الوقت – بموجب القوانين الدولية، تحظى المرافق والمدنيون العزّل بالحماية، ويجب أن يظلوا بمنأى عن أي استهداف عسكري. إلا أنه، ومنذ الوهلة الأولى لانطلاق العدوان الصهيوني، أصبح الأمر جليًا أن المواطنين العاديين والمرافق السلمية شكّلت الأهداف الرئيسة لکيان الاحتلال في سياق هذه الحرب.
لقد شُنَّ الهجوم على مجموعة من الأبنية السكنية في مناطق متنوعة من طهران، بهدف اغتيال قادة عسكريين بارزين، وهو الأمر الذي يعتبر الخطوة الأولى من سلسلة الجرائم التي ارتكبها الصهاينة في استهداف المرافق غير العسكرية، وأسفر ذلك عن استشهاد وجرح المئات من الأبرياء. وفي هذه الجرائم، تعرضت عشرات الأرواح الطاهرة من النساء والأطفال لقسوة الأهداف الصهيونية.
ومع مرور الزمن، زاد الاحتلال من تصعيد هجماته على المناطق غير العسكرية. ففي اليوم الأول من الاعتداء، كانت ضربة موجعة قد وجهت إلى منظمة التأهيل الاجتماعي في قصر شيرين بمحافظة كرمانشاه، حيث أسفرت تلك العملية عن استشهاد أحد العاملين وإصابة آخر بجراح فادحة، مما ألحق أضرارًا جسيمةً بهذا المركز الحيوي.
كما تلقت مدرسة ثانوية للبنات في المنطقة الثالثة من طهران ضربةً بواسطة الطائرات الإسرائيلية المسيرة، مما ألحق بها أضرارًا فادحةً. وفي ذات اليوم، تعرضت مجموعة من المباني غير العسكرية في مدن مختلفة لموجات من الهجمات العشوائية لطائرات العدو، مما أسفر عن استشهاد وجرح عدد من المواطنين.
في اليوم الثاني، تضافرت الأهداف لتشمل المراكز النووية والعسكرية، ولم تقتصر على ذلك، بل تم استهداف البنية التحتية للطاقة، حيث تعرض معمل تكرير الغاز في المرحلة الـ 14 من حقل "بارس" الجنوبي لقصف الطائرات المسيرة، مما خلّف انفجارًا مدويًا أدى إلى حرائق واسعة النطاق. فضلًا عن ذلك، كان معمل فجر جم، الذي يعالج جزءًا من الغاز المنتج من بارس الجنوبي وحقول نار وكنکان، ضحيةً لهجمات الطائرات المسيرة، مما أفضى إلى وقوع حادث مؤلم فيه.
المراكز الصحية والعلاجية جزء من أهداف الصهاينة
وكما كان الکيان الصهيوني قد تجرأ على إدراج المراكز العلاجية في قائمة أهدافه خلال حروب غزة، فإنه كرّر هذه الجريمة في إيران مرارًا وتكرارًا. ففي اليوم الثاني من الهجمات، تعرض مستشفى "الحكيم" للأطفال في طهران لقذيفة صهيونية، لكن هذا الاعتداء لم يُسفر عن سقوط أي ضحايا.
وفي اليوم الثالث، قام الجيش المحتل باستهداف مستشفى فارابي في كرمانشاه، مما أدى إلى أضرار جسيمة في أقسام متفرقة من المستشفى. وقد أسفر هذا الهجوم عن تضرر العديد من المعدات الطبية وتحطم الزجاج، ما أثر سلبًا على صحة المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في تلك الأقسام.
وفي اليوم الرابع، استهدفت القوات المعادية مصنع "كيميا دارو" في شرق طهران، وهو المصنع المسؤول عن إنتاج الأدوية، حيث زعم العدو أنه يهاجم مرافق عسكرية. وقد أدت هذه الهجمة إلى نشوب حريق في أجزاء من الشركة، مما يعكس حجم الانتهاكات الصارخة التي ارتكبها الکيان الصهيوني ضد البنية التحتية الحيوية والخدمات الصحية.
