الوقت- أربكت الرسالة الروسية من خلال الدعوة إلى حوار تشاوري محور الحرب على سورية، وجعلته بحالة من التخبط. فقد فضحت زيف ادعاءاته السابقة والتي تجاهربها بعكس مايخفيه بخصوص الأزمة السورية وحلها بالطرق الحوارية والسلمية . فقاطعت أغلب جهات المعارضة السورية الخارجية و الداخلية وبأمر من مموليها منتدى موسكو للحوار.
ففي تطور سريع ومتوقع، أعلن كل مما يسمى الائتلاف السوري المعارض والرئيس الأسبق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب و«تيار بناء الدولة السورية» اعتذارهم عن عدم تلبية دعوة موسكو لحضور اللقاء التمهيدي والتشاوري الذي أطلق عليه «منتدى موسكو»، بعد أن كانوا الأكثر حماسة له، وسط تأكيدات من رئيس مكتب الإعلام في هيئة التنسيق الوطنية منذر خدام أن المدعوين من الهيئة سيرفضون المشاركة «وفق الصيغة الحالية»
وفي التفاصيل قال معاذ الخطيب في بيان أصدره على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي على الانترنت : "تم تلقي دعوة مكتوبة من القيادة الروسية لحضور لقاء مع شخصيات سورية مختلفة في موسكو آخر الشهر الجاري، وبعد التشاور مع الاخوة في المجموعة التي نعمل من خلالها، قررنا الاعتذار عن المشاركة بصفة شخصية أو معنوية ". وبحسب مقربيين من منظمي المؤتمر فأن اعتذار الخطيب المقيم في قطر كان لافتا خاصة بعد الحماسة الكبيرة التي كان يبديها للموقف المحاور والداعي لحل الازمة السورية بالطرق السياسية بالرغم من الانتقادات التي تعرض لها وخاصة من مضيفيه والتي نجحت أخيرا على ما يبدو في التأثير عليه واتخاذه قرارالعزوف عن حضور المؤتمر.
و سبق اعتذار الخطيب الذي زار موسكو نهاية نوفمبر الماضي، اعتذار من قبل تيار «بناء الدولة» المعارض. وأصدر التيار المنضوي تحت اسم المعارضة الداخلية في سورية التي تعمل تحت اعين السلطة، بيانا نشره على صفحته على «فيسبوك» أيضاً، أعلن فيه «عدم مشاركته أو مشاركة أي من أعضائه في اللقاء التشاوري الذي دعت له وزارة الخارجية الروسية والمزمع عقده في العاصمة الروسية أواخر الشهر الجاري» . وفي هذا السياق أكدت نائب رئيس تيار بناء الدولة منى غانم على قرار عدم المشاركة في المنتدى وقالت: إن الدعوات تمت لشخصيات وليس لأحزاب ونحن وإيماناً منا بضرورة وجود حياة وحريات سياسية فإننا نطالب أن تكون الدعوات باسم الأحزاب السياسية، كما لا يوجد للقاء أجندة ولا مخرج يتم الاتفاق عليه وإنما المشاركة لمجرد مقابلة الشخصيات.
وفي سياق متصل لم يشكل اعتذار الائتلاف أي مفاجأة لمتتبعين الشأن السوري وخاصة بعدما فرضت أنقرة حليفها خالد خوجة الذي يحمل الجنسية التركية رئيساً جديداً للائتلاف السوري والذي ينتمي أيضاً لجماعة «الإخوان المسلمين» اضافة الى فرض واشنطن هشام مروة " الذي يحمل هو الآخر الجنسية الأميركية نائباً له واللذان يشكلان وفق رأيه طيف واسع من السوريين ناطقين باسم الدولتين اللتين يحملون جنسيتيهما . فكان القرار بعدم المشاركة في المؤتمر تماشياً مع الرغبة التركية الامريكية .
