الوقت- إن اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحماس، في حال إتمامه، سيكون هزيمة نكراء لنتنياهو؛ نتنياهو، الذي لم يكن يفكر إلا في تدمير المقاومة وتشريد الشعب واحتلال غزة، وتحدث عن إطلاق سراح الأسرى بالقوة، وتآمر مع ترامب للسيطرة الأجنبية على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا"، وقبل وقف إطلاق النار، بينما افشلت مقاومة الشعب تطهيره العرقي للشعب الفلسطيني، وفشلت خطته للتهجير القسري؛ لا يزال يعتبر حماس المسلحة عدوًا له، بل يتواصل مع الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار والتفاوض معها؛ سيمتنع عن احتلال غزة وإطلاق سراح الأسرى بالقوة، ولن تقبل حماس حتى بالوصاية الأجنبية على هذا القطاع.
نتنياهو، الذي دمر هيبة إسرائيل في هذه المعركة، وأوقع بها عامين من الحرب والتهجير، وأزمات أمنية ونفسية وسياسية-دبلوماسية واقتصادية، لن يكون بمنأى عن عواقبها. بالطبع، أحد السيناريوهات التي لا تزال قيد النقاش هو استئناف الحرب بعد إطلاق سراح الأسرى الصهاينة، الأمر الذي أثار الكثير من المخاوف؛ صحيح أن الأسرى الإسرائيليين كانوا أداة ضغط قوية في أيدي حماس، وكان بإمكان المقاومة المساومة معهم والحصول على تنازلات؛ لكن أعظم أصول حماس ليس الأسرى الإسرائيليين، بل القدرة على الحفاظ على وجودها؛ بالنسبة لنتنياهو، لم يكن الأمر مهمًا سواء كان الأسرى أحياءً أم أمواتًا؛ كما يعترف خصومه الصهاينة بذلك؛ في الواقع، لم يكن الأسرى هم من أجبروا نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار؛ فقد دفع عجز إسرائيل عن تدمير حماس وإرهاق جيشها المليء بالتوتر والاحتقان النظام إلى قبول وقف إطلاق النار.
لا شك أنه إذا كان من الممكن تدمير حماس، فسيفعل نتنياهو ذلك حتى لو كان ذلك على حساب أرواح جميع الأسرى للتخلص من هذه الحركة المقاومة القوية مرة واحدة وإلى الأبد، حيث قتل العديد من هؤلاء الأسرى في تفجيرات مختلفة؛ لكن ما توقعه لم يحدث؛ فرغم أنه لا شيء مستحيل على نتنياهو، إلا أن وقف إطلاق النار هذا جعل من الصعب على رئيس الوزراء الصهيوني انتهاك الاتفاق؛ لقد ضمنت الولايات المتحدة وتركيا وقطر ومصر وقف إطلاق النار هذا، ولن يُبقي انتهاك إسرائيل له أي مكانة لأيٍّ منها؛ وخاصةً الولايات المتحدة، التي أضعف هجومها الإسرائيلي الأخير على الدوحة مكانتها الإقليمية وجعل واشنطن تندم على ذلك.
مع ذلك، فإن وقف الحرب ضروري لشعب غزة؛ فاستمرار الصراع سيُسبب لهم صعوبات جمة؛ وعلى أي حال، فإن التوصل إلى اتفاق يتطلب قبول شروط حماس، وبالطبع ضمانات وقف إطلاق النار من بعض الدول؛ وهذا ما حدث بالفعل، ووافقت عليه حماس، معتمدةً على الثقة التي وضعتها في قطر وتركيا ومصر؛ لكن نتنياهو ليس جديرًا بالثقة بأي شكل من الأشكال، وهناك احتمالٌ لأي نكثٍ لوعده. ومع ذلك، وكما ذُكر سابقًا، فإن ورقة حماس الرابحة ليست عدد السجناء الصهاينة بقدر ما هي نوعٌ من القدرة التي أوجدتها للحفاظ على وجودها، وأبقت سلاحها في متناول إسرائيل حتى لا يستمر الردع الذي يسعى إليه النظام الصهيوني من الفلسطينيين.