المراكز الإعلامية والعلمية في قائمة أهداف تل أبيب
يسعى الکيان الصهيوني، الذي لا يهدف إلا إلى تحقيق المزيد من الضحايا وفرض خسائر جسيمة في المناطق المستهدفة، إلى عدم استثناء أي مكان. وحتى المراكز العلمية والإعلامية أصبحت ضحيةً للأهداف التي يضربها الاحتلال.
في هذا السياق، أعلن سعيد خطيب زاده، مدير مكتب الدراسات في وزارة الخارجية الإيرانية، أن الکيان الصهيوني قد استهدف عمدًا وبوحشية مبنى وزارة الخارجية المجاور لمؤسسة الدراسات السياسية والدولية، وخصوصًا المكتبة التابعة لهذه المؤسسة، مما ألحق بها أضرارًا.
لكن ذروة همجية الکيان الصهيوني، ظهرت في الهجوم على مبنى إذاعة وتلفزيون الجمهورية الإسلامية، حيث وقع الهجوم يوم الاثنين الماضي إثر إطلاق صاروخ دمّر أجزاءً من المكتب الرئيسي لهذه المؤسسة، مما أدى إلى نشوب حريق واسع. وقد أسفر هذا الاعتداء عن استشهاد شخصين وإصابة عدد من الإعلاميين.
إن استهداف المناطق السكنية والبنية التحتية غير العسكرية في مختلف المدن الإيرانية، هو بمثابة دليل واضح على انتهاك سافر لحقوق الإنسان ومبادئ الحرب. إن هذا العمل الهمجي لا يشكّك فقط في شرعية ادعاءات قادة تل أبيب، بل يكشف مجددًا عن الطابع العدواني لهذا الکيان أمام المجتمع الدولي.
أهداف تل أبيب من الهجوم على المراكز غير العسكرية
إن النمط المعروف لاستهداف المدنيين، يظهر بوضوح أن أهداف الکيان الصهيوني تتجاوز مجرد النزاعات العسكرية، بل تصبّ في سياق تنفيذ حرب مركبة ومتعددة الأبعاد ضد إيران.
الهجوم على المناطق غير العسكرية لا يمثّل فقط انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي ومبادئ الإنسانية في أوقات النزاع، بل يدل أيضًا على تغيير تكتيكي واضح نحو الحرب النفسية وممارسة ضغط متعدد الجوانب على إيران.
إن الغرض من هذه الهجمات هو خلق حالة من الرعب والفوضى بين الناس العزل، وذلك لإضعاف الروح المعنوية العامة وتقليل قدرة التماسك الداخلي. كما أن استهداف المصافي وخطوط الطاقة والمنشآت الخدمية، يهدف إلى إحداث خلل في مسار الحياة اليومية للمواطنين، مما يفضي إلى تقليص الكفاءة الاقتصادية وتحميل إيران أعباءً ضخمةً من أجل إعادة الإعمار.
يسعى الکيان الصهيوني من خلال استهداف البنى التحتية الحيوية، إلى زعزعة دورة الخدمات العامة وإذكاء السخط الاجتماعي. كما يمثّل الهجوم على مكتب الإذاعة والتلفزيون كأحد الرموز الإعلامية للبلاد، محاولةً لإسكات الصوت الرسمي الإيراني وتقليص القدرة على الإعلام، في مواجهة السرد الأحادي الذي يروِّج له الکيان الصهيوني في وسائل الإعلام الغربية.
إن استمرار هذه السلوكيات يعكس عجز الکيان، وطابعه الإرهابي، وعدم اعتقاده بالأسس الإنسانية وحقوق الإنسان. وتحدث هذه التصرفات في الوقت الذي تعتبر فيه الهجمات على الأهداف غير العسكرية، جريمة حرب بموجب الاتفاقيات الدولية.
کما أن تكرار مثل هذه الاعتداءات يدل على الطبيعة المتهورة، والخارجة عن القانون، والمزعزعة للاستقرار للکيان الصهيوني في المنطقة، کيانٌ لجأ إلى الوسائل الإرهابية وغير الإنسانية بعد الفشل في ميادين المعارك المباشرة.