الوقت- عندما نتحدث عن العراقيين، لابد أن نشير الى أغلبية وأقلية، فلكل قاعدة استثناء، وهنا نتحدث عن القاعدة لا الاستثناء!
أبدأ من صلب الموضوع، وهو عدم ثقة أغلبية العراقيين بالتحالف الدولي المزعوم ضد الارهاب.. أخطر من ذلك أن كثير من العراقيين ينظرون الى هذا التحالف بعين الشك والريبة والخوف من أجنداته المعلنة وغير المعلنة، خاصة وان لهذا الشعب ـ العراقي ـ تجربة مرّة مع الأميركي على مدى 8 او 9 أعوام (مطلع 2003 حتى نهاية 2011) وما قام به الجنرال "جي غارنر" في مكتب اعمار العراق وما قامت به السفارة الأميركية في عهد "نغروبونتي".. بل أن الريبة هذه تعود الى زمن الانتفاضة الشعبانية عام 1991، عندما سمحت أميركا التي كانت تدعو وعلى لسان رئيسها، بوش الأب، الى الانتفاضة ضد نظام صدام حسين، للنظام المقبور بسحق انتفاضة الجنوب وقامت بحماية انتفاضة الشمال الكردي!
سبحان الله، بعد نحو ربع قرن، يتكرر المشهد مع أختلاف طفيف بين المجرمين المعتدين، آنذاك كان دكتاتوراً يدعى صدام حسين واليوم تكفيريون وهابيون يدعون "داعش" وكلاهما ارهابيان من صنع أميركا بعد استنفاذ مآربها منهم..
لكن لماذا لايثق العراقيون، حتى على صعيد الحكومة والاجهزة والمؤسسات الرسمية، بما يسمى التحالف الدولي ضد الارهاب، فأن هذه الحقائق تبين الأسباب:
1. رغم اصرار الولايات المتحدة الأميركية على فرض معاهدة التعاون الاستراتيجي والأمني مع بغداد قبل خروجها من العراق، بل جعلت ذلك شرط انسحابها نهاية عام 2011، الا انها لم تقدم اي جهد تسليحي وتدريبي لرفع قدرات وامكانيات القوات المسلحة العراقية من اجل دحر الارهاب الذي كان قبل انسحابها وبقي واشتد بعده.. بالعكس رفضت جميع الطلبات التي تقدمت بها الحكومة العراقية السابقة برئاسة السيد نوري المالكي.
2. لم تتحرك أميركا والغرب ضد "داعش" الذي أحتل ثلث مساحة العراق الا بعد عندما أقترب التنظيم الارهابي من "أربيل" وهدد تواجدها الأمني ومصالحها الاقتصادية هناك.. وكأن العراق لايعنيها بأستثناء اقليم كردستان شبه المستقل.
3. يشعر العراقيون أن "داعش" سيف صنع في بلاد الاعراب بتقنية أميركية وحمالة تركية وقلد به شذاذ الآفاق وسلط على المكون الاكبر في العراق لترويضه وفرض صيغة تعايش عليه يكون هو الخاسر فيها لصالح المكونات الأخرى دائماً.. فالأرهاب في الجنوب والوسط لايعني شيئاً للأمركي حتى لو أتى على الألوف من المدنيين العزل في شهر واحد!
4. الارهاب الداعشي ـ البعثي مصدره الدول والكيانات الحليفة لأميركا في المنطقة، فالقيادات البعثية والسلفية وتكفيرية تتخذ من عمان عاصمة الاردن وتركيا والامارات وقطر والسعودية واربيل مقراً لها ولانشطتها الارهابية وادارة عملياتها المسلحة.
5. مشروع "جو بايدن" بتقسيم العراق الى ثلاثة اجزاء (كردي وسني وشيعي) وسياسة الادارة الاميركية في خلق مؤسسات ومشاريع انفصالية مستقبلية والتي تكرسها استراتيجية ما يسمى بالتحالف الدولي حيال الاكراد وتزويدهم بالسلاح الثقيل وتدريبهم بواسطة خبراء اجانب وتحريك قواتهم (البيشمركة) خارج حدود الاقليم والعراق بدون اي تنسيق مع الحكومة العراقية المركزية، وفرض صيغة نفطية فيما يتعلق بانتاج الاقليم ومحافظة كركوك.. ثم البرمجة لتكرار بعض السيناريو الكردي في المناطق الغربية ذات الاغلبية السنية تحت ذريعة المشاركة في دحر الارهاب وتشكيل "حرس وطني" خاص بالمحافظات الثلاثة...
