الوقت:لم تمر أحداث الاعتداء على الجيش المصري في سيناء "الشيخ زويد" مرور الكرام، حيث طرح البعض مجدداً وبسبب "الخطر الحمساوي" المشروع الصهيوني القديم- الجديد الذي يقضي بحفر قناة مائية على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، بغية منع حفر الأنفاق التي يتم من خلالها عمليات التهريب إلى شبه جزيرة سيناء .
صحيفة “هآرتس الإسرائيلية ” نقلت خطة السلطات المصرية ، التى تقضي بحفر قناة مائية تمتد على طول 14 كيلومترا، وبعرض 3 إلى 5 كيلومتر، وبعمق 50 متر، على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة ، الأمر الذي يتطلب عمليات إخلاء للسكان، لكن السؤال الذي يطرح نفسة: من يقف وراء هذه الخطة المصرية؟ ومن المستفيد الاكبر منها؟
كانت اتفاقية "كامب ديفيد" بمثابة القشة التي قسمت ظهر الامة العربية، وألقت بظلالها على مصر جديدة نسفت تاريخها الناصري الشريف، ورسخت مشروعية وجود قوات أجنبية على أرض عربية طالما ان هذه القوات تحمل الشارة الأميركية وتحمي الكيان الصهيوني، فتحول الوطن العربي إلى ساحة تتمركز فيها القواعد الأميركية وميدان تدريب واختبار للأسلحة الأميركية واصبح مباحا لإجتياحات العدو الصهيوني وطلعاته الجوية التي تتنزه في أجوائه ليلا نهار دفاعا عن وجوده الذي أقرته المعاهدة بشرعية، كما جعلت كامب ديفيد العلاقة بين مصر وسيناء ليست علاقة دولة بأرضها التي لاتتجزء عنها. اذاً، المصريون جربوا وذاقوا مرارة ذل الأمريكيين وهم يجاورون الكيان الإسرائيلي خاصة بعد اتفاقية الذل، فلماذا تتجاهل القيادة المصرية المسلمين الفلسطينيين وتبادر إلى إغلاق معبر رفح الذي يعد رئة قطاع غزة، ومن بعدها اقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع القطاع، ومؤخراً اقامة قناة مائية، وربما الأتي أعظم؟
يؤكد الخبراء الإستراتيجيون أن حفر القناة حل غير عملي ولا يغني عن إقامة المنطقة العازلة على الحدود مع غزة، كما تعزز القناة المائية الامن القومي الاسرائيلي بشكل كبير لانها ستمنع اية هجمات من سيناء باتجاة اسرائيل خاصة بعد ضرب كافة الأنفاق التي تعتبر ممر السلاح الوحيد للمقاومة القلسطينية.
وعن ذلك قال، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة الدكتور مختار الحفناوي: إن إقامة قناة مائية بين مصر وفلسطين، يعد فصلاً لرفح الفلسطينية عن رفح المصرية وهو ما يعد أمرا غير مقبول، لأنه يصب في صالح الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أن إقامة قناة مائية بين مصر وفلسطين ليس أمرا جديدا وفقًا لما حدث في الشيخ زويد ولكنها خطة طرحها الكيان الصهيوني على الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في عام 2004.
وتابع “الحفناوي”: “مبارك كان يريد ان يطبق ذلك المخطط الصهيوني، لكن مشايخ سيناء رفضوا وقتها، موضحًا أن طرح إنشاء حاجز مائي بين غزة وفلسطين هو أمر مرفوض تمامًا، خاصة أنه لن يقضي على الإرهاب ولن يحل الأزمات سوى أنه ينفذ مخططا صهيونيا قديما.
فيما أوضح أستاذ جامعة عين شمس الدكتور منصور عبد الوهاب،أن المقترح بشأن إنشاء قناة مائية بين مصر وغزة هو مقترح غير جيد في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن القضاء على الإرهاب في سيناء يتمثل في القيام بإخلاء البيوت وهدم الأنفاق، ومن ثم التفكير في جدار عازل أو شريط مائي وغيرها من تلك الحلول.
وأكد أن إنشاء شريط مائي ، سيكون من شأنه تهجير أهل سيناء، وهو مطلب صهيوني يحقق مصالح الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ولا يقضي على الإرهاب مثلما يتخيل البعض، بل يدخل الكيان الصهيوني في الحدود بين مصر وفلسطين.
من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور محمود سلمان، إن إنشاء شريط مائي هو أمر مكلف للغاية، خاصة وسط الأزمات الاقتصادية التي نمر بها، مشيرًأ إلى أن تهجير أهل سيناء لن يحل الأزمة، وإنما سينشر الإرهاب في مصر كلها. وتابع: “الدولة دائمًا تتجه إلى الحل الذي يرفضه الجميع ، دون النظر والاستماع إلى بقية الحلول المقترحة والتى من الممكن أن تدفع البلاد إلى الأمام”.
اذاً، علينا ان نعرف أن الكيان الصهيوني هو من يقف وراء هذا المخطط، وهو صاحب الفكرة الأساسية لانشاء هذه القناة لعدة أسباب أبرزها:
1- القناة ستكون بمثابة حاجز بين مصر وفلسطين، وهذا يصب في خدمة الهدف الاسرائيلي بعزل غزة عن محيطها العربي والاسلامي.
2- ضرب البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية المتمثلة بالأنفاق.
3- مانع مائي يحمي الكيان الصهيوني في حال تعرضه لهجوم من قبل القوات المصرية.
4- مورد مائي يستخدم في تنمية النقب، وبعض العمليات الحيوية في مفاعل ديمونا ومراكز البحث الاسرائيلية.
5- سيكون للمشروع تأثير سلبي على الأراضي ومياه الآبار الصالحة للشرب خاصة أن قطاع غزة يعاني من أزمة مياه حادة، وسيكون الجفاف مصيره بحلول الخمس سنوات المقبلة، وفق تقرير بثته القناة العاشرة الإسرائيلية.
6- تتلاقى هذه القناة مع الخطة الامريكية الاسرائيلية التي تقضي باقتطاع جزء من أراضي سيناء المصرية لتوسيع مساحة قطاع غزة وتحريك حدوده باتجاه قناة السويس بهدف بناء وطن للفلسطينيين، أي بمثابة اجراء بديل عن حق العودة.
ختاماً، السيسي مرة اخرى يضع نفسه مجدّداً في مواجهة الشعب المصري، فبعد قرار تهجير سكان رفح من منازلهم واقامة منطقة عازلة تخدم الكيان الصهيوني وتحقق مطالبه في إخلاء المناطق الحدودية في سيناء تحت حجة منع العمليات الارهابية، يطرح المشروع المصري الجديد(القناة المائية) الذي لا يخلو من البصمات الصهيونية ويضرب القضية الفلسطينية في الصميم، فالقناة المائية تعتبر جائزة للكيان الصهيوني بكل ما للكلمة من معنى.
