الوقت- في الـ 19 من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، هاجمت قوات الجيش اليمني وأنصار الله سفينة "جالاكسي ليدر" التابعة لـ"إسرائيل" في البحر الأحمر، في أول عملية بحرية في تاريخهما لتطويق "إسرائيل"، ومنذ ذلك الحين، نجح اليمن في إغلاق أحد أهم طرق التجارة في العالم، ما أثر على ثلث شحن الحاويات في العالم ونحو ربع إجمالي التجارة البحرية.
وتزامناً مع الإعلان عن جولة جديدة من العمليات العسكرية الواسعة للجيش الصهيوني في غزة، أعلنت القوات المسلحة اليمنية أيضاً عن جولة جديدة من ردها العسكري على العدوان على غزة، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش اليمني العميد يحيى سريع، بدء عملية عسكرية لفرض حصار بحري على ميناء حيفا، معلنا الحصار ردا على تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعا المتحدث باسم الجيش اليمني كل الشركات المستخدمة لميناء حيفا إلى إعادة النظر في قرارها، وقال يحيى سريع إن قوات الجيش اليمني قررت تنفيذ توجيهات القيادة بفرض حصار بحري على ميناء حيفا.
ويأتي هذا التحذير من المتحدث باسم الجيش اليمني والإعلان عن حصار ميناء حيفا، بعد أن أعلن قائد الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية جديدة في قطاع غزة، أطلق عليها "عملية جدعون"، التي تتضمن، حسب مسؤولين إسرائيليين، خططاً لاحتلال قطاع غزة بشكل كامل، وقد أثارت هذه العملية الجديدة رد فعل أكثر حدة من قبل القوات اليمنية.
ونقلت قناة المسيرة التابعة لجماعة أنصار الله اليمنية عن مسؤولين يمنيين كبار قولهم إن "قرار مقاطعة ميناء حيفا هو رد على تصعيد العدوان الإسرائيلي الغاشم واستمرار الحصار والتجويع" للفلسطينيين في غزة.
ويأتي الإعلان عن جولة جديدة من عمليات الجيش اليمني ضد المواقع الصهيونية وحصار ميناء هيا، بعد وقت قصير من استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب للمرة الخامسة، وفي وقت سابق، أعلن زعيم حركة أنصار الله في اليمن، الخميس، أن اليمن سيواصل فرض "منطقة حظر جوي على العدو الإسرائيلي".
وأضاف في كلمة بثتها قناة المسيرة: "عمليات الدعم اليمنية لغزة هذا الأسبوع أعقبها إطلاق ما لا يقل عن تسعة صواريخ فرط صوتية وباليستية وطائرات مسيرة".
والأسبوع الماضي، نفذت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة على مطار صنعاء الدولي، ومحطات توليد الكهرباء في منطقتي حيز ودهان، ومصنع للإسمنت في محافظة عمران، وجاء هذا الإجراء ردا على هجمات سابقة نفذتها القوات اليمنية على مطار بن غوريون.
وأكد بيان الجيش الإسرائيلي أن الهجمات استهدفت "البنية التحتية اليمنية في مطار صنعاء ومنشآت حيوية أخرى"، لكن يبدو أن هجمات النظام الإسرائيلي على مطار صنعاء باءت بالفشل، حيث أعلنت القوات اليمنية الآن حصار ميناء حيفا في جنوب الأراضي المحتلة.
مبادرة اليمن في حصار المحتلين
في الـ 19 من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، هاجمت قوات الجيش اليمني وأنصار الله سفينة "جالاكسي ليدر" التابعة لـ"إسرائيل" في البحر الأحمر، في أول عملية بحرية في تاريخهما لتطويق "إسرائيل"، ومنذ ذلك الحين، نجح اليمن في إغلاق أحد أهم طرق التجارة في العالم، ما أثر على ثلث شحن الحاويات في العالم ونحو ربع إجمالي التجارة البحرية، ولا تقتصر تأثيرات الصدمات الاقتصادية الناجمة عن عمليات القوات اليمنية على "إسرائيل" فحسب، بل تمتد إلى أوروبا أيضاً، ويشكل ارتفاع أسعار بعض السلع والأغذية المستوردة إلى أوروبا أحد التأثيرات الأكثر وضوحاً لعمليات القوات اليمنية في البحر ضد السفن المتجهة إلى "إسرائيل" أو التي تتواصل معها، ولأول مرة منذ أكثر من 150 عاما، قامت شركات الشحن الكبرى بإعادة توجيه السفن إلى أقصى نقطة في جنوب القارة الأفريقية، وهي رأس الرجاء الصالح، وقد أدى هذا الطريق الطويل إلى زيادة أوقات الشحن والتكاليف وأقساط التأمين.
