الوقت - لا شك أن التطورات الميدانية السورية تعكس حقيقة القوة على الساحة في سوريا. فالجيش يقترب من إنهاء معركة تدمر لصالحه، وهو ما سيعكس نتائج إيجابية في عددٍ من المناطق الأخرى. في حين يجري الحديث عما بعد تدمر، أي الرقة ودير الزور. فماذا في أخبار معركة تدمر؟ وكيف ستؤثر على مجريات الأحداث في سوريا والعراق؟
تدمر في قبضة الجيش السوري
يواصل الجيش السوري وحلفاؤه، تقدمهم باتجاه مدينة تدمر وسط البلاد من محورين رئيسيين بعد تحرير القلعة القديمة والدخول إلى الأحياء الغربية من المدينة الأثرية. وسيطرت الوحدات العسكرية على حي العامرية الواقع شمال غرب تدمر إثر اشتباكات مع مسلحي تنظيم "داعش" أسفرت عن وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، كما يتقدم الجيش السوري انطلاقاً من محورين رئيسيين لحسم معركة تدمر، وهما محور العامرية شمالي غرب المدينة، ومحور مجمع الفنادق جنوبي غرب المدينة، بعد تراجع التنظيم إلى الأحياء الداخلية التي زرعها بالعبوات الناسفة وجهز السيارات المفخخة لإعاقة تقدم الجيش السوري. وفي معلومات خاصة نقلتها "إذاعة النور" اللبنانية، فإن تنظيم داعش قام ليلاً بسحب كل عائلات مسلحيه باتجاه دير الزور تمهيداً للهروب الكبير والهزيمة في تدمر. وقد تمكنت الوحدات العسكرية من قطع طريق الرقة ـ تدمر بالنيران بالتزامن مع تحليق 5 مروحيات هجومية للجيش الروسي فوق طريق الرقة ـ دير الزور لقطع إمدادات وتحركات تنظيم "داعش" عبر هذا الطريق من الجو. واستطاعت القوات السورية فرض سيطرتها بالنار على تدمر بعد تحرير القلعة الاثرية، أمس، في ظل تغطية نارية أمنتها المروحيات السورية من الجو.
وكانت قوات الجيش قد استعادت بلدة العامرية شمال تدمر بدعم من الطائرات الروسية، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي تنظيم داعش الإرهابي بحسب ما أعلن التلفزيون الرسمي السوري. وأفادت وسائل الإعلام السورية أن الجيش استعاد قلعة شركوح (قلعة ابن معن) الواقعة على تل بعلو 159 مترا، وتشرف على آثار تدمر ومواقعها الإستراتيجية. وذكرت الوكالة أن "وحدات من الجيش نفذت عمليات مكثفة باتجاه البساتين الجنوبية حققت خلالها تقدما كبيراً باتجاه المدينة"، كما تجري اشتباكات ضارية في محيط مطار تدمر بالجهة الشرقية للمدينة. وذكرت أن وحدات من الجيش بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية تخوض اشتباكات عنيفة في محيط مطار تدمر بالجهة الشرقية للمدينة، تكبد خلالها تنظيم داعش خسائر كبيرة بالافراد والعتاد. بدورها، نقلت وكالة رويترز عن مصادر في المعارضة اعترافها، بأن قوات الحكومة السورية دخلت مدينة تدمر من عدة جبهات امس بدعم من ضربات جوية ونيران المدفعية. وأضاف أن القتال هو الأعنف حتى الآن في الحملة التي يشنها الجيش منذ ثلاثة أسابيع لانتزاع السيطرة على المدينة الصحراوية من مسلحي داعش.
