الوقت- في كل يوم تُصدر المحاكم الاميريكة احكاماً تؤثر مجتمعة على عدة آلاف من المواطنين، في داخل الولايات المتحدة و في خارجها علی حد سواء، ولطالما كان المسؤولون الأمريكيون يلجأون إلى دعم "حق الشعوب في تقرير مصيرها" في إطار الدفع قدماً لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية. و لذلك ، وظفت الادارة الاميريکية كل إمكانياتها، المادية والعسكرية بهدف إثارة الفتن الطائفية والمذهبية والقومية، في أماكن عدة من العالم خدمة لأهدافها العدوانية والإستعمارية، وخاصة بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي، وإستطاعت أن تشعل حروباً أهلية في دول ومناطق عدة من العالم والوطن العربي، وما زالت مستمرة في هذا النهج حتى يومنا هذا و لايخفی علی احد ان العديد من الشخصيات البارزة في امريكا بدات تنتقد سياسات اوباما الخارجية . فهل تشرب امريكا من الکاس نفسه الذي شرب منه الاتحاد السوفياتي سابقا؟ وهل ينقلب السحر علی الساحر فترکب الولايات المتحدة الاميريکية قطار التقسيم؟ ام ان الحکومة الاميريکية ستعمل علی اخماد الاصوات المطالبة بذلك؟
بعد فوز الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية كرئيس للبلاد، دفعت طريقة معالجته لقضايا ، تتراوح بين إصلاح برنامج الرعاية الصحية وظهور تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) ، العديد من الاميريکيين إلى الاستياء من إدارته.و قد ادی برايهم الجمود القائم منذ فترة طويلة في واشنطن، للتساؤل عما إذا كانت ولاياتهم ستكون في وضع أفضل إذا انفصلت، وهي خطوة لم تقدم عليها أي ولاية على مدى 150 عاما منذ الحرب الأهلية الدامية التي أدت إلى إنهاء العبودية في الجنوب الأمريكي.لذلك تعالت أصوات أمريكية عديدة مطالبة بانفصال بعض الولايات الأمريكية عن الولايات المتحدة وكانت ولاية لويزيانا أول ولاية تُقدِم على هذه الخطوة ،وتلتها ولاية تكساس.
وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية ،أن أكثر من 100 ألف أمريكي قدموا طلبات التماس للبيت الأبيض للسماح لولاياتهم بالانفصال عن البلاد، وتشير الهيئة ان الطلبات قدمت على موقع "نحن الشعب" الإلكتروني التابع للبيت الأبيض.
وتضيف الإذاعة أن معظم الطلبات اقتبست السطور الأولى من وثيقة استقلال أمريكا عن بريطانيا، التي ذكر فيها مؤسسو الولايات المتحدة حقهم في "تفكيك الروابط السياسية" وتكوين دولة جديدة،متحدثين عن انتهاکات کبيرة للحقوق الاميريکية.
و قد وصل إجمالي عدد طلبات الالتماس بحسب تقرير الهيئة البريطانية إلى أكثر من 20 طلبا، من بينها طلب من ولاية تكساس جاء فيها:" لا تزال الولايات المتحدة تعاني صعوبات اقتصادية ناجمة عن إهمال الحكومة المركزية لعملية إصلاح هيكلية نظام النفقات المحلية والأجنبية، وإن المواطنين الأمريكيين يعانون انتهاكا صارخا لحقوقهم مثل "قانون تقويض الدفاع الوطني" و"إدارة أمن النقل". وبما أن ولاية تكساس تدعم الميزانية المتوازنة وتحتل المرتبة 15 من بين أكبر اقتصاديات العالم فإنه يمكن للولاية الانفصال عن دول الاتحاد وبذل كل ما لديها من قدرة لحماية حقوق مواطنيها في الحياة وإعادة تعزيز مفهوم الحريات وحقوق الإنسان وفقًا للأفكار والمعتقدات التي جسدها آباؤنا المؤسسون والتي لم يعد لها مكان في مفهوم الحكومة المركزية الفيدرالية." وقد بلغ عدد الموقعين عليه اکثر من 25 ألف شخص وهو العدد اللازم للحصول على رد رسمي من البيت الأبيض.
وفي سياق متصل كاليفورنيا التي تعتبر الولاية الأكثر تنوعاً في الولايات المتحدة، وتمثل التجربة الإجتماعية الأضخم في تاريخ البشرية، حيث تجلب أناساً ينتمون إلى مختلف الخلفيات لكي يتعايشوا معاً على نحو لا يمكن تصوره في بعض دول العالم، وکما اعتبرها بعض أصحاب النفوذ الأمريكيين، تحتاج إلى دستور جديد يحد من مبادرات الإقتراع ويجعل تمرير الميزانية أمراً أكثر سهولة، ويصر المفكرون على أن كاليفورنيا غير قابلة للحكم ولابد من تقسيمها إلى أكثر من ولاية، وهذا يتطلب بطبيعة الحال موافقة الحكومة الفيدرالية في واشنطن.
ومن الولايات المطالبة بالانفصال ايضا ولاية لويزيانا ومونتانا وداكوتا الشمالية وانديانا وميسيسيبي وكنتاكي وكارولينا الشمالية وألاباما وفلوريدا وجورجيا ونيوجرسي وكولورادو وأريغون ونيويورك.
و قد أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته "رويترز" ومؤسسة "إبسوس"علی 8952 شخصا من ولايات مختلفة أن ما يقارب ربع السكان لديهم استعداد للانسحاب من الاتحاد الأمريكي. واشار التقرير ان نحو 23.9 بالمائة من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون بقوة أو يميلون لتأييد فكرة انفصال ولايتهم، وعارض 53.3 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع. وأوضح الاستطلاع أن الدعوة إلى قطع العلاقات مع واشنطن تجاوز الأحزاب والمناطق فالجمهوريون وسكان الولايات الزراعية الغربية أكثر تقبلا للفكرة من الديمقراطيين وسكان الولايات الواقعة في شمال شرق الولايات المتحدة.
و في حديث له مع وکالة "فرنس برس" الفرنسية قال توماس نايلور البرفيسور السابق في الاقتصاد "إن الدولة الفيدرالية فقدت سلطتها المعنوية "وتساءل: "الإمبراطورية تنهار، أتريدون الغرق مع "التايتانيك" أو إيجاد حل آخر طالما أن ذلك ما زال أمرا ممكنا؟".
و اعتبر المتحدث باسم الحركة القومية في تكساس ديف موندي: "ان الانفصال هو ردنا الوحيد لأن الدولة الفيدرالية متفتتة ولم يعد ممكنا إصلاحها مع طريقة عمل النظام السياسي الحالي" مضيفا ان الولايات المتحدة الأمريكية قامت في الأصل على أساس ولايات مستقلة يربط فيما بينها دفاع مشترك ومصالح تجارية مشترکة، معربا عن أسفه لأن الدولة الفيدرالية اكتسبت بعد سنوات وسنوات سلطة مفرطة بنظره.
اذن فالسحر ينقلب علی الساحر، و وثيقة استقلال واشنطن عن بريطانيا اصبحت المسمار الاول الذي يدق في نعش الولايات المتحدة الاميريکية ، والقطار الذي حمل الاتحاد السوفياتي للتقسيم يتجه نحو الولايات المتحدة الاميريکية، والدولة "المطالبة" بحق تقرير الشعوب لمصيرها بنفسها مطالبة اليوم بالسماح لشعبها بتقرير مصيره بنفسه هذا حال الولايات المتحدة الاميريکية اليوم، و الاتي اعظم ...