6. العداء الفاضح الذي يبدونه (الأميركيون) لفصائل المقاومة الجماهيرية والحشد الشعبي الذي انبثق استجابة لنداء المرجعية في الدفاع عن العراق ضد الهجمة الارهابية الدموية الاخيرة.. هذا العداء الذي تجاوز مجرد التشويه الاعلامي والاستنفار السياسي للعملاء داخل وخارج العملية السياسية واستخدام الابواق الاقليمية والداخلية ضده، ليتحول الى عمل عسكري وقع في اكثر من موقع التحام مع الارهاب من قبل الحشد، فتم ضربهم بالطائرات حيناً وامداد الارهابيين الدواعش الذين امامهم بالسلاح والعتاد احياناً أخرى، تحت غطاء تحصل في كل معركة ومواجهة عسكرية!
7. المؤامرة الجديدة التي تقودها الحليف التاريخي لأميركا في المنطقة العربية بتخفيض سعر برميل النفط مما يقلل عائدات العديد من البلدان بنسبة 30% عما كانت عليه قبل شهور معدودة، وبنحو لم يقع منذ 4 سنوات، هذا الاجراء وان كان يستهدف بالاساس حسب خبراء غربيين ودوليين روسيا وايران، الا ان العراق الذي يخوض حرباً شرسة لتحرير ارضه من الاهاب أحد ابرز المتضررين فيها.. وبالطبع هذا الاجراء السعودي حصل بتوصية من سادة البيت الابيض.. بالضبط كما فعلت الكويت والسعودية والامارات بالعراق عام 1989 مع نهاية حربه التي شنها صدام حسين على ايران... والتي انتهت الى ما انتهت اليه من حصار للعراق واحتلال ونشر الارهاب في المنطقة.
8. فشل الضربات الجوية الغربية ضد الارهاب، او بتعبير أدق عدم جديتها في ضرب مواقع الارهاب، فلعلها تميز بين داعش في العراق وداعش في سوريا، وداعش في الموصل وداعش في الفلوجة وديالى، وفقاً لمقولة ارهابيين سيئين وآخرين طيبين!
فما حصدته بنادق ومدافع الحشد الشعبي الذي يعاني شحة في الامداد بالسلاح وانقطاع بالمرتبات وحتى قلة في الطعام، والجيش والقوات المسلحة العراقية لايمكن مقارنته بما فعلته مئات او الوف الطلعات الجوية التي لو حسبنا حصادها.. سيكون داعشي واقل من النصف في كل طلعة!!
هذه الطلعات التي تستنزف ميزانية العراق وحتى ثروات شعوب المنطقة المتحالفة انظمتها مع الغرب...
9. أمتناع بعض حلفاء أميركا الرئيسيين في المنطقة من المشاركة في تحالفها المعقود لواءه المتهرئ ضد الارهاب.. للحد الذي يتحدث بعضهم صراحة عن ضرورة الابقاء على الارهاب لانه الخيار الوحيد امام "الحكومات السنية" في المنطقة والسد الوحيد امام محور المقاومة وامتداد الهلال الشيعي!
10. حديثها الصريح ودون مواربة عن مشروع اقليمي جديد يرسم مستقبل المنطقة التي عجزت "سايكس ـ بيكو" عن رسمها بشكل جيد!
مشروع وفق تصوراتها ورؤيتها، يقطع يد النفوذ الروسي، ويحد من انتشار قيم الثورة الاسلامية الايرانية، ويقضي على اي تحرك وفعل تحرري عروبي وانساني حقيقي، لتؤمن لمدللتها "اسرائيل" الأمن والأمان والتفوق والسيادة على جيرانها (الحلفاء قبل الاعداء!) الذين شغلتهم عن فلسطين والقدس والاقصى بالارهاب ومعالجاته التي ستمتد لسنين طويلة قد تكون ثلاثة عقود كما قال أحدهم!
وفي ضوء كل هذه المعطيات القائمة، كيف نتوقع من العراقيين أن يثقوا بالتحالف الدولي ضد الارهاب وبأميركا راعيته وزعيمته، وبأعضاءه كالسعودية والاردن والامارات والبحرين وقطر وتركيا الذين هم مصدر الارهاب في الشرق الاوسط والعالم.. وأن لا ينظر العراقيون اليه بعين الشك والريبة ولايكونوا على درجة من الحساسية ازاء التهديد الذي يواجهه قرارهم الوطني وارادتهم التي يحاول الاميركي وحليفه الاعرابي والعصمنلي ارتهانها...
أملنا كبير بالوعي الوطني والواعين من أبناء العراق بكافة مكوناته.. ولا أرى شيئاً يصعب على أحفاد ثورة التوابين والمختار وصاحب الزنج، وأبناء الرجال الذين صنعوا البطولات في معارك الشعيبة والملحمة ثورة العشرين قبل أقل من قرن من عمر التاريخ.