بدوره رجح منذر خدام رئيس مكتب الإعلام في هيئة التنسيق الوطنية في تصريحات صحفية إعلان الشخصيات من هيئة التنسيق التي تلقت الدعوة للمشاركة في لقاء موسكو رفضها المشاركة وفق الصيغة الحالية، وقال: «أعتقد أن الخارجية الروسية لن توافق على رسالتنا (بضرورة توجيه الدعوات للكيانات السياسية وليس للشخصيات) وبذلك سيكون من الصعوبة مشاركة أعضاء من الهيئة، والدعوة شخصية وهؤلاء من يجب أن يقرر سيذهبون أم لا».
ويرى كثير من المحللين السياسيين أن قوى إقليمية عملت وتعمل على تعطيل اللقاء وهي من أوعزت للائتلاف وعدد من الشخصيات بالاعتذار عن الحضور في محاولة لإجهاض المبادرة الروسية ومنع أي حل سياسي للأزمة السورية والإبقاء على حل الإرهاب الذي تتبناه تلك القوى وتدعمه وتموله منذ اندلاع الأزمة.
وذكرت تقارير صحفية أيضاً عن دور مشبوه لتركيا و دول خليجية عربية حاولت بداية فرض أجندتها الخاصة على منتدى موسكو وفرض أيضاً أسماء وممثلي وفد المعارضة وجدول الأعمال، إلا أنها اصطدمت بتصميم روسي على الالتزام بما نص عليه بيان جنيف1 من حيث التمثيل والحوار بلا شروط مسبقة ما دفعها إلى العمل على إجهاض المبادرة والإيعاز لمن دعي بالاعتذار عن الحضور.
فممولي المعارضة الخارجية المتمزقة أصلا ليسوا بحال جيدة تسمح لهم بمزيد من الكذب إذ يعيش اردوغان حالة من الهلع سببها الخشية من انتصار الجيش السوري، الذي قد يتردد صداه داخلياً من خلال عودة الجيش التركي إلى لعب دور في معادلة المحافظة على اِرث اتاتورك.
أما إسرائيل فتمر في مرحلة من القلق والإرباك أيضاً، فالخوف من محور المقاومة أصبح واقعاً، على الرغم من أن زعماء الكيان الصهيوني يحاولون الإيحاء بعكس ذلك. كذلك هو الامر بالنسبة لدول الخليج الفارسي وتحديداً السعودية الغارقة بصراعات داخلية بدأت تطفو على السطح خاصة بعد تدهور الحالة الصحية للملك السعودي وعودة النزاع على من الاجدر بخلافته. فلا تريد هذه الدول أطفاء النار السورية التي اشعلوها في الوقت الراهن على اقل تقدير. فأوعزت هذه الاطراف لممثليها في المعارضة السورية بمقاطعة منتدىموسكو.
اضافة الى ذلك الدور الامريكي في محاولة لسحب البساط من اي جهد روسي لحل الازمة السورية واصباغ اي حراك روسي بالفشل المسبق لتظهر نفسها,اي امريكا, انها مازالت القوة العظمى ولا حل لاي مشكلة بدون جهودها في سعي لتثبيت غطرستها على المنطقة خصوصاً والعالم عموماً .
في النهاية بدأ واضحاً ان منتدى موسكو الذي يشكل دعوة واضحة وصريحة للتشاور ومن دون شروط مسبقة والتمهيد لخطوات لاحقة قد يكون بينها مؤتمر حوار سوري- سوري فقط. سيشكل فضيحة للعديد من الدول والمعارضين الذين كانوا يناشدون الحل السياسي والحوار إلا أن هدفهم الحقيقي كان ويبقى السطو على السلطة من خلال «حوار شكلي» يسمى «حلاً سياسياً» يحققون خلاله ما عجزوا عن تحقيقه من خلال إرهابيين مرتزقة على الأرض.
وهذا ما أكده حديث بعض المعارضين عن المبادرة الروسية و مبادرات أخرى ووساطات متعددة والتوقع بانها فاشلة قبل بدئها كل ذلك يدل على احد امرين اما انهم يريدون فعلا افشال اي مبادرة واما انهم لا يفقهون العمل السياسي وهذه احدى المصائب التي اصابت سورية.
