الوقت- لم ينتظر اليمنيون حتى تضع الحرب أوزارها أو ريثما تنتهي مفاوضات الكويت بين وفد القوى الوطنية ووفد الرياض، لتشكيل لجان قضائية هدفها تقصّي المجازر وجرائم الحرب التي إرتكبها العدوان السعودي على اليمن، بل شروعوا بالأمس بالمحاكمة الشعبية لمرتكبي الجرائم.
الخطوة الجديد تأتي بعد أكثر من سنة على الجرائم الوحشية التي اقترفها تحالف العدوان السعودي بحق آلاف المدنيين في اليمن، وتنديداً بـ "العدالة الغائبة" حيث شرع اليمنيون بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في التحالف السعودي في محاكمة شعبية يمنية انطوت على رسالة باداة الضمير العالمي الصامت منذ أكثر من سنة من العدوان على اليمن، وقد انطلقت أمس الخميس في العاصمة صنعاء أولى جلسات "محكمة العدالة الغائبة" للنظر في جرائم الحرب التي ارتكبها تحالف العدوان السعودي في حربه على اليمن.
محاكمة قانونية
وتعقد هذه المحكمة جلساتها في اطار يحاكي اجراءات المحاكمة المتبعة في المحكمة الجنائية الدولية متبعة الاجراءات المرعية لدى التحالف الدولي لمنظمات المجتمع المدني الناشط في توثيق ورصد جرائم الحرب ضد الانسانية وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم.
وتأتي الخطوة اليمنية، التي تعدّ مقدمة لخطوت لاحقة في المحافل الدولية، استنادا إلى مبادرة تبناها قضاة ومحامون وناشطون حقوقيون، في مسعى لجمع وتوثيق جرائم العدوان السعودي بصورة قانونية تلبي متطلبات التقاضي والدعاوى الجنائية في المحاكم الجنائية الدولية المعنية بالنظر في جرائم الحرب، أملا في أن تكون هذه الخطوة مقدمة لمحاكمات دولية حقيقية بحق مجرمي الحرب في النظامين السعودي والاماراتي الضالعين بصورة مباشرة في مجازر وجرائم ابادة جماعية راح ضحيتها آلاف المدنيين.
وفي أولى جلسات المحاكمة التي عقدت بصنعاء الخميس أدى اعضاء هيئة الادعاء في المحكمة اليمين القانونية، وأعلنوا أن باب الانضمام للهيئة مفتوحاً للراغبين في تقديم المرافعات عن ضحايا الجرائم الوحشية للعدوان السعودي بحق المدنيين، سعيا إلى تسليط الضوء على الابعاد الانسانية والاخلاقية والقانونية للمجازر وجرائم الابادة التي اقترفتها طائرات تحالف العدوان السعودية والاماراتية خلال سنة من شنها الغارات الهستيرية على اليمن.
وفي حضور عدد من القضاة والمحاميين والناشطين الحقوقيين وممثلي منظمات المجتمع المدني وأولياء دم الضحايا المدنيين رأسها المحامي اليمني المعروف احمد الوادعي جلسات المحاكمة وتسلم من هيئة الادعاء أول عريضة دعوى تضمنت جرائم تحالف العدوان السعودي في تدمير مرافق البنية التحتية والاساسية في سلسلة غارات وحشية دمرت الكثير من مقومات الحياة في اليمن وتخللها جرائم حرب في استهداف الاحياء السكنية بالصواريخ والقنابل المحرمة والتي افادت الدعوى أنها مورست علنا على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي في ظل صمت دولي حيال هذه الجرائم.
وقدمت هيئة الادعاء عريضة تضمنت نماذج من جرائم الإبادة الجماعية وجرائم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وجريمة استهداف الأعيان الثقافية والمدنية، وجريمة تعذيب الأسرى، وطلبت من المحكمة مهلة أسبوعين لاستكمال الأدلة وتسليمها لهيئة المحكمة للنظر فيها وإعدادها لمتابعتها في المحاكم الدولية.
من جانبها، قدمت أسر الضحايا اعتراضاً على المدة الزمنية والتي اعتبرتها مدة طويلة، ملتمسة من المحكمة التعجيل في استكمال الأدلة في اقرب وقت ممكن، فيما وجه رئيس المحكمة هيئة الإدعاء بسرعة استكمال الأدلة وتقديمها في الجلسة القادمة التي ستعقد في الثاني من شهر مايو القادم.
دعوات لإرسال ممثلين وخبراء من المحكمة الجنائية الدولية
في السياق ذاته، دعا ناشطون في منظمات حقوقية مدنية تحالف المحكمة الجائية الدولية الذي يضم أكثر من 2500 منظمة غير حكومية تعمل لصالح المحكمة الجنائية الدولية إلى ارسال ممثلين له إلى هذه المحكمة للاطلاع والرقابة على سيرة الاجراءات، بما يساهم في اعداد ملفات قضايا جرائم الحرب التي ينتظر أن تقدم في خطوة لاحقة إلى محكمة الجنايات الدولية.
ولم يتم حتى الآن تحديد اشخاص بعينهم بوصفهم متهمين بارتكاب جرائم حرب غير أن ناشطين اكدوا ضلوع النظامين السعودي والاماراتي بصورة مباشرة في ارتكاب هذه الجرائم.
رغم أن المحكمة لا تملك سلطة اختصاص من الناحية القانونية لكنها تسعى إلى تسليط الضوء على جرائم العدوان السعودي وتوثيقها بما يتيح جمع الأدلة والوقائع والشهادات وتسجيل اقوال الشهود، ويليها اعداد قوائم بأسماء الاشخاص والجهات المتورطة في جرائم حرب ارتكبها تحالف العدوان السعودي في حربه على اليمن، ما يسهّل عمل أي لجنة تقصّي دولية، فضلاً عن دخول هذه القوائم في التاريخ الذي سيحكي للأجيال القادمة عن مرتكبي جرائم الحرب بحقّ أبائهم وأجدادهم.