بقلم: علاء الرضائي
أبدأ من صلب الموضوع، وهو عدم ثقة أغلبية العراقيين بالتحالف الدولي المزعوم ضد الارهاب.. أخطر من ذلك أن كثير من العراقيين ينظرون الى هذا التحالف بعين الشك والريبة والخوف من أجنداته المعلنة وغير المعلنة، خاصة وان لهذا الشعب ـ العراقي ـ تجربة مرّة مع الأميركي على مدى 8 او 9 أعوام (مطلع 2003 حتى نهاية 2011) وما قام به الجنرال "جي غارنر" في مكتب اعمار العراق وما قامت به السفارة الأميركية في عهد "نغروبونتي".. بل أن الريبة هذه تعود الى زمن الانتفاضة الشعبانية عام 1991، عندما سمحت أميركا التي كانت تدعو وعلى لسان رئيسها، بوش الأب، الى الانتفاضة ضد نظام صدام حسين، للنظام المقبور بسحق انتفاضة الجنوب وقامت بحماية انتفاضة الشمال الكردي!
سبحان الله، بعد نحو ربع قرن، يتكرر المشهد مع أختلاف طفيف بين المجرمين المعتدين، آنذاك كان دكتاتوراً يدعى صدام حسين واليوم تكفيريون وهابيون يدعون "داعش" وكلاهما ارهابيان من صنع أميركا بعد استنفاذ مآربها منهم..
لكن لماذا لايثق العراقيون، حتى على صعيد الحكومة والاجهزة والمؤسسات الرسمية، بما يسمى التحالف الدولي ضد الارهاب، فأن هذه الحقائق تبين الأسباب:
1. رغم اصرار الولايات المتحدة الأميركية على فرض معاهدة التعاون الاستراتيجي والأمني مع بغداد قبل خروجها من العراق، بل جعلت ذلك شرط انسحابها نهاية عام 2011، الا انها لم تقدم اي جهد تسليحي وتدريبي لرفع قدرات وامكانيات القوات المسلحة العراقية من اجل دحر الارهاب الذي كان قبل انسحابها وبقي واشتد بعده.. بالعكس رفضت جميع الطلبات التي تقدمت بها الحكومة العراقية السابقة برئاسة السيد نوري المالكي.
2. لم تتحرك أميركا والغرب ضد "داعش" الذي أحتل ثلث مساحة العراق الا بعد عندما أقترب التنظيم الارهابي من "أربيل" وهدد تواجدها الأمني ومصالحها الاقتصادية هناك.. وكأن العراق لايعنيها بأستثناء اقليم كردستان شبه المستقل.
3. يشعر العراقيون أن "داعش" سيف صنع في بلاد الاعراب بتقنية أميركية وحمالة تركية وقلد به شذاذ الآفاق وسلط على المكون الاكبر في العراق لترويضه وفرض صيغة تعايش عليه يكون هو الخاسر فيها لصالح المكونات الأخرى دائماً.. فالأرهاب في الجنوب والوسط لايعني شيئاً للأمركي حتى لو أتى على الألوف من المدنيين العزل في شهر واحد!
4. الارهاب الداعشي ـ البعثي مصدره الدول والكيانات الحليفة لأميركا في المنطقة، فالقيادات البعثية والسلفية وتكفيرية تتخذ من عمان عاصمة الاردن وتركيا والامارات وقطر والسعودية واربيل مقراً لها ولانشطتها الارهابية وادارة عملياتها المسلحة.
5. مشروع "جو بايدن" بتقسيم العراق الى ثلاثة اجزاء (كردي وسني وشيعي) وسياسة الادارة الاميركية في خلق مؤسسات ومشاريع انفصالية مستقبلية والتي تكرسها استراتيجية ما يسمى بالتحالف الدولي حيال الاكراد وتزويدهم بالسلاح الثقيل وتدريبهم بواسطة خبراء اجانب وتحريك قواتهم (البيشمركة) خارج حدود الاقليم والعراق بدون اي تنسيق مع الحكومة العراقية المركزية، وفرض صيغة نفطية فيما يتعلق بانتاج الاقليم ومحافظة كركوك.. ثم البرمجة لتكرار بعض السيناريو الكردي في المناطق الغربية ذات الاغلبية السنية تحت ذريعة المشاركة في دحر الارهاب وتشكيل "حرس وطني" خاص بالمحافظات الثلاثة...
