الوقت – طلب المقرر الخاص لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة احمد شهيد مؤخرا من المسؤولين الايرانيين ايقاف احكام الاعدام قائلا ان عدد هذه الاحكام يرتفع في ايران مع العلم بأن معظم هؤلاء المحكوم عليهم بالاعدام هم من تجار المخدرات ومرتكبي اعمال القتل، وهنا يتبادر الى الذهن سؤال حول دوافع احمد شهيد، فهل هو قلق على حقوق الانسان ام يريد تكرار الاتهامات القديمة ضد ايران؟
ان ايران تعتبر فقط احدى الدول التي فيها احكام اعدام وان الدول الغربية التي تدعو الى وقف الاعدام في ايران لها تاريخ مخيف في مجال تنفيذ احكام الاعدام وعمليات ابادة وما شابه ذلك ففي ايطاليا كانوا يدفنون المحكومين بالاعدام أحياء عبر انزالهم من جهة الرأس الى حفرة واهالة التراب عليهم وابقاء ارجلهم خارج الحفرة، وفي القرون الوسطى كانت الكنيسة في اوروبا تحرق من يخالفونها احياء، وفي اوروبا ايضا وخاصة في فرنسا بعد الثورة كانوا يقطعون رؤوس المحكوم عليهم بالاعدام بآلة المقصلة وفي بريطانيا كانوا يصلبون المحكوم عليهم بالاعدام بتهمة خيانة البلاد ويسحلونهم ويقطعونهم الى 4 اجزاء ويعرضون اجزاء اجسادهم المقطعة على جسر لندن.
اما امريكا التي تلوم الدول الأخرى على عقوبة الاعدام فهي في طليعة الدول التي تنفذ احكام الاعدام فعدد الذين ينتظرون تنفيذ عقوبة الاعدام بحقهم في السجون الامريكية بلغ 3088 شخصا في بداية شهر اكتوبر 2013 في وقت تقول منظمة العفو الدولية ان ايران اعدمت 369 شخصا في عام 2013.
وعندما نتحدث عن امريكا التي تتشدق بالحرية وحقوق الانسان وما شابه ذلك يجب ان نعلم بأن الشرطة الامريكية والمتعصبين الامريكيين يقتلون في كل 28 ساعة شخصا اسود دون محاكمة أو محكمة أو احتجاز أو تطبيق للقانون، ويضاف الى ذلك مقتل ألف شخص في اماكن احتجاز للشرطة الامريكية منذ عام 1999 حتى الان كما ينبغي ان نضيف ايضا 100 شخص آخرين قتلوا في معتقلات الجيش الامريكي في افغانستان والعراق خلال هذه الفترة.
ان تاريخ امريكا مليء بعمليات التعذيب وان احد اهداف الشرطة الامريكية هو الحفاظ على التمييز الطبقي في المجتمع ومراقبة الشرائح التي تعتبرهم الحكومة الامريكية خطرين ولذلك ليس غريبا ان لانشهد ادانة حتى شرطي امريكي واحد في امريكا بسبب قتل 500 أسود وآسيوي في المعتقلات الامريكية.
ان الاحصائيات تشير إلى ان امريكا هي الدولة الوحيدة في مجموعة الدول الثماني التي أعدمت مواطنيها في عام 2011، وفي مجموعة الدول العشرين ايضا نجد ان امريكا هي من الدول التي نفذت احكام الاعدام في العام الحالي الى جانب السعودية والصين، اما في منظمة الامن والتعاون الاوروبية التي تضم 56 دولة بينهم امريكا نجد ان بيلاروسيا وامريكا هما فقط الدولتان اللتان نفذتا حكم الاعدام بحق مواطنيهما في عام 2011.
وتعتبر امريكا ايضا رائدة في مجال فرض عقوبات قاسية على مواطنيها حيث تحكم على اليافعين والقصر بالسجن المؤبد دون امكانية العفو عنهم وقد عارضت امريكا لوحدها قرارا أمميا يقضي بوقف اطلاق مثل هذه الاحكام في مقابل موافقة 185 دولة وذلك في عام 2006.
اما فيما يتعلق بطرق تنفيذ الاعدام في امريكا فحدث ولاحرج، فالامريكيون يتفننون في طرق الاعدامات وهناك الكرسي الكهربائي وحقن الهواء وغرف الغاز السام أو الغاز الخانق على غرار جرائم النازيين في المانيا الذين كانوا ينفذون جرائم ابادة في غرف الغاز، وتعتبر السلطات الامريكية الحقنة السامة افضل طريقة لاعدام المواطنين وهناك 37 ولاية امريكية تستخدم هذه الطريقة للاعدام و9 ولايات تستخدم الكهرباء و3 ولايات تستخدم غرف الغاز السام والشنق وولايتان تحكمان بالرمي بالرصاص.
ويبلغ متوسط فترات انتظار تنفيذ حكم الاعدام في امريكا 7.4 سنوات لكل شخص محكوم عليه بالاعدام وهناك من انتظر 39 سنة لتنفيذ حكم الاعدام بحقه وهو غري آلورد الذي دخل السجن في عام 1973 ومات فيه في عام 2013 بانتظار تنفيذ الاعدام بحقه.
وعندما نأتي على ذكر معاناة المواطنين السود في المجتمع الامريكي نجد مثلا ان هؤلاء الذين يبلغ عددهم 12 بالمئة من مجموع سكان ولاية تكساس يشكلون 40 بالمئة من عدد المحكوم عليهم بالاعدام في هذه الولاية.
ان الامعان في هذه الحقائق يقودنا نحو الاستنتاج بأن امريكا تعد اكبر منتهك لحقوق الانسان فيما يتعلق بعمليات الاعدام في العالم لكن لماذا لايقوم احمد شهيد وباقي المنظمات الانسانية الدولية بتسليط الضوء على امريكا والغرب فهل من الممكن ان هناك دوافع لدى هؤلاء في التركيز فقط على الدول المعادية لامريكا والغرب أم ان هناك قضايا مثل شراء الذمم وما شابه ذلك؟ سؤال يبقى برسم المنظمات الدولية التي تعتبر نفسها للأسف مدينا لأمريكا والغرب بذرائع واهية.