الوقت- أفاد موقع "والا" الإخباري العبري عن البرنامج: في حين تسعى هيئة الرقابة الإسرائيلية إلى إبقاء بعض جوانب الحرب مع إيران طي الكتمان، ولا يقتصر الأمر على الصحفيين والمحللين، بل حتى على القنوات الخاصة للجدات الإسرائيليات، التي يتم اختراقها لمنع الكشف عن الأخبار، كشف صحفي إسرائيلي مشهور عن أحد جوانب هذه الرقابة.
أعلن الصحفي الإسرائيلي رافيو دراكر في برنامج بُثّ مباشرةً من استوديو القناة 13 الإسرائيلية مساء الأحد: "شاهدتُ صواريخ إيرانية تصيب قاعدة عسكرية إسرائيلية، لكن قوات الأمن منعتني من تصويرها، ولست وحدي، بل جميع وسائل الإعلام في إسرائيل على علم باستهداف القواعد العسكرية، لكنهم لا يجرؤون على نشره".
قال في هذا الصدد: في أحد الأيام الأولى من حرب الاثني عشر يومًا مع إيران، عندما استيقظتُ بعد ليلةٍ عصيبةٍ للغاية هربتُ فيها إلى الملجأ مع أطفالي عدة مرات، واجهتُ نفاد الطعام في المنزل.
على أي حال، كنا جميعًا محبوسين داخل المنزل، وكان أطفالي منشغلين فقط بألعاب الكمبيوتر، ولم يكن لديهم ما يفعلونه سوى اللعب والأكل، مما تسبب في نفاد جميع طعامنا، وأدركنا لاحقًا أن السمنة من عواقب الحرب.
ذهبتُ إلى السوبر ماركت الكبير في مبنى راف-إي-مار في جوليوت، والذي يُعرفه الإسرائيليون أيضًا باسم "سينما سيتي"، لكن كل من خدم في قاعدة جيلوت العسكرية القريبة واضطر للتسوق بعد مغادرة الثكنات لا يزال يعرف المكان باسمه الأصلي، راف-إي-مار.
على أي حال، اشتريتُ عشر وجبات جاهزة وبعض البقالة الأخرى، وعدتُ إلى المنزل بعربة التسوق.
في طريق عودتي إلى المنزل، أغلقت سيارات الشرطة جسر المشاة الذي يربط تقاطع جيلوت بقاعدة جيلوت، بسبب اشتعال النيران في أحد مباني قاعدة جيلوت بعد إصابته بصاروخ إيراني. كان الصاروخ قد أصاب المبنى قبل ساعات، لكن النيران كانت لا تزال مشتعلة، مما أدى إلى تصاعد دخان كثيف في المنطقة.
مع أنني كنت في مهمة مدنية وعائلية بحتة، وكانت عربة التسوق الخاصة بي مليئة بالبقالة وأكياس الفاكهة والوجبات الخفيفة، إلا أنني كصحفي لم أستطع تجاهل هذا الحادث. وقفت على جانب الشارع للحظة، وحاولت التقاط صورة للحادث الذي كان أمام عينيّ بهاتفي المحمول.
ولكن بمجرد أن أخرجت هاتفي المحمول من جيبي وأردت التقاط صورة، هاجمني عدد من رجال الشرطة.
هاجموني بطريقة جعلتني للحظة أعتقد أنني أصبحت خطرًا حقيقيًا على إسرائيل. أخرجت بطاقة الصحافة من جيبي. عندها خفت حدة صراخهم عليّ، ومع ذلك، استمروا في التأكيد على أن التصوير ممنوع وأن مكتب الرقابة لا يوافق على نشاطي الصحفي هنا.
عندما سألتهم متى تلقت قوات الشرطة أوامرها من مكتب الرقابة في الجيش ونفذت هذه الأوامر، لم يعرفوا ماذا يجيبونني، وطلبوا مني هذه المرة فقط مواصلة طريقي.
ويضيف الصحفي: عندما كنت أقرأ تقرير صحيفة التلغراف عن استهداف خمس قواعد عسكرية بالصواريخ الإيرانية خلال الحرب، تذكرت هذه الحادثة. إحدى هذه القواعد التي ورد ذكرها في تقرير التلغراف هي التي رأيتها بأم عيني. جميع الصحفيين في إسرائيل تقريبًا على دراية بهذه الحوادث والصواريخ التي أصابت القواعد والمراكز العسكرية والأمنية. حتى أن إدارة الإطفاء كانت قد أعدت صورًا لأنشطة قواتها ومكافحتها للحريق الذي اندلع بشدة في هذه القاعدة، لكن مكتب الرقابة لم يسمح بنشرها.
بعد سرد هذه القضية، طرح رافيو دراكر أيضًا سؤالًا بسيطًا؛ لماذا يُمنع نشر مثل هذه الصور أصلاً؟
وأجاب ببساطة على هذا السؤال: المسألة لا علاقة لها بأمن إسرائيل، بل تُبذل كل الجهود للحفاظ على شعور النصر وعدم المساس به. المسألة ليست منع إيران من معرفة مكان سقوط صواريخها، فهم يعرفون جيداً النقطة التي استهدفتها، بل منع الرأي العام من إدراك حجم الضرر الذي لحق بإسرائيل.
في الواقع، لا تعمل الرقابة الإسرائيلية على حماية الأرواح، بل على منع تحريف الرواية.
ثم يطرح والا السؤال نفسه: هل ينبغي علينا كصحفيين اتباع هذا النهج؟
هل ينبغي أن نكون حراساً لدقة الأخبار أم أصبحنا شركاء في السرية والصمت؟ في الحروب الماضية كنا نقاتل من أجل كل كلمة، أما اليوم فنكتفي بالاعتراف بالأوامر والطلبات وقبولها.
ويقول دراكر أيضاً في هذا الصدد: لقد أصبحنا شركاء في أكاذيبهم خوفاً من أن يُنظر إلينا على أننا غير وطنيين.