الوقت- رغم إعلان "الهيئة العليا" للمفاوضات المجتمعة في الرياض، يوم الأربعاء، أنها أجلت الى یوم الخميس قرارها بشأن الدعوة الموجهة اليها للمشاركة في مفاوضات "جنيف-3" ، إلا أن كفّة المشاركة ترجح حالياً بشكل كبير، رغم محاولتها الإستفادة من الهامش الزمني القصير للمناورة بأكبر صورة ممكنة.
الحقيقة هذه أوضحها المتحدث باسم وفد الرياض "سالم المسلط" الذي أكّد أن "اجتماع المعارضة السورية سيستأنف المباحثات عند الساعة العاشرة من صباح الخميس"، موضحاً للصحافيين "ان الهيئة العليا للمفاوضات لا يمكنها ان تأخذ قرارا قبل أن تتسلم ردودا من المبعوث الخاص للامم المتحدة "ستيفان دي مستورا" الذي وجه الثلاثاء دعوات للمشاركة في المفاوضات. يتوقف ردنا، سواء كان ايجابيا او سلبيا، على رد السيد دي مستورا" الذي من المتوقّع أن يصلهم الليلة.
لا تنحصر النقاط الخلافية في "جنيف-3" بجدول الأعمال أو مصير الرئيس "بشارالأسد"، بل يستطع نجم المكوّن الكردي حالياً في المفاوضات إثر إشتداد الخلاف بشأن مشاركتهم في الاجتماع، فالدعوة موجهة إلى مجلس سوريا الديمقراطي فقط، إضافةً إلى بعض الشخصيات الكردية المستقلة وأخرى منضوية تحت راية الائتلاف السوري المعارض والمتمثل في المجلس الوطني الكردي، الذي يقف على النقيض من حزب الاتحاد الديمقراطي.
إستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي الأكثر تنظيماً وحشداً في المناطق الكردية شمال شرق سوريا، جاء إثر "فيتو" تركي حيث أعرب رئیس الوزراء "أحمد داود أوغلو" عن رفض أنقرة مشارکة الأکراد السوریین من حزب "الاتحاد الدیموقراطي" في محادثات السلام حول سوریا بشکل قاطع. وقد أوضح "أوغلو" أمام نواب حزبه "نرفض بشکل قاطع حضور حزب الاتحاد الدیموقراطی و وحدات حمایة الشعب (الجناح العسکري لحزب الاتحاد الدیموقراطي) حول طاولة المفاوضات"، مذکراً بأن حکومته تعتبر هاتین الحرکتین المقربتین من حزب العمال الکردستاني "إرهابیتین".
التعنّت التركي واجهه "شبه إصرار" روسي على مشاركة من يمثلون تقريباً حوالي الـ15% من سكان سوريا، حيث أعرب وزير الخارجية الروسي عن قناعته بأن مفاوضات سلام سورية لا يشارك فيها الأكراد السوريون، لن تؤدي إلى أي نتائج، وأضاف "عدم توجيه الدعوة إلى الأكراد سيمثل خطراً هائلاً، لكننا لن نستخدم حق الفيتو". كلام "لافروف" يؤكد أن لا نية لدى روسيا لعرقلة المفاوضات حتى لو إستبعد منها المكوّن الكردي في بداية الأمر، إلا أن هذا الإستبعاد لن يدوم طويلاً حيث ترجّح العديد من المصادر "إلحاق الوفد الكردي في "جنيف-3" في حال لم یحضر إفتتاحيّة المفاوضات" المقرر عقدها في جنيف يوم الجمعة المقبل، والتي يتوقع ان تستمر لـ 6 اشهر.
وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس" أعلن، نقلاً عن "دي ميستورا"، أن الأكراد غير مدعوين، ما يعني إضافةً إلى الضبابية السياسية في سويسرا، تغيّرات ميدانية في سوريا. الضبابية السياسية تتعلّق بإستبعاد مكون سياسي وعسكري وشعبي وازن على الأراضي السورية، إضافةً إلى تعارضها مع القرار الدولي رقم 2254 الذي يؤكد أن "الدعوات إلى المعارضين لحضور المفاوضات، يجب أن تكون انطلاقاً من تركيبة المشاركين في اللقاءات التي عقدت في القاهرة وموسكو والرياض ومدن أخرى".
وأما على المستوى الميداني، ففي حال إستبعاد الأكراد، وتحديداً حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الأكثر تنظيماً وحشداً في المناطق الكردية السورية، قد يؤدي هذا التهميش إلى ردّة فعل عكسية تتعلّق بـ:
أولاً: مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، فإن هذا الإستبعاد السياسي سيؤدي إلى إستبعاد ميداني من الأكراد أنفسهم عبر الحد من مواجهاتهم لتنظيم داعش، وربّما يستفيد التنظيم الإرهابي من هذه النقطة تحديداً لإيجاد هدنة "غير معلنة" مع الأكراد، خاصّة في حال إستعار وطيس الحرب عليه، كما هو متوقّع.
ثانياً: كيف لمفاوضات يعد قتال داعش أحد أبرز نقاطها الرئيسية أن تستثني المكوّن الكردي الذي يخوض معارك ضارية مع التنظيم الإرهابي؟ ألا یعتبر حزب "الاتحاد الدیموقراطي" من أبرز القوى، التي تقاتل تنظیم "داعش" في سوریا، وقد تمکن مقاتلوه في العام المنصرم من إخراج عناصر التنظيم الإرهابي من مدینة عین العرب (کوباني) الحدودیة مع ترکیا ومساحات واسعة في شمالي البلاد؟
ثالثاً: ألا يعد هذه الأمر، محفزّاً لأكراد سوريا بالسير نحو الإنفصال والإستقلال، وهذا ما تخشاه تركيا وترفضه سوريا؟ ولعل غض الطرف الأمريكي لناحية الأكراد يعود إلى هذه النقطة بالتحديد.
قطار "جنيف-3" سينتطلق رغم وجود العديد من المقاعد الخالية، فإضافةً إلى إستبعاد حزب الإتحاد الديمقراطي، رفض كل من أمين عام تيار "قمح" والرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية "مسد"، "هيثم مناع"، وعضو لجنة مؤتمر القاهرة "جهاد مقدسي"، حضور محادثات جنيف3. السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه حالياً، إضافةً إلى مصير المفاوضات، اذا كانت المعارضة أو المعارضات السورية تعيش حالة من التشرذم الشديد والخلافات المتفاقمة، فكيف لها أن تتفاوض مع الحكومة السورية، ناهيك عن تمثيل الشعب السوري أو إدارة البلاد؟