الوقت ـ في هذه الايام التي تشهد الاسواق العالمية انخفاضا كبيرا في اسعار النفط اثر اشباع الاسواق العالمية بهذه المادة اكثر من الطلب العالمي، تشهد باكستان ازمة حادة في مجال الوقود منذ مايزيد علی العشرة أيام، دون ان تكون هنالك حلول واضحة تلوح في الافق من قبل الحكومة الباكستانية. حيث يعتقد الكثير ان الحكومة هي السبب الرئيسي في خلق هذه الازمة الخانقة بسبب عدم اکتراثها في إکمال مشروع «انبوب السلام» لنقل الغاز من ایران الی الاراضي الباکستانیة. وبالرغم من ان باكستان تعتبر دولة فقيرة في مجال الطاقة والبترول وهي بحاجة دائمة الی النفط والغاز وجميع اشكال مشتقات البترول الاخری، لكن الحكومة الباكستانية لم ترسم خطة واضحة للبلاد لتوفير الطاقة التي يحتاجها المواطن البسيط في جميع امور حياته. وبدل ان تستفيد اسلام آباد من امكانيات جارتها ايران في مجال الطاقة، للاسف الشديد كانت هذه الدولة علی الدوام خاضعة للضغوط الخارجية خاصة من قبل السعودية وامریکا.
انصياع باكستان امام هذه الضغوط ادی الی حرمان الشعب الباكستاني من الطاقة الموجودة في ايران خاصة الغاز الذي تعتبر ايران ثاني اكبر دولة في العالم تمتلك هذه المادة الحيوية. «انبوب السلام» هو مشروع يهدف الی نقل الغاز الايراني وتصديره الی باكستان. لكن هذا المشروع كان ولايزال يواجه عدة مشاكل بسبب العراقيل التي تضعها الحكومة الباكستانية في مسير اكتماله منذ فترة طويلة. حيث اتفقت ايران وباكستان علی نقل الغاز من حقل «بارس» في جنوب غرب ايران الی الاراضي الباكستانية وايصاله بالقرب من مدينة كراتشي الباكستانية. واطلق علی هذا المشروع اسم «انبوب السلام» حيث يصل طول الانبوب من ايران حتی ان يصل الی باكستان، حوالی 2000 كيلومترا يكون 1220 كيلومترا من هذا المشروع داخل الاراضي الايرانية والمتبقي بمقدار 780 كيلومترا يمر عبر الاراضي الباكستانية. وقدر المبلغ الاجمالي لانهاء المشروع بحوالي 7.5 مليار دولار. كما اتفق البلدان في البداية ان يتم امتداد خط الانبوب في المستقبل ليصل الی الهند في المرحلة القادمة. وتعهدت ايران بان تمد باكستان يوميا ولمدة 25 عاما، بنحو 21.5مليون مترا مكعب من الغاز بداية من شهر ديسمبر / كانون الاول من عام 2014. ومن خلال هذا المشروع سيكون بمقدور باكستان توليد نحو 3000 الی 4000 ميغاوات من الكهرباء. لكن وبالرغم من الترحيب الواسع الذي واجهه المشروع في بدايته، نری الیوم ذرائع متعددة من قبل الباكستانيين ادت الی عدم اكمال التعهدات الملقات علی عاتقهم.
وتعتبر الضغوطات الامريكية والسعودية علی اسلام آباد العامل الرئيسي التي تعرقل اكمال هذا المشروع الاقتصادي العملاق والذي بامكانه اخراج باكستان من الازمة التي تعاني منها في مجال الطاقة والوقود الذي يحتاجه الشعب الباكستاني. لكن بالرغم من هذه الضغوط فان الشعب الباكستاني يتوقع من حكومته عدم الرضوخ لها، لان عدم انجاز مشروع انبوب السلام سيكون خسارة كبيرة للشعب الباكستاني بسبب حرمان هذا الشعب من الغاز الذي هو بأمس الحاجة الیه. كما ان باكستان بحاجة ماسة الی الحصول علی الطاقة لضمان نمو اقتصادها خلال السنوات القادمة. كما ان الشعب الباكستاني سيحاسب قيادته في حال استمرت في تماطلها وعدم انجازها مشروع الغاز، لان واشنطن لم تقدم اي مساعدات لباكستان تمكنها من الخروج من ازمتها في مجال الطاقة. وحتی لو قدمت واشنطن مثل هذه المساعدات فانها لا يمكن ان تغني باكستان نهائيا عن مشروع الغاز مع ايران، لان هذا المشروع هو مشروع بعيد الامد يؤمن احتیاجات باكستان من الطاقة لربع قرن من الزمن. الیوم السائق الباكستاني والمشافي والمدارس والمصانع وجميع المنشآت الاخری هي بحاجة الی الغاز الايراني وعلی الحكومة الباكستانية ان تسرّع القيام بتعهداتها لاكمال مشروع خط انبوب السلام مع ايران.
المواطن البسيط الباكستاني في هذه الايام يعاني من البرد بسبب عدم امتلاكه الغاز في بيته، كما ان المرضی في المشافي يعانون من نفس الحالة بسبب عدم توفر الغاز في هذه الاماكن، والسائق ايضا لا يستطيع العمل بسيارته بسبب عدم وجود الطاقة في الاسواق. ولهذا السبب والف سبب آخر فان اي تباطئ في انجاز مشروع الغاز من قبل الحكومة الباكستانية يعتبر خيانة عظمی بمصالح الشعب الباكستاني. ولاشك ان الشعب الباكستاني لايستطيع انتظار حل الازمة التي حلت ببلاده في مجال الطاقة، حيث وفق ما اكد «شاهد خاقان عباسي» وزير النفط الباكستاني، ان هذه الازمة ستستمر علی الاقل خلال العشرة أيام القادمة. إذا فان اكمال مشروع خط انبوب السلام بين ايران وباكستان هو بحاجة الی قرار سياسي من قبل الحكومة الباكستانية دون الالتفات الی الضغوطات الخارجية، ويجب علی الحكومة الباكستانية وضع مصالح شعبها نصب عينها، لان غضب الشعب الباكستاني سيجتاح مقر الحكومة الباكستانية في حال غضت بصرها تجاه معاناة هذا الشعب وتخلت عن مشروع اكمال انبوب السلام وفقا لرغبات واشنطن. خاصة ان ايران اكملت ماعلیها من تعهدات واوصلت هذا الانبوب الی الحدود الباكستانية ومابقي فهو مسؤولية الحكومة الباكستانية.