الوقت- صحيح أن هنالك لازالت فئة كبيرة من النخب والساسة في إيران تشكك بمصداقية الغرب و خاصة أمريكا، في مايخص التزام هولاء بتعهداتهم إزاء الإتفاق النووي، وأنه من الوارد ايضا أن تصدر عقوبات جديدة اخرى ضد طهران، من قبل هذه الاطراف بذرائع لا أساس لها من الصحة، مثل انتهاك بنود الاتفاق، في حال اختبرت إيران صواريخ دفاعية غير نووية وما شاكل هذه الامور، لكن رغم جميع هذه القضايا، فان الإتفاق النووي يمثل حتى هذه اللحظة إنتصارا كبيرا للدبلوماسية الإيرانية، التي تمكنت من كشف زيف جميع الاتهامات التي روجت ضد إيران خلال مايزيد على عقد من الزمن، لشيطنة برنامجها النووي. اليوم وبعد أن قبلت الدول الاوروبية ومعها أمريكا أن تنهي عقوباتها الإقتصادية التي فرضتها على الشعب الإيراني، خلال أعوام طويلة، من خلال فبركة واقع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، يصبح من الضروري على هذه الدول أن تجيب كيف تريد أن تعوض الشعب الإيراني بسبب تلك العقوبات القاسية، بعد أن اعترفت اليوم هذه الدول بان برنامج إيران النووي، كان من الاساس سلميا ولم يشكل في يوم من الايام خطرا على العالم؟. إذن ماذا يعني دخول البرنامج النووي حيز التنفيذ من قبل إيران والسداسية الدولية؟، وهل ستحترم الدول الموقعة على الاتفاق النووي، عهودها إزاء ايران، أم أنها ستنكص وتخرق عهودها في المستقبل القريب؟.
فی هذا المجال أجری موقع الوقت حوارا مع الدكتور "عزير جبر شيّال"، استاذ العلوم السياسة في الجامعة المستنصرية في العراق.
رأي الدكتور "عزير جبر شيّال" أن "دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ يؤكد على نقطة مهمة، وهي أن المجتمع الدولي إذا ما اتفق على فهم الآخر، فانه بالامكان التوصل معه الى حلول ازاء اعقد المشاكل واصعبها وذلك بشكل سلمي".
و أکد استاذ العلوم السیاسة بجامعة المستنصریة علی أن "الغرب أسهم منذ البداية في تعقيد موضوع النووي الايراني، إذ أن الأمر الواضح أن هذا البرنامج هو برنامج سلمي، لا يرمي الى تهديد أي أحد بقدر ما يرمي الى التوصل الى تنمية مستدامة، للارتقاء بمستوى الاقتصاد الإيراني واقتصادات المنطقة بالاتجاهات التي تمنع احتكار التكنولوجيا النووية من قبل دول بعينها".
واوضح "شيّال"، أن "الاتفاق يريد أن يثبت للعالم أن دولة كإيران تحترم نفسها لا تسعى لامتلاك السلاح النووي لاعتبارات شرعية وإنسانية، ومن هنا يصبح من الضروري لفت انتباه العالم تجاه بعض الكيانات التي تحاول أن تجعل من هذه التكنولوجيا ميدانا للتسلح العسكري، تهدد به الاخرين كما هو الحال بالنسبة للكيان الصهيوني".
وحول الخطر الذي بات يهدد منطقة الشرق الاوسط من قبل الكيان الإسرائيلي بسبب امتلاكه ترسانة هائلة من السلاح النووي، أوضح "شيّال": كما هو معروف فان الكيان الصهيوني يمتلك ترسانة هائلة من السلاح النووي، لا يحتاجها للاغراض السلمية والتنمية الاقتصادية، إنما يسعى هذا الكيان من خلال هذه الترسانة الهجومية، الاعتداء بها على الاخرين وليست هي حتى للردع كما يتصور البعض.
واوصی شيّال "الدول التي وقّعت الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تحترم نفسها وتحترم توقيعها وتجعل من هذا الإتفاق منطلقا جديدا لإعادة النظر في مجمل العلاقات الدولية والإقليمية.
وحول ضرورة تنمية العلاقات بين إيران ودول المنطقة بعد ثبوت سلمية البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات الإقتصادية عن إيران، أشار "شيّال"، أن "على الاطراف الاقليمية أيضا أن تفهم جيدا ان إيران هي دولة ساعية باتجاه التعاون وليس باتجاه الصراع، ولذلك فان الذي يريد أن يدخل المنطقة في صراعات عليه أن يتعظ من الماضي ويغيير سلوكه، لا أن يستمر باتهامات جزافا ضد إيران كما هو حاصل الآن من قبل بعض الدول الاقليمية، التي تتهم إيران بانها هي أساس الاثارة والقلق".
واضاف: على عكس ذلك، فان إيران تريد التهدئة والمنافع المتبادلة مع دول المنطقة ولا تريد العدوان، خاصة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية حظيت على قبول وتفهم دولي وما على الاخرين إلا يحذوا حذو المجتمع الدولي في التعامل مع إيران، لكي تستقيم العلاقات في هذه المنطقة.
وفي نهاية حديثه مع الوقت اتهم "شيّال" السعودية بانها "تنطلق اليوم في عدائها تجاه الدول الاخرى في المنطقة على اساس قاعدة إما أن تكون مؤمنا بالاسس السياسية والمذهبية الوهابية، وإما أن تكون عدوة لك"، موضحا أن "السعودية استقطبت في الآونة الاخيرة دول مثل جيبوتي والسودان في معسكرها باعطاء هذه الدول الرشی، لكي تقطع علاقاتها مع إيران وتصطف مع سياساتها ضد شعوب المنطقة".