6. العداء الفاضح الذي يبدونه (الأميركيون) لفصائل المقاومة الجماهيرية والحشد الشعبي الذي انبثق استجابة لنداء المرجعية في الدفاع عن العراق ضد الهجمة الارهابية الدموية الاخيرة.. هذا العداء الذي تجاوز مجرد التشويه الاعلامي والاستنفار السياسي للعملاء داخل وخارج العملية السياسية واستخدام الابواق الاقليمية والداخلية ضده، ليتحول الى عمل عسكري وقع في اكثر من موقع التحام مع الارهاب من قبل الحشد، فتم ضربهم بالطائرات حيناً وامداد الارهابيين الدواعش الذين امامهم بالسلاح والعتاد احياناً أخرى، تحت غطاء تحصل في كل معركة ومواجهة عسكرية!
7. المؤامرة الجديدة التي تقودها الحليف التاريخي لأميركا في المنطقة العربية بتخفيض سعر برميل النفط مما يقلل عائدات العديد من البلدان بنسبة 30% عما كانت عليه قبل شهور معدودة، وبنحو لم يقع منذ 4 سنوات، هذا الاجراء وان كان يستهدف بالاساس حسب خبراء غربيين ودوليين روسيا وايران، الا ان العراق الذي يخوض حرباً شرسة لتحرير ارضه من الاهاب أحد ابرز المتضررين فيها.. وبالطبع هذا الاجراء السعودي حصل بتوصية من سادة البيت الابيض.. بالضبط كما فعلت الكويت والسعودية والامارات بالعراق عام 1989 مع نهاية حربه التي شنها صدام حسين على ايران... والتي انتهت الى ما انتهت اليه من حصار للعراق واحتلال ونشر الارهاب في المنطقة.
8. فشل الضربات الجوية الغربية ضد الارهاب، او بتعبير أدق عدم جديتها في ضرب مواقع الارهاب، فلعلها تميز بين داعش في العراق وداعش في سوريا، وداعش في الموصل وداعش في الفلوجة وديالى، وفقاً لمقولة ارهابيين سيئين وآخرين طيبين!
فما حصدته بنادق ومدافع الحشد الشعبي الذي يعاني شحة في الامداد بالسلاح وانقطاع بالمرتبات وحتى قلة في الطعام، والجيش والقوات المسلحة العراقية لايمكن مقارنته بما فعلته مئات او الوف الطلعات الجوية التي لو حسبنا حصادها.. سيكون داعشي واقل من النصف في كل طلعة!!
هذه الطلعات التي تستنزف ميزانية العراق وحتى ثروات شعوب المنطقة المتحالفة انظمتها مع الغرب...
9. أمتناع بعض حلفاء أميركا الرئيسيين في المنطقة من المشاركة في تحالفها المعقود لواءه المتهرئ ضد الارهاب.. للحد الذي يتحدث بعضهم صراحة عن ضرورة الابقاء على الارهاب لانه الخيار الوحيد امام "الحكومات السنية" في المنطقة والسد الوحيد امام محور المقاومة وامتداد الهلال الشيعي!
10. حديثها الصريح ودون مواربة عن مشروع اقليمي جديد يرسم مستقبل المنطقة التي عجزت "سايكس ـ بيكو" عن رسمها بشكل جيد!
مشروع وفق تصوراتها ورؤيتها، يقطع يد النفوذ الروسي، ويحد من انتشار قيم الثورة الاسلامية الايرانية، ويقضي على اي تحرك وفعل تحرري عروبي وانساني حقيقي، لتؤمن لمدللتها "اسرائيل" الأمن والأمان والتفوق والسيادة على جيرانها (الحلفاء قبل الاعداء!) الذين شغلتهم عن فلسطين والقدس والاقصى بالارهاب ومعالجاته التي ستمتد لسنين طويلة قد تكون ثلاثة عقود كما قال أحدهم!
وفي ضوء كل هذه المعطيات القائمة، كيف نتوقع من العراقيين أن يثقوا بالتحالف الدولي ضد الارهاب وبأميركا راعيته وزعيمته، وبأعضاءه كالسعودية والاردن والامارات والبحرين وقطر وتركيا الذين هم مصدر الارهاب في الشرق الاوسط والعالم.. وأن لا ينظر العراقيون اليه بعين الشك والريبة ولايكونوا على درجة من الحساسية ازاء التهديد الذي يواجهه قرارهم الوطني وارادتهم التي يحاول الاميركي وحليفه الاعرابي والعصمنلي ارتهانها...
أملنا كبير بالوعي الوطني والواعين من أبناء العراق بكافة مكوناته.. ولا أرى شيئاً يصعب على أحفاد ثورة التوابين والمختار وصاحب الزنج، وأبناء الرجال الذين صنعوا البطولات في معارك الشعيبة والملحمة ثورة العشرين قبل أقل من قرن من عمر التاريخ.
بقلم: علاء الرضائي