الوقت- يعتبر كثير من السياسيين "توني بلير"، السياسي ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وجه الشر في الشرق الأوسط؛ شخصية سلبية لم تُقدم أي خير للشعب الفلسطيني، ولا العربي ولا الإسلامي، وقد عُرف دوره الإجرامي والتخريبي لسنوات، حتى أن البعض وصفه بـ"أخو الشيطان"، وقد عاد اسمه ليتصدر عناوين الأخبار هذه الأيام بعد ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له لحكم قطاع غزة، من هو توني بلير؟
هو سياسي بريطاني، ويُعتبر أصغر رئيس وزراء بريطاني منذ عام ١٨١٢، بدأت سنوات رئاسته للوزراء عام ١٩٩٧، وأشرف على سلسلة من الإصلاحات في مجالات الصحة والتعليم والخدمات العامة، وعزز صلاحيات الحكومات المحلية، يُعد بلير الزعيم العمالي الوحيد الذي خدم فترتين متتاليتين، وثاني أطول فترة في المنصب منذ أكثر من ١٥٠ عامًا.
جرائم توني بلير في العراق
قرر، إلى جانب جورج دبليو بوش، غزو العراق، الأمر الذي رفض الاعتذار عنه، كما لعب بلير دورًا محوريًا في اتفاقية الجمعة العظيمة عام ١٩٩٨، التي أنهت إلى حد كبير عقودًا من الصراع في أيرلندا الشمالية، ويُعتبر بلير على نطاق واسع، إلى جانب الولايات المتحدة، شخصية رئيسية ومباشرة في غزو العراق عام ٢٠٠٣ تحت ستار "نزع أسلحة الدمار الشامل"، وقد أظهر هذا الادعاء، الذي أثبتت تقارير الأمم المتحدة زيفه لاحقًا، أن العراق لم يكن يمتلك مثل هذه الأسلحة، أسفرت الحرب الدموية عن مقتل أكثر من 200 ألف عراقي، وأسر الرئيس العراقي صدام حسين ومحاكمته وإعدامه في 30 ديسمبر/كانون الأول 2006.
وُصف بلير بأنه "مجرم حرب" في شوارع لندن وغيرها من المدن الكبرى في إنجلترا خلال المظاهرات التاريخية التي شارك فيها ملايين البريطانيين رفضًا لغزو العراق، إلى جانب مظاهرات أخرى حول العالم.
وصف المركز الأوروبي للحقوق الأساسية وحقوق الإنسان "غزو العراق جريمة"، وركز جهوده القانونية على محاسبة المسؤولين عن تعذيب المعتقلين العراقيين وإساءة معاملتهم على يد القوات البريطانية، وأشار المركز إلى أن هذا قد يُثبت في النهاية مسؤولية بلير الجنائية عن التعذيب.
كما تقدمت نقابة المحامين اليونانية بشكوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2003، متهمةً بلير ووزراءه بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في العراق، في انتهاك للاتفاقيات الدولية.
في الـ 6 من يوليو/تموز 2016، عقب صدور تقرير لجنة تشيلكوت للتحقيق، الذي وصف غزو العراق بأنه متسرع، واستند إلى "معلومات غير دقيقة" وتجاوز متطلبات الأمم المتحدة، دافع بلير عن قراره بغزو العراق إلى جانب جورج دبليو بوش، واصفًا إياه بالقرار الصائب، وقال إنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن القرار بناءً على "المعلومات التي كانت لديّ والتهديدات التي شعرت بها"، موضحًا أن قرار خوض الحرب اتُخذ لأن صدام شكّل تهديدًا لشعبه وللسلام العالمي.
ووفقًا لصحيفة ديلي ميل، صرّح توني بلير في مؤتمر صحفي: "يطلب مني الناس الاعتذار عن قرار غزو العراق، لكنني لا أستطيع فعل ذلك، لو عدتُ إلى المكان نفسه بالمعلومات نفسها، لاتخذتُ القرار نفسه لأنني متأكد من أن القرار الذي اتخذته كان القرار الصائب".
علاقة بلير بغزة
عاد اسم بلير للظهور لانخراطه في الشأن الفلسطيني، حيث شغل منصب المبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية لمفاوضي السلام بين عامي 2007 و2015، إلا أن دوره في تحقيق السلام فشل، بينما استمرت سياسة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية، المخالفة للقانون الدولي، اعتُبر دور بلير محدودًا وأقرب إلى مواقف الصهاينة والغرب منه إلى خلق توازن حقيقي بين الجانبين، ما جعله غير محبوب لدى شرائح واسعة من الفلسطينيين والعرب.
دُعي بلير إلى البيت الأبيض في الـ 27 من أغسطس/آب للقاء دونالد ترامب بشأن غزة، ويُقال إنه يحظى بدعم عدد من المقربين من الرئيس الأمريكي، بمن فيهم صهره، جاريد كوشنر، وستيف ويتكوف، مبعوثه الخاص الحالي للشرق الأوسط.
خطة توني بلير لإدارة غزة
وفقًا لوثائق نُشرت مؤخرًا، تقترح خطة بلير لإدارة قطاع غزة بعد الحرب هيكلًا هرميًا متعدد المستويات، يترأسه كبار الدبلوماسيين ورجال الأعمال الدوليين، ومجلس إدارة يضم ممثلين عن الدول الإسلامية لضمان الشرعية، أما الفلسطينيون، الذين يديرون الأمور على الأرض، فسيكونون في أسفل الهرم، دون جدول زمني واضح للسيطرة الفلسطينية على القطاع، ودون فهم واضح لعلاقة الاحتلال الصهيوني بالمرحلة المقبلة برمتها.
موقف حماس من بلير
أكد حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير شخصية غير مرغوب فيها في السياق الفلسطيني، مشيرًا إلى أن أي خطة مرتبطة بهذه الشخصية غير المرغوب فيها تُنذر بالسوء للشعب الفلسطيني، واعتبر بدران توني بلير شخصية سلبية، وربما تستحق المحاكمة الدولية على الجرائم التي ارتكبها، وخاصةً دوره في الحرب على العراق.
وصف بدران رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بـ"أخو الشيطان"، وقال إنه لم يقدم أي خير للقضية الفلسطينية، لا العربية ولا الإسلامية، وإن دوره الإجرامي والتخريبي معروف منذ سنوات.
وأكد أن إدارة الشأن الفلسطيني في غزة أو الضفة الغربية هي شأن فلسطيني داخلي يجب أن يكون مبنيًا على توافق وطني، ولا يحق لأي طرف إقليمي أو دولي فرض كيفية إدارة شؤونه على الشعب الفلسطيني، وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني قادر على إدارة نفسه، وقال: "لدينا القدرة والخبرة التي تمكننا من إدارة شؤوننا وعلاقاتنا مع الإقليم والعالم".
وأضاف بدران: "منذ ديسمبر 2023، اتخذت قيادة حماس قرارًا داخليًا عرضناه على الفصائل الأخرى وعدد من الدول التي تربطنا بها علاقات جيدة، أعلنا فيه أننا لا نريد إدارة غزة وحدها، حتى قبل أن تتفاقم الحرب والدمار لشعبنا".