تحرير تدمر يفتح طريق العراق والرقة ويعزل مسلحي القلمون
بعد عامٍ من سيطرة داعش عليها، تقترب قوات الجيش السوري وحلفائه من تحرير كامل مدينة تدمر الاستراتيجية في البادية السورية. ويتقدم الجيش غرباً باتحاه طريق حمص دمشق، حيث وصلوا الى بلدة القريتين التي أصبحت معبرا لتسلل عناصر من داعش نحو جبال القلمون وجرود عرسال. وهو ما يعني ميدانياً، مكاسب عديدة للجيش السوري والحلفاء، تتخطى جغرافيا المعركة، بل تصل في آثارها للعراق. وهنا نشير للتالي:
- أشارت مصادر مطلعة بحسب ما نقلت صحيفة العهد اللبنانية، أنه ومن خلال الإلتفاف العسكري الذي قام به الجيش السوري وحلفاؤه متجاوزين القريتين والمسافات البعيدة التي تفصلها عن تدمر، وقيامهم بالتركيز على مجموعات التلال والهضاب المحيطة بالمدينة والتي تتحكم بممراتها ومداخلها، تم عزل داعش عن قواعده في الشرق السوري، وبالتالي قطع الإمداد والتموين والتذخير عنه، الأمر الذي يشكل عليه خطراً لوجستياً، مما يعني أن بقاء عناصر التنظيم الإرهابي في تلك المنطقة أصبح بحكم المنتهي، مع تحرير تدمر.
- وهنا يقول المحللون بأن هذا الواقع سينعكس سلباً على الجماعات المسلحة في جبال القلمون وفي داخل عرسال، كما سيضعف المجموعات التابعة لجبهة النصرة والتي طلب بعضها الإنسحاب إلى ادلب قبل فترة وجيزة سبقت انقطاع الإتصال الحالي بينها وبين الجهات العسكرية والأمنية التابعة للدولة السورية وحلفائها.
- من الجهة الأخرى، سيكون لتحرير تدمر تأثيرات كبيرة على معركة دير الزور، وسوف يفتح تحرير تدمر الباب واسعاً أمام استعادة مدينة دير الزور وحتى الحدود العراقية. وهنا يقول الخبراء بأن هذا الأمر يعني إعادة فتح خط من لبنان الى العراق، وبالتالي تأمين خاصرة حمص الشرقية وخاصرة دمشق، عند مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية في الصحراء.
- ولأن الآثار الميدانية ستكون في صالح الجيش السوري، فإن تحرير هذه الخطوط يعني استعادة حقول النفط السوري في الشرق، وتأمين محطات الغاز في بادية حمص. وسيكون الهدف الثاني بعد دير الزور، الرقة والتي يمكن له التقدم نحوها من ثلاثة محاور بالتعاون مع الوحدات الكردية، تمهيدا للمرحلة الحاسمة والتي تقول مصادر مطلعة بأنه سوف يتم دفع داعش الى العراق، حيث ستعمل قوات الجيش العراقي مع الحشد الشعبي على دفعها للتوجه نحو الحدود العراقية السعودية.
- مراجع ميدانية نقلت بحسب صحيفة العهد اللبنانية، أن معركة تدمر، ستشكل نموذجاً سيتم تطبيقه في كل من دير الزور والرقة بسبب الطبيعة الجغرافية الواحدة للشرق السوري. واشارت المراجع إلى ان معركة تدمر أخذت حيزاً كبيراً من الوقت بسبب وضع المدينة التاريخي والأثري، وحفاظاً على المعالم الأثرية للمدينة. في حين أكدت المصادر أن هذا الوضع الحذر والدقيق الذي يُكبل العمل الميداني والعسكري في عملية تحرير مدينة تدمر لا ينطبق على دير الزور والرقة حيث ستكون يد الطيران الروسي والسوري طليقة أكثر ولديها إمكانيات للمناورة أكبر وهذا ايضاً ينطبق على سلاح المدفعية والمشاة.
إذن يجري العمل على دفع داعش للنهاية الحتمية. في وقتٍ بدأ الجيش السوري يتحضر لما بعد تدمر. خصوصاً أن هذه المعركة تجري على أرض أثرية، في حين ستنتهي قريباً، لتنطلق القوات نحو دير الزور والرقة، وهو ما يعني الوصول الى الحدود العراقية. وهنا فإن المستقبل فقط يُحدد التطورات والتي تبقى رهن مجريات الأحداث. فيما يمكن القول بأن وجهة سير المعارك والنتائج، باتت واضحة.