الوقت- منذ بداية الحرب، شهدت "إسرائيل" تزايدًا في الأصوات الغاضبة من الأسرى الإسرائيليين وأسرهم الذين يعانون من المجهول الذي يعيشه ذووهم في السجون الفلسطينية، وأصبح الغضب يصل إلى درجة التوجيه المباشر للاتهامات تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارا، بسبب ما يُعتبر إهمالًا خطيرًا لملف الأسرى وعدم جديتهم في إتمام اتفاقات لتحريرهم، لقد شهدت الآونة الأخيرة رسالةً قاسية أرسلها أحد الأسرى إلى سارة نتنياهو، مطالبًا بتوضيح "كم شخص يجب أن يموت" لكي ترضي، في إشارة إلى تدهور الوضع الصحي والنفسي للأسرى الإسرائيليين.
الأسرى الإسرائيليون: حياة في خطر
في تسجيل مصور نشرته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، تحدث الأسير الإسرائيلي رقم 21 عن معاناة زميله رقم 22، الذي يعاني من حالة صحية ونفسية مدمرة نتيجة الظروف التي يعيشها في الأسر، تحدث الأسير عن فقدانهم للأمل في العودة إلى ديارهم، حيث يعانون من نقص شديد في الطعام والشراب، وأضاف إن زميله يرفض تناول الطعام والماء بشكل كامل، رغم قلة المواد الغذائية المتاحة لهم.
وفي مشهد مؤثر، ذكر الأسير الإسرائيلي أنه حتى أصبح لا يستطيع النوم بسبب الألم والمعاناة المستمرة، في رسالته، أشار إلى أن زميله في الأسر كان دائمًا يفكر في أسرته، ولا سيما زوجته وابنه، بينما تزداد حالته الصحية سوءًا، كما أشار الأسير إلى أن زميله قد حاول مرارًا إيذاء نفسه بسبب فقدان الأمل، وأنه اضطر للامتناع عن تناول الطعام كنوع من الاحتجاج على الوضع المأساوي الذي يعيشه.
وفي رسالته، وجه الأسير كلمات قاسية إلى الطيارين الإسرائيليين الذين استمروا في المشاركة في القصف والقتل، وحثهم على أن يسألوا أنفسهم "ماذا يقولون لعائلاتهم؟ وماذا يقولون لعائلاتنا؟"، كان هذا التوجيه المباشر جزءًا من رسالة أوسع تحمل مطالبات من الأسرى بإنهاء هذا الكابوس الذي يعيشه الأسرى على أيدي القوات الإسرائيلية.
سارة نتنياهو: المسؤول الأول في نظر الأسرى
الأسير الإسرائيلي لم يتوقف عند هذه النقاط، بل وجه الحديث مباشرة إلى سارة نتنياهو، التي كان لها دور كبير في إدارة الشؤون الداخلية والسياسية في "إسرائيل" خلال فترة رئاسة زوجها، في كلمات غاضبة، تساءل الأسير عن الرقم الذي يجب أن يتبقى من الأسرى حتى يتحرك نتنياهو وزوجته لإنهاء معاناتهم.
سارة نتنياهو، التي تُعتبر إحدى الشخصيات المؤثرة في سياسة الحكومة الإسرائيلية، تُتهم من قبل الأسرى بأنها جزء من عرقلة ملف التفاوض من أجل تحريرهم، حيث دعاهم البعض إلى وضع حد لهذا الإهمال.
كانت هذه الرسالة هي الأكثر حدة من نوعها، حيث خاطب الأسير سارة بشكل مباشر قائلاً: "كم شخصًا يجب أن يموت؟ هل تريدون أقل من عشرين أسيرًا أم أكثر؟"، موجهًا الاتهام إليها بأنها لا تكترث بما يحدث لمواطنيها الإسرائيليين الذين يعيشون هذه المحنة في الأسر.