عندما بدأ الحصار البحري الإسرائيلي من قبل اليمن في الـ 14 من نوفمبر 2023، كانت السفن المتجهة إلى "إسرائيل" فقط هي المستهدفة في البداية، لكن الآن أصبحت عمليات القوات اليمنية تستهدف أي سفينة مرتبطة بالصهاينة وتنتمي إليهم، إلى جانب "إسرائيل".
وحسب مجلة تايم الأمريكية، فإن الحصار البحري الذي فرضته القوات اليمنية على "إسرائيل" كشف عن تغيير جوهري في الحرب البحرية، وأظهر كيف يمكن لفاعل سياسي، باستخدام التكنولوجيا الرخيصة وإنتاجه المحلي، تحييد أقوى تحالف عسكري بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، بطريقة جعلت الولايات المتحدة تقبل وقف إطلاق النار ضد اليمن دون الإشارة إلى التهديدات اليمنية ضد "إسرائيل"، وتواصل اليمن هجماتها ضد "إسرائيل" في صمت الولايات المتحدة، وبناء على ذلك، فإن إعلان حصار ميناء حيفا من قبل القوات اليمنية يبدو ممكنا، لأن القوات اليمنية نجحت أيضا في مواجهة الحصار البحري الإسرائيلي خلال العشرين شهرا الماضية، وتمكنت من تحقيق أهدافها.
من المرجح أن تهبط "إسرائيل" بعد حصار ميناء حيفا
يعد مضيق باب المندب، وهو ممر يبلغ عرضه عشرين ميلاً ويربط بين اليمن وجيبوتي، أحد أهم الاختناقات المرورية للتجارة العالمية، ويمر عبر المضيق ما بين 12 إلى 15 في المئة من إجمالي التجارة العالمية، بما في ذلك 12 في المئة من النفط العالمي و30 في المئة من البضائع المنقولة في حاويات، وعندما أغلقت جماعة أنصار الله المضيق رداً على الهجمات الإسرائيلية على غزة، كانت لهذه الخطوة عواقب اقتصادية هائلة. وحسب رويترز، فإن الاضطرابات في الشحن عبر باب المندب تكلف الاقتصاد العالمي ما يقدر بنحو 23 مليار دولار سنويا في الظروف العادية، ودون الوصول إلى المضيق، تضطر السفن إلى اتخاذ طريق طويل وعاصف حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، ما يضيف أسابيع إلى وقت العبور وملايين الدولارات إلى تكاليف الوقود لكل رحلة.
ومن ناحية أخرى، وجه الحصار البحري حتى الآن ضربة قاسية لـ"إسرائيل"، يأتي حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي لـ"إسرائيل" من التجارة، ويتم نقل 99.6% منه (من حيث الوزن، و65% من حيث الحجم) عن طريق البحر.
لقد أدى الحصار الذي فرضته اليمن على "إسرائيل" إلى تحويل النظام إلى كيان معزول يعتمد على استيراد المواد الخام والسلع الاستهلاكية وموارد الطاقة، باستثناء الغاز الطبيعي.
من ناحية أخرى، تتعامل الموانئ الثلاثة - حيفا وأشدود وإيلات - مع 80% من حركة النقل البحري في "إسرائيل"، ومع ذلك، بحلول منتصف عام 2024، أصيب ميناء إيلات في جنوب "إسرائيل"، وهو شريان حيوي للتجارة البحرية للنظام مع آسيا، بالشلل بسبب الهجمات الصاروخية اليمنية، وأعلن إفلاسه رسميا أمام الكنيست.
وفي الوقت الحالي، اتخذت السفن طريقا بديلا يبلغ طوله 11 ألف ميل بحري حول أفريقيا، ما تسبب في زيادة أقساط التأمين بنسبة 900 في المئة، وفي الوقت الحالي، يتركز الضغط الرئيسي للتجارة البحرية الإسرائيلية على ميناء حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد يؤدي حصار حيفا إلى شل التجارة البحرية الإسرائيلية بشكل كامل، لأن ميناء أشدود، باعتباره الميناء الثالث لـ"إسرائيل"، يفتقر أيضًا إلى البنية التحتية الواسعة للتجارة ذات الحجم الكبير.