الوقت- وسط حالة من الذهول وموجة من السخط والغضب استقبل الشعب المصري ومعه بقية الشعوب الحرة في العالم قرار محكمة جنايات شمال القاهرة القاضي بتبرئة دكتاتور مصر و الرئيس الاسبق حسني مبارك وعدد من ازلام نظامه من قتل المتظاهرين ابان الثورة التي اطاحت بعرشه المتهاوي في يناير عام 2011.
فالشارع المصري كان ينتظر اقصى العقوبة على من افسد الحياة السياسية والاقتصادية في بلاده طيلة اكثر من ثلاثة عقود مضت؛ ذاق خلالها هذا الشعب اقسى الويلات وتجرع ابشع انواع القمع والتعذيب وتكميم الافواه واستباحة الاعراض والحرمات على ايدي جلادين لم تعرف قلوبهم الرحمة ازاء هذا الشعب الصامد.
فالحكم الذي اصدرته المحكمة في القضية المعروفة إعلاميا باسم "محاكمة القرن" وبرأت من خلاله مبارك وفلول نظامه من جرائم القتل وقضايا فساد تتصل احداها ببيع الغاز الطبيعي المصري للكيان الصهيوني الغاصب باسعار زهيدة واخرى تتعلق بقبول عطايا من رجل أعمال مقابل استغلال نفوذه؛ هذا الحكم لم يكن يصدر لولا تواطئ القضاة مع الطغاة الذين سفكوا دماء الشعب واذاقوه العذاب طيلة حكمهم القمعي البائس ضمن اجراءات امنية تعسفية وقعت تحت طائلة حكم الطوارئ وضيقت الانفاس على المصريين.
والمتتبع للمشهد المصري منذ ثورة يناير وحتى الآن يدرك بوضوح مدى الظلم الذي نال هذا الشعب الذي انتفض ضد المستبدين لنيل الحرية والعزة والكرامة والانعتاق من ليل الديكتاتورية البغيضة التي مارسها بحقه فرعون مصر وزمرته التي تسلطت على رقاب هذا الشعب بالحديد والنار الى ان تمكن من طردهم بثورته العملاقة التي اذهلت العالم والتي قدم خلالها ثلة من ابنائه دماءهم الزكية في ساحة التحرير بالقاهرة والمحافظات المصرية الاخرى.
وبعد قرار المحكمة المحبِط والمخيب للآمال كما وصفته أُسر الشهداء المصريين بتبرئة مبارك وعدد من اركان نظامه يتساءل المرء عما ستؤول له الاحداث في مصر، فهو لا يكاد ان يصدق ان تذهب دماء هؤلاء الشهداء سدىً لمجرد ان المحكمة مسيّسة وليست قانونية، فهذه الدماء التي سكبت على منحر الحرية والمطالبة بالحقوق المشروعة وتغيير الواقع الفاسد لابد ان تثور من جديد حتى يعود الحق لأهله ويُمحَق الظالمون وإن طال الزمن. واذا لم يكن الامر كذلك، فلماذا إذن ثار هذا الشعب واسقط نظام مبارك الطاغوتي وفي فترة قصيرة رغم كل محاولات النظام الاجرامية في ممارسة القمع الذي لا يوصف.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ان قتل المتظاهرين امام مرأى العالم اجمع وبقية الجرائم التي ارتكبها نظام مبارك تمت على يد عناصر الشرطة والاجهزة الامنية ولا علاقة لها بالنظام وبقياداته السياسية والعسكرية ام ان هذه الجرائم كانت تنفذ بأوامر صادرة من هذه السلطات؟ والجواب معروف قطعا بأنها كانت تنفذ استجابة لتلك الاوامر ولهذا لا يمكن التنصل من مسؤوليتها. كما لا يمكن لأي جهة قضائية تبرئة اصحابها الا ان تكون هذه الجهة مرتبطة بأجندة سياسية مشبوهة ومنافع مادية لا علاقة لها بالقضاء ولا بمصالح الشعب المصري المشروعة لا من بعيد ولا من قريب.