انتقادات لاذعة لنتنياهو
لم تكن هذه المرة الأولى التي يوجه فيها أحد إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتقادات لاذعة بشأن طريقة تعامله مع ملف الأسرى، فقد صرح العديد من المحللين السياسيين والصحفيين بأن نتنياهو يتحمل مسؤولية كبيرة عن فشل محاولات إتمام صفقة تبادل الأسرى بشكل عادل ومنصف.
في هذا السياق، وجه الإعلامي الإسرائيلي إيال بركوفيتش، مقدم البرامج السياسية في القناة الـ13، انتقادًا حادًا لنتنياهو، مطالبًا إياه بالذهاب إلى طبيب نفسي إن كان ضميره لا يزال حيًا، وأكد بركوفيتش أن المسؤولين الإسرائيليين يجب أن يتحملوا مسؤولية الخسائر البشرية الهائلة التي أودت بحياة 1865 إسرائيليًا وعدد هائل من الجرحى والمصابين.
كان هذا الانتقاد جزءًا من سلسلة من التصريحات التي اتهمت الحكومة الإسرائيلية بعدم الجدية في التفاوض من أجل تحرير الأسرى، بل الأكثر من ذلك، فإن العديد من المعارضين لرئيس الوزراء وصفوا سياسته بأنها غير إنسانية وتفتقر إلى الحكمة السياسية.
انتقادات من أحزاب المعارضة
تُعد انتقادات المعارضة جزءًا من الردود الموجهة ضد نتنياهو، حيث توجه بعض الزعماء السياسيين، مثل زعيم حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس، انتقادات شديدة لرئيس الحكومة بشأن تعامل حكومته مع ملف الأسرى. وأوضح غانتس أن الحكومة الإسرائيلية قد مارست سياسة غير منطقية عند التفاوض حول هذه الملفات، حيث تقوم بطرح مقترحات للجانب الفلسطيني، ثم تضيف مطالب جديدة تجعل هذه المقترحات غير قابلة للتنفيذ.
غانتس أكد أن هذه السياسات تساهم في إطالة معاناة الأسرى الإسرائيليين وتزيد الوضع تعقيدًا، وفي ظل هذا الوضع، تتزايد الانتقادات الشعبية ضد الحكومة، حيث يطالب الإسرائيليون بإنهاء هذا الملف بشكل عاجل.
أزمة الضمير الإسرائيلي
ما تثيره هذه القضية من تساؤلات هو ضمير الحكومة الإسرائيلية في ظل المعاناة المتواصلة للأسرى، ويتساءل كثيرون عن كيفية استمرار هذه الحرب دون أن تكون هناك أي محاولات جادة من قبل الحكومة للبحث عن حلول حقيقية لإنهاء هذا النزاع القاسي، في ظل هذه الظروف، يزداد اليأس بين الأسرى وأسرهم، ويزداد الغضب على سياسة الحكومة التي يبدو أنها لا تكترث لحياة مواطنيها في الأسر.
ضرورة إتمام صفقة التبادل
ختمت كتائب القسام المقطع الذي نشرته برسالة مهمة، مفادها بأن الأسرى الإسرائيليين لن يعودوا إلى ديارهم إلا عبر صفقة تبادل أسرى، هذه الرسالة توضح أن الوقت ينفد وأن الأسرى أصبحوا في حاجة ماسة لإنهاء هذا الكابوس الذي يعانون منه.
في النهاية، يظل الأمل الوحيد للأسرى الإسرائيليين هو أن يتوقف صانعو القرار في "إسرائيل" عن استهتارهم بحياة البشر وأن يتخذوا قرارات أكثر حكمة لإنهاء أسرهم، إذا كانت الحرب قد أودت بحياة العديد من الأبرياء، فإن إتمام صفقة تبادل الأسرى يمكن أن يشكل بداية لوقف هذا التعنت الإسرائيلي الذي لم يحصد إلا حياة الآلاف.