لا يحتاج المراقب للمشهد السوري والتطورات الاقليمية التي تشهدها المنطقة منذ اربع سنوات ، لكثير من العناء ليكتشف ان السعودية تتحمل المسؤولية الكبرى للمأساة التي يعيشها الشعب السوري منذ اربع سنوات ، فحقد النظام السعودي للحكومة السورية لا يقاس الا بالحق الاسرائيلي والتركي لسوريا ، فلولا الدعم السعودي للمجموعات الارهابية ومدها بالمال والسلاح والرجال ، لما وصلت الامور في سوريا والمنطقة الى ما وصلت اليه الان.
اما تصريحات بوغدانوف التي جاءت لتعضد الراي السائد بين الجميع من ان السعودية هي المسؤولة الاولى عن ما يحدث من سوريا ، وذلك بعد ان كشف بوغدانوف عن حوار جرى بينه وبين رئيس الاستخبارات السعودية السابق الامير بندر بن سلطان تضمن تهديدا قويا وصريحا من الامير بندر ، حيث قال لبوغدانوف بالحرف الواحد : "نريد تدمير هذا النظام العلوي في سوريا حتى لو جرى تدمير سوريا"!!.
هذا الكلام الاخرق الذي نطق به بندر يأتي متسقا من شخصيته النزقة والمتهورة والعنيفة ، كما يكشف هذا الكلام مدى تغلغل الطائفية في نفوس القيادة السعودية ، السياسية والدينية ، والتي تلتقي مع السياسة العنصرية للكيان الصهيوني ، في اهداف مشتركة وهي اشعال حرائق طائفية في المنطقة ، وضرب الامن والاستقرار في بلدانها ، وسلب الامن والامان من شعوبها ، وزجها في اتون الصراعات ، من اجل ديمومة اسرائيل ، واستمر الاسرة الحاكمة السعودية في الحكم لعقود اخرى.
التقارب الملفت في اليات واهداف السياستين السعودية والاسرائيلية ، اخذت تتكشف يوما بعد يوم ، حيث يتبادل مسؤولو الجانبين التصريحات والغزل المتبادل حول ضرورة السلام وتجاوز مرحلة الصراع ، كما يتم تسريب اخبار عن زيارات ولقاءات تجري بين المسؤولين في السعودية والكيان الصهيوني ، لتعزيز التعاون المشترك لمواجهة "خطر" ايران وسوريا وحزب الله ومحور المقاومة ، على النظامين السعودي والصهيوني.
واخر الاخبار التي يتم تسريبها عبر الاعلام ، عن التعاون الحاصل بين السعودية واسرائيل ، هو الخبر الذي ذكرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، (إسرائيل اليوم)، والذي كشفت فيه عن زيارة قام بها مؤخرا رئيس جهاز "الموساد" الاسرائيلي تامير باردو، للسعودية ولقائه في الرياض بنظيره السعودي.
وأشارت الصحيفة إلى أن التعاون بين السعودية وإسرائيل الذي ظل لسنين طويلة يتم في الخفاء وتحت الطاولة، بات الآن يطفو على السطح.
وفي ذات السياق قال يهشوع تتيالباوم، الباحث في "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية" في جامعة "بار إيلان" إن التقاء المصالح بين السعودية وإسرائيل يمكن أن يفضي إلى قيام الرياض بتقديم مساعدات مهمة لإسرائيل .
واوضح إن السعوديين سيواصلون التعاون مع إسرائيل بقدر ما يتطلب أمنهم القومي، محذراً من أن القيادة السعودية ستكون حذرة جداً في علاقاتها مع تل أبيب، على اعتبار أن أحد مرتكزات الشرعية للنظام السعودي تتطلب حالة عداءٍ مع إسرائيل!!.
وأضاف تتيالباوم أن النظام السعودي يقدم نفسه كمدافع عن الإسلام، وهذا لا يمكِّنه من السماح بخروج التعاون مع إسرائيل إلى العلن، علاوة على أنه من الممكن أن يوقف هذا التعاون في حال مسَّ بصورة السعودية أمام العالم الإسلامي.
يُذكر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قد دأبت في الآونة الأخيرة على نشر تقارير تتصل بالعلاقة المتنامية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لكن الأخيرة تتجاهلها بشكل دائم.
اما المصلحة التي تربط السعودية باسرائيل ، فهي مصلحة القضاء على محور المقاومة ، الذي يرى فيه النظامان السعودي والاسرائيلي ، خطرا محدقا بهما ، لذلك بات من الضروري ان تطفو هذه العلاقة على السطح ، بعد ان انكشفت جميع اوراق اللعبة ، ولم يعد هناك شيئا خافيا يمكن ان يتم التستر عليه ،فالسعودية واسرائيل يناصبان العداء لايران وسوريا وحزب الله وفصائل المقاومة الاسلامية في فلسطين ، ويناصران في المقابل المجموعات التكفيرية في سوريا والعراق ولبنان والمنطقة ، والانظمة الاستبدادية مثل النظام البحريني ، كما يرتبط النظامان عضويا بالمصلحة الامريكية.
كل نقاط الالتقاء هذه بين السعودية واسرائيل ، جعلت المسؤولين في السعودية اكثر جرأة في الاعلان عن تقارب المصالح مع اسرائيل ، ولا هدف اكبر الان يمكن ان يجمع السعودية واسرائيل ، كهدف تدمير سوريا ، والقضاء على حزب الله ، وبالتالي اخضاع المنطقة كليا لارادة امريكا واسرائيل.
ولكن من جانب اخر ، يكشف الكلام على المكشوف بين المسؤولين السعوديين والاسرائيليين عن وجود تنسيق امني بينهم ، عن مدى يأس واحباط محور الانبطاح ، وضعفه وعجزه عن مواجهة محور المقاومة ، لذلك اضطر الانبطاحيون ان يسقطوا اخر اوراق التوت التي عليهم وان يستجدوا الكيان الصهيوني ليقيم معهم علاقات سياسية وامنية ارضاء للسيد الامريكي ، على امل انقاذهم من مصيرهم المحتوم ، وهذا الاداء الانبطاحي يمكن تلمسه وبشكل واضح في اداء النظامين في السعودية والبحرين.
بقلم: سامح مظهر