الوقت - مع دخول الحرب عامها الثاني في السودان، لا يزال الفنانون السودانيون يعانون تداعيات النزاع المستمر، الذي لم يقتصر على فقدان الأرواح وتشريد الملايين، بل طال أيضاً المشهد الثقافي والفني في البلاد. فقد تعرضت المتاحف والمعارض للنهب والتدمير، مما أدى إلى ضياع آلاف الأعمال الفنية التي كانت تمثل جزءاً من الهوية الثقافية السودانية.
في هذا السياق، خسر معرض "داون تاون" في الخرطوم، الذي تأسس عام 2019، بين 60 و80 لوحة، وفقاً لمؤسسه رحيم شداد، الذي أشار إلى أن الخسائر على مستوى البلاد تقدر بالآلاف. وأضاف بأسى: "ما يؤلمني أكثر هو فقدان أعمال الفنانين الكبار التي لم نتمكن حتى من فهرستها".
وسط هذه الظروف، اضطر العديد من الفنانين إلى مغادرة البلاد بحثاً عن الأمان والاستمرار في الإبداع. الفنانة التشكيلية ياسمين عبد الله، المقيمة حالياً في مسقط، تقول: "تركت كل شيء في السودان، لكن الفن لم يفارقني أبداً، حتى في أحلك لحظاتي". أما الفنان رشيد دياب، أحد أبرز الرسامين السودانيين، الذي يقيم الآن في مدريد، فيرى أن "السوداني الحقيقي هو من يحترم شعبه ويريد أن يرى بلاده تتغير نحو الأفضل".
من جانبه، يواصل المصور الفوتوغرافي علاء خير توثيق مآسي الحرب عبر مشروعه "الرؤية الأخرى"، مؤكداً: "لو لم أفعل ذلك، فلن يفعله أحد". أما الفنانة ياسمين النور، التي تستلهم أعمالها من تاريخ النوبة، فتطرح تساؤلاً وجودياً حول الارتباط بين الهوية والمكان قائلة: "هل تحتاج الهوية إلى مكان مادي كي تبقى موجودة؟".
ورغم قسوة الحرب، لا يزال الفنانون السودانيون متمسكين بإبداعهم كوسيلة لمقاومة النسيان وحفظ الذاكرة الثقافية لبلادهم، في انتