاء بإعادة محاكمة أشخاص تلقوا أحكامًا بالإعدام لقتل 13 شرطيًا في عام 2013"، لذلك قد يتدخّل "السيسي" في اللحظات الأخيرة عبر إصدار عفو رئاسي يمنع إعدام الرئيس الأسبق محمد مرسي على أن يبقى مسجونا مدى الحياة.
بصرف النظر عن تطبيق الحكم أو تأجيله، هناك سؤال أكثر من ملح اليوم في ظل الظروف التي نعيشها: كيف لرئيس منتخب من شعبه بعد إزاحة "حسني مبارك" أن يُحكم بالإعدام؟
بصرف النظر عن الأخطاء الداخلية التي إرتكبها الرئيس "مرسي" ومحاولته إقصاء الطرف الآخر بيد حديدية، أخطاء "مرسي" بعد وصوله إلى سدّة الرئاسة في قراءة البوصلة كثيراً، فبدلاً من الإعتماد على الشعب المصري ، مشى على درب سلفه مبارك عبر الإتكاء على أمريكا، كما أن الكيان الإسرائيلي لم يغب عن الواجهة، بل العكس تماماً.
يدرك "مرسي" جيداً أن أمريكا والکیان الإسرائيلي، إضافةً إلى الأوضاع الإقتصادية الصعبة ونظامه الدكتاتوري، كانت أسباب عزل "مبارك"، وفي حين إنتهج "مرسي" سياسة متشدّدة مع خصومه، ولا يملك عصا إقتصادية سحرية، بقي أمامه الخيارين الأولين لكسب رضا الشعب المصري الذي يتنازل عن لقمة عيشه أمام كرامته ومواجهة الكيان الإسرائيلي، ولكن ماذا فعل "مرسي"؟
"مرسي" عزّز علاقاته مع واشنطن، وبقيت العلاقات مع الكيان الإسرائيلي على حالها، لا بل كثرت الأحاديث عن بيعه 40% من أراضي سيناء لأمريكا، فضلاً إن إرسله رسالة شكر إلى نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز. في المقابل، واشنطن، وكعادتها، تترك الحلفاء (أو من يعتقدون أنفسهم حلفاء) في منتصف الطريق، عبر دعم خصومهم.
هذا التعاون الأمريكي كان سبباً رئيسياً للأحداث اللاحقة والتي أفضت إلى وصول وزير الدفاع المصري "عبد الفتاح السيسي" إلى سدّة الرئاسة عبر دعم أو مخطط أمريكي زجّ بسلفه "مرسي" في السجن.
لو أن الرئيس "مرسي" ركّز على القضية الفلسطينية المحقّة التي تخطف قلب الشعوب العربية، وأطّر علاقات بلاده مع أمريكا، لكان اليوم رئيساً لمصر بدل أن يقبع خلف قضبان سجونها. وبما أن التاريخ يعيد نفسه عندما تكون الظروف مشابهة، لن يختلف مصير "السيسي" عن أسلافه مبارك ومرسي، وفي حال بقي نظام حكمه كما هو الحال، ستتركه واشنطن عند أول مفترق طريق، أو سيكون أمام ثورة شعبية تطيح به بعد مسارعة واشنطن للتخلي عنه، وسنكون حينها أمام محاكمة السيسي خلف قضبان السجن.