الوقت - لا نهتم كثيرا بتصنيف حزب الله منظمة "إرهابية"، من قبل وزراء داخلية الدول العربية!، لاننا نعرف جميعا أن سياسات هذه الدول تطبخ في المطبخ الأمريكي بناء علی متطلبات حماية الكيان الإسرائيلي وخدمة المصالح الأمريكية. فعندما يصرح الكيان الإسرائيلي نفسه بأن قلقه الأساسي ينبعث من حزب الله، فمن الطبيعي أن تصدر مواقف عدائية من قبل الدول العربية بناء علی الأوامر الأمريكية ضد حزب الله. وهذا ما حدث بالتحديد قبل أيام عندما رأينا العرب يجتمعون ويصنفون حزب الله علی أنه منظمة إرهابية. الحقيقة انه موقف مخزٍ صدر عن العرب ضد حزب الله. فلو كان لهؤلاء شيء من الحياء لكانوا قد خجلوا من أنفسهم قبل أن يخجلوا من شعوبهم ولم يمرغوا كرامتهم بالتراب عبر إتهام حزب الله بالارهاب، هذا إن كان قد بقي حقا لزعماء الدول العربية التي صوتت علی تصنيف حزب الله بالارهاب، شيء من الكرامة في الاساس.
كيف علینا أن نفسر موقف العرب العدائي تجاه حزب الله عندما نسمع زعيمة حزب كاديما "تسيبي ليفني" والوزيرة الخارجية السابقة للکيان الإسرائيلي تصرح علنا بان قرار دول مجلس التعاون ضد حزب الله يعتبر أمرا مهما ودقيق بالنسبة لـ"إسرائيل". وكذلك فقد وصفت صحيفة معاريف الإسرائيلية بان القرار يعتبر إنجازا كبيرا لتل أبيب. بالاضافة الی ذلك فقد أعلنت القناة الإسرائيلية الاولی بعد إدراج حزب الله علی قائمة الإرهاب من قبل الدول العربية، أن هذه الدول باتت الیوم تقترب أكثر من اي وقت مضی من "إسرائيل" بسبب مواقفها ضد حزب الله. في حين رأت صحيفة جيروزالیم بوست أن قرار العرب سيزيد الضغوط علی حزب الله. ورأت الاطراف الإسرائيلية أن إلصاق تهمة الإرهاب بحزب الله من قبل العرب يعتبر تتويجا لمساعي الكيان الإسرائيلي الرامية الی كسب إعتراف رسمي من قبل الدول العربية بهذا الكيان، بعد حديث "نتانياهو" الاخير عن العلاقات التي تربط تل أبيب بالكثير من الدول العربية بشكل سري.
إذن عندما نری الإسرائيليين يصرحون علنا بان قرار تصنيف حزب الله من قبل الدول العربية بانه إرهابيا، يعتبر إنجازا مهما للإسرائيليين وخدمة مجانية لتل أبيب، فهل سيبقی مجالا للشك أن هذا القرار ليس بصالح الكيان الإسرائيلي؟. الجواب واضح وهو: كلا.
كيف يمكن لنا كشعوب عربية وإسلامية أن نقبل هذا التصنيف بان حزب الله هو حزب إرهابي، بينما يعتبر هذا الحزب أشرس أعداء الكيان الإسرائيلي، بناءً علی ما قدمه الحزب للأمة الإسلامية في حروبه ضد الكيان الإسرائيلي، وكذلك بناءً علی إعترافات الأمريكيين والإسرائيليين أنفسهم. إذن عندما يكون الكيان الإسرائيلي مصدرا للإرهاب حسب إعتقاد جميع الشعوب العربية والإسلامية، فكيف يمكن أن تسمي الدول العربية حزب الله بانه إرهابي وهو لا يدخر جهدا لكبح الإرهاب الإسرائيلي؟. نحن لا نعتقد أن الشعوب العربية تعتبر حزب الله إرهابيا، بل علی العكس من ذلك في حال هدأت ماكنة الإعلام العربي الطاحنة والمحرضة ضد حزب الله، لرأينا عشرات ملايين العرب يهتفون للسيد حسن نصرالله ويعلنون إستعدادهم للانضمام الی صفوف حزبه ضد الکيان الإسرائيلي.
قبل أيام تحدثت وكالة اسبوتنيك الروسية عن زيارة سرية قام بها وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" برفقة "خالد الحميدان" رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الی الكيان الإسرائيلي. بالطبع هذه الزيارة لم تكن إلا من أجل القيام بمزيد من التنسيق بين الطرفين ضد خصوم الكيان الإسرائيلي، وما موقف السعودية الريادي في إلصاق تهمة الإرهاب بحزب الله إلا أول الغيث في مشروع العمل الاشتراكي مع الإسرائيليين علی حساب مصالح العالم الإسلامي والقضية الفلسطينية. ومن يتعمّق في الاحداث يری أن السعودية ومنذ زمن الملك فهد مرورا بالملك عبدالله وصولا الی الملك سلمان، دعت ولاتزال تدعو الی تطبيع العلاقات العربية مع الكيان الإسرائيلي عبر ما تعرف بمبادرة السلام.
إذن لقد أماطت الدول العربية اللثام عن وجهها الحقيقي وحقدها الدفين ضد حزب الله، وتجاوزت في ذلك الدول الاوروبية التي فصلت بين الجناح السياسي والعسكري لحزب الله، عندما إتهمت الحزب ايضا بممارسة الإرهاب قبل أعوام. وها نحن الیوم أمام دول عربية تريد من شعوبها أن تشاطرها الرأي، بان حزب الله هو العدو وهو الذي يمارس الإرهاب!، وتدعو شعوبها الی الهرولة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي. فهل ستضيع القضية الفلسطينية الی الأبد كما حذر السيد "حسن نصرالله" قبل أسابيع نتيجة صداقة الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي؟. هذا ما نخشاه وما علینا إلا أن نعقد الأمل علی شعوبنا العربية لإفشال مخططات "قادة العرب" الرامية الی تفتيت قدرات فصائل المقاومة وعلی رأسها حزب لله. لكن يجب علینا في النهاية أن نتفائل خيرا بقرار العرب الاخير ضد حزب الله، لأنه يدل علی أن السعودية لم تعد تستطيع مواجهة حزب الله لوحدها رغم ما تمتلكه من أموال طائلة وماكنة إعلامية جبارة، ولهذا جيّشت معها جميع الدول العربية الاخری في سباقها الخاسر ضد حزب الله كما فشل قبلها الکيان الإسرائيلي في هذا السباق.