واللافت في الامر والذي يؤكد بوضوح ان القضاء المصري مسيّس هو البون الشاسع بين الحكم الذي صدر بحق الرئيس السابق محمد مرسي و حسني مبارك. فمرسي كان رئيسا منتخباً من قبل الشعب ولم يدم حكمه اكثر من سنة ولكنه حُكِم بالاعدام ازاء انتهاكات لا تعد شيئأ امام جرائم نظام مبارك، ومع ذلك تم تبرئة الاخير وباقي ازلامه ومن بينهم نجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعدیه.
والحقيقة التي يعرفها القاصي والداني هي ان نظام مبارك كان يتلقى الدعم والتأييد من قبل الكيان الصهيوني طيلة فترة حكمة مقابل الخدمات الكبيرة التي كان يقدمها له هذا النظام ومنها بيعه الغاز المصري باسعار زهيدة وغلقه معبر رفح لتضييق الخناق على الفلسطينيين في قطاع غزة وتواطئه مع هذا الكيان في شن حروبه الوحشية على القطاع من خلال تقديم المعلومات له عن تحركات المقاومة الفلسطينية، اضافة الى مساعيه الحثيثة في حشد القرار السياسي لبعض الانظمة العربية لصالح هذا الكيان عبر ما يسمى بمفاوضات التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة الامريكية المدافع الاصلي عما يسمى ( أمن اسرائيل ) وقد صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً بقوله " ان مبارك يشكل عمقا استراتيجيا لاسرائيل ".
والامر المهم الآخر الذي لابد من التأكيد عليه في هذا الخصوص ان قرار تبرئة مبارك وعدد من رموز نظامه من دماء المتظاهرين وجه اساءة كبيرة لثورة يناير ومثّل محاولة مكشوفة ومفضوحة للطعن بشرعية هذه الثورة التي قلعت اركان النظام الطاغوتي المتفرعن، والا بماذا يمكن ان نفسر تبرئة المجرم و الدکتاتور من دم الضحية اذا لم تكن المحكمة التي اصدرت الحكم مسيسة وغير قانونية؟! وهل يجب ان تحاكم الضحية لانها ثارت على نظام يعد بنظر هذه المحكمة ليس قمعياً ولا جلاداً ؟!!!
ويعتقد بعض المراقبين ان مبارك ورموز نظامه كان من المفترض ان يحاكموا على جرائمهم التي لا تعد ولا تحصى في شتى المجالات وليس الجرائم الجنائية فقط، لان المحاكمة الجنائية تتيح لهم فرصة التحايل على القضاء عبر تغييب الادلة الثبوتية وهذا ما حصل بالفعل لان الاجهزة التي كانت معنية بجمع هذه الادلة وهي الشرطة والنيابة العامة، كانت جزاء من نظام مبارك وبالتالي لا يمكن ان تكون خصماً وحكماً في الوقت ذاته، خصوصا وان فريق الدفاع عن مبارك كانت لديه الخبرة الكافية في هذا المجال، وهذه هي المعضلة الحقيقية.
ولكن يجب القول ان الشعب المصري الذي استطاع بثورته العظيمة الاطاحة بنظام مبارك لا يمكن ان يختار السكوت على قرار المحكمة، و سيقف بشموخ وجرأة لاعادة الحق الى نصابه كي ينال المجرمون جزاءهم العادل في محكمة الشعوب التواقة الى العدل والحرية والعيش بعزة وكرامة بعيداً عن هيمنة الطواغيت وحماتهم الساديين من قوى شريرة تلبست زيفا وظلما بلباس الدفاع عن الحرية والديمقراطية، وهي في الحقيقة من ألد اعداء الانسانية وابشع قاهريها رغم ادعاءاتها المزيفة بالدفاع عن حقوق الانسان.
وستبقى الدماء الزكية لشهداء ثورة يناير مشعلا ينير الطريق للشعب المصري الصابر والمقاوم حتى تحرير بلاده من ربقة الاستعباد والاستعمار، واعادتها الى موقعها الاساس الذي يرفض كل الوان التبعية للغرب والصهاينة الغاصبين.
ويعتقد المراقبون ايضاً ان صدور حكم البراءة لمبارك وزمرته سيكون له اصداء سلبية على الشارع المصري، وسيزيد من حالة الاحباط والاحتقان السياسي، وربما سيكون له مردود غير متوقع في مقبل الايام.
وتجدر الاشارة الى ان اكثر من ۸۴۶ شخصاً قتلوا اثناء الثورة الشعبية في ۲۰۱۱ التي استمرت ۱۸ يوماً، واثمرت عن ازاحة كابوس نظام مبا
فالشارع المصري كان ينتظر اقصى العقوبة على من افسد الحياة السياسية والاقتصادية في بلاده طيلة اكثر من ثلاثة عقود مضت؛ ذاق خلالها هذا الشعب اقسى الويلات وتجرع ابشع انواع القمع والتعذيب وتكميم الافواه واستباحة الاعراض والحرمات على ايدي جلادين لم تعرف قلوبهم الرحمة ازاء هذا الشعب الصامد.
فالحكم الذي اصدرته المحكمة في القضية المعروفة إعلاميا باسم "محاكمة القرن" وبرأت من خلاله مبارك وفلول نظامه من جرائم القتل وقضايا فساد تتصل احداها ببيع الغاز الطبيعي المصري للكيان الصهيوني الغاصب باسعار زهيدة واخرى تتعلق بقبول عطايا من رجل أعمال مقابل استغلال نفوذه؛ هذا الحكم لم يكن يصدر لولا تواطئ القضاة مع الطغاة الذين سفكوا دماء الشعب واذاقوه العذاب طيلة حكمهم القمعي البائس ضمن اجراءات امنية تعسفية وقعت تحت طائلة حكم الطوارئ وضيقت الانفاس على المصريين.
والمتتبع للمشهد المصري منذ ثورة يناير وحتى الآن يدرك بوضوح مدى الظلم الذي نال هذا الشعب الذي انتفض ضد المستبدين لنيل الحرية والعزة والكرامة والانعتاق من ليل الديكتاتورية البغيضة التي مارسها بحقه فرعون مصر وزمرته التي تسلطت على رقاب هذا الشعب بالحديد والنار الى ان تمكن من طردهم بثورته العملاقة التي اذهلت العالم والتي قدم خلالها ثلة من ابنائه دماءهم الزكية في ساحة التحرير بالقاهرة والمحافظات المصرية الاخرى.
وبعد قرار المحكمة المحبِط والمخيب للآمال كما وصفته أُسر الشهداء المصريين بتبرئة مبارك وعدد من اركان نظامه يتساءل المرء عما ستؤول له الاحداث في مصر، فهو لا يكاد ان يصدق ان تذهب دماء هؤلاء الشهداء سدىً لمجرد ان المحكمة مسيّسة وليست قانونية، فهذه الدماء التي سكبت على منحر الحرية والمطالبة بالحقوق المشروعة وتغيير الواقع الفاسد لابد ان تثور من جديد حتى يعود الحق لأهله ويُمحَق الظالمون وإن طال الزمن. واذا لم يكن الامر كذلك، فلماذا إذن ثار هذا الشعب واسقط نظام مبارك الطاغوتي وفي فترة قصيرة رغم كل محاولات النظام الاجرامية في ممارسة القمع الذي لا يوصف.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ان قتل المتظاهرين امام مرأى العالم اجمع وبقية الجرائم التي ارتكبها نظام مبارك تمت على يد عناصر الشرطة والاجهزة الامنية ولا علاقة لها بالنظام وبقياداته السياسية والعسكرية ام ان هذه الجرائم كانت تنفذ بأوامر صادرة من هذه السلطات؟ والجواب معروف قطعا بأنها كانت تنفذ استجابة لتلك الاوامر ولهذا لا يمكن التنصل من مسؤوليتها. كما لا يمكن لأي جهة قضائية تبرئة اصحابها الا ان تكون هذه الجهة مرتبطة بأجندة سياسية مشبوهة ومنافع مادية لا علاقة لها بالقضاء ولا بمصالح الشعب المصري المشروعة لا من بعيد ولا من قريب.
واللافت في الامر والذي يؤكد بوضوح ان القضاء المصري مسيّس هو البون الشاسع بين الحكم الذي صدر بحق الرئيس السابق محمد مرسي و حسني مبارك. فمرسي كان رئيسا منتخباً من قبل الشعب ولم يدم حكمه اكثر من سنة ولكنه حُكِم بالاعدام ازاء انتهاكات لا تعد شيئأ امام جرائم نظام مبارك، ومع ذلك تم تبرئة الاخير وباقي ازلامه ومن بينهم نجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعدیه.
