الوقت- يسعى إقليم كردستان العراق الى إيجاد سياسة اقتصادية مستقلة عن الحكومة المركزية ليتمكن بموجبها من تصدير النفط والغاز الى تركيا ومنها الى أوروبا دون قيد أو شرط ودون الرجوع الى الحكومة المركزية أو أداء الرسوم المفروضة على تصدير النفط واحتكار النفط والغاز الموجود في الإقليم.
قام إقليم كردستان قبل أكثر من عامين بالتوافق مع تركيا لبناء مشاريع استثمارية ضخمة في مجال الطاقة حيث أبدى الإقليم رغبته في مد أنابيب لتصدير النفط والغاز الى أوروبا وتزويد تركيا أيضاً باحتياجاتها من الغاز الطبيعي والنفط الخام، الأمر الذي أثار غضب الحكومة المركزية وقلقها من أن تسعى إدارة الإقليم الى الانفصال، مما دعا حكومة الإقليم الى تقديم تطمينات للحكومة المركزية في بغداد وأبدت استعدادها لدفع مستحقات الحكومة المركزية من عائدات النفط.
وفي تطور لافت في العلاقات الاقتصادية بين إقليم كردستان العراق وتركيا، أعلن مستشار الأمين الاقتصادي في إقليم كردستان "بيوار خنسي" في 11 من كانون الأول الماضي، أن حكومة الإقليم تخطط لتصدير الغاز الطبيعي إلى تركيا بحلول نهاية العام 2016، وقال أن "حكومة إقليم كردستان تخطط لتصدير الغاز الطبيعي إلى تركيا بحلول نهاية العام المقبل 2016"، مؤكداً الى أن "الإقليم سيصدر يوميًا نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عبر تركيا وبإمكانه رفع الإنتاج إلى 20 مليار متر مكعب بحلول العام 2020".
وفي هذا السياق أشار مصدر مسؤول في كركوك يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي بأن إقليم كردستان باشر بمد خط أنانبيب لنقل الغاز الطبيعي والذي يمتد من حقل باي حسن في كركوك الي تركيا.
وقال المصدر بأن "فرقاً فنية وهندسية بدأت بمد خط أنابيب نقل الغاز و يمتد الخط من حقل باي حسن النفطي، الواقع قرب قضاء الدبس على بعد 55 كيلو متر شمال غرب كركوك، والذي فرض الإقليم سيطرته عليه بعد أحداث حزيران/يونيو العام الماضي. وهو ينتج أكثر من 180 الف برميل يومياً وتم ربطه بشبكة الأنابيب الممتدة من خورمال مروراً بكردستان الى تركيا".
وأشار الى أن "الفرق الفنية بدأت مد الخط الناقل للغاز بامتداد الخط النفطي ليتم نقل الغاز للسوق العالمي عبر تركيا وسد حاجة تركيا من الغاز المستخرج"، مؤكداً الى أن "العملية قد تستغرق أسابيع وأشهر لإكمالها ".
وفي حديث لعضو لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد "نجاة الحسين" مع وكالة أناتولي قال: "بعد التشاورات واللقاءات التي تمت بين مجلس الإدارة المحلية لكركوك والإدارة المحلية لأكراد العراق، تم البدء بمشروح إحداث خط الغاز." وأضاف أيضاً "من الناحية الفنية لا نستطيع بأن نتوقع متى سيتم الانتهاء من هذا المشروع".
وأشار الى أن الغاز الطبيعي المستخرج من حقل "باي حسن" الواقع في منطقة ديبيس شمال غرب كركوك يعتبر مورد اقتصادي هام لشعوب المنطقة، نحن سنحصل على حصة من عائدات تصدير الغاز المستخرج من هذه المنطقة. والمهم في نظر الشعب هو الفائدة التي ستعود عليهم من استخراج هذه المنابع الطبيعية المدفونة في باطن الأرض ولا يهم في نظرهم بأن هذا النفط المستخرج الى أي بلدٍ سيتم تصديره.
اللافت في الأمر هو أن إدارة الإقليم لم تعر إهتماماً للحكومة المركزية على الرغم من علمها بعدم رضى بغداد عن هذه الخطوة والتى بدورها يمكن أن تؤدي الى تأزم الوضع و توتير العلاقات مابين إدارة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد من جهة وبغداد وأنقرة من جهة أخرى, والتي هي أصلاً متوترة نتيجة تدخل تركيا عسكرياً في العراق دون موافقة بغداد.
سعي تركيا الى توسيع علاقاتها الاقتصادية مع إقليم كردستان العراق وخصوصاً في مجال الطاقة وتصدير النفط في هذه المرحلة الحرجة يعتبر انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وتدخلاً في شؤونه الداخلية هذا عدا تدخلها العسكري التي تسعى من خلاله فرض هيمنتها على نفط العراق بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي. إذ تسعى تركيا في هذه المرحلة الى إيجاد بديل عن الغاز الروسي في حال قامت روسيا بقطعه عنها بعد أن توترت العلاقات بين البلدين بشكل كبير على خلفية إسقاط أنقرة لمقاتلة روسية من طراز سوخوي24 في سوريا.
الخطوة التي قامت بها إدارة الإقليم بدخولها في حلف اقتصادي مع تركيا التي تعتبر ند لروسيا في الوقت الراهن هي متسرعة وغير مدروسة بشكل جيد؛ إذ يمكن أن تؤدي الى وضع الإقليم في خندق واحد مع تركيا أمام روسيا وتعتبره روسيا منافساً لها على تصدير الغاز لأوروبا عن طريق خط الغاز الذي يسعى الإقليم إلى مده عبر تركيا والذي سيكون بديلاً عن خط الغاز التي قررت روسيا مده عبر تركيا ومنه الى أوروبا وهذا الأمر حتماً لن يكون له عواقب جيدة ومن الممكن بأن يكون له آثار سلبية على الإقليم بشكل خاص والأكراد بشكل عام لأن روسيا ليست بوارد السماح لأحدٍ بأن ينافسها على دورها في تصدير الغاز لأوروبا وهذا الأمر يعتبر من الخطوط الحمراء والمحرمات بالنسبة لروسيا.
والسؤال الذي يطرح هنا هو هل ستستمر إدارة إقليم كردستان باللعب على حافة الهاوية ومجاراة الدول الكبرى أم أنها ستعرف حجمها وتعود إلى موقعها الطبيعي؟ هذا ماسوف نعرفة من خلال ردة فعل الدب الروسي لاحقاً.