والحقيقة التي يعرفها القاصي والداني هي ان نظام مبارك كان يتلقى الدعم والتأييد من قبل الكيان الصهيوني طيلة فترة حكمة مقابل الخدمات الكبيرة التي كان يقدمها له هذا النظام ومنها بيعه الغاز المصري باسعار زهيدة وغلقه معبر رفح لتضييق الخناق على الفلسطينيين في قطاع غزة وتواطئه مع هذا الكيان في شن حروبه الوحشية على القطاع من خلال تقديم المعلومات له عن تحركات المقاومة الفلسطينية، اضافة الى مساعيه الحثيثة في حشد القرار السياسي لبعض الانظمة العربية لصالح هذا الكيان عبر ما يسمى بمفاوضات التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة الامريكية المدافع الاصلي عما يسمى ( أمن اسرائيل ) وقد صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً بقوله " ان مبارك يشكل عمقا استراتيجيا لاسرائيل ".
والامر المهم الآخر الذي لابد من التأكيد عليه في هذا الخصوص ان قرار تبرئة مبارك وعدد من رموز نظامه من دماء المتظاهرين وجه اساءة كبيرة لثورة يناير ومثّل محاولة مكشوفة ومفضوحة للطعن بشرعية هذه الثورة التي قلعت اركان النظام الطاغوتي المتفرعن، والا بماذا يمكن ان نفسر تبرئة المجرم و الدکتاتور من دم الضحية اذا لم تكن المحكمة التي اصدرت الحكم مسيسة وغير قانونية؟! وهل يجب ان تحاكم الضحية لانها ثارت على نظام يعد بنظر هذه المحكمة ليس قمعياً ولا جلاداً ؟!!!
ويعتقد بعض المراقبين ان مبارك ورموز نظامه كان من المفترض ان يحاكموا على جرائمهم التي لا تعد ولا تحصى في شتى المجالات وليس الجرائم الجنائية فقط، لان المحاكمة الجنائية تتيح لهم فرصة التحايل على القضاء عبر تغييب الادلة الثبوتية وهذا ما حصل بالفعل لان الاجهزة التي كانت معنية بجمع هذه الادلة وهي الشرطة والنيابة العامة، كانت جزاء من نظام مبارك وبالتالي لا يمكن ان تكون خصماً وحكماً في الوقت ذاته، خصوصا وان فريق الدفاع عن مبارك كانت لديه الخبرة الكافية في هذا المجال، وهذه هي المعضلة الحقيقية.
ولكن يجب القول ان الشعب المصري الذي استطاع بثورته العظيمة الاطاحة بنظام مبارك لا يمكن ان يختار السكوت على قرار المحكمة، و سيقف بشموخ وجرأة لاعادة الحق الى نصابه كي ينال المجرمون جزاءهم العادل في محكمة الشعوب التواقة الى العدل والحرية والعيش بعزة وكرامة بعيداً عن هيمنة الطواغيت وحماتهم الساديين من قوى شريرة تلبست زيفا وظلما بلباس الدفاع عن الحرية والديمقراطية، وهي في الحقيقة من ألد اعداء الانسانية وابشع قاهريها رغم ادعاءاتها المزيفة بالدفاع عن حقوق الانسان.
وستبقى الدماء الزكية لشهداء ثورة يناير مشعلا ينير الطريق للشعب المصري الصابر والمقاوم حتى تحرير بلاده من ربقة الاستعباد والاستعمار، واعادتها الى موقعها الاساس الذي يرفض كل الوان التبعية للغرب والصهاينة الغاصبين.
ويعتقد المراقبون ايضاً ان صدور حكم البراءة لمبارك وزمرته سيكون له اصداء سلبية على الشارع المصري، وسيزيد من حالة الاحباط والاحتقان السياسي، وربما سيكون له مردود غير متوقع في مقبل الايام.
وتجدر الاشارة الى ان اكثر من ۸۴۶ شخصاً قتلوا اثناء الثورة الشعبية في ۲۰۱۱ التي استمرت ۱۸ يوماً، واثمرت عن ازاحة كابوس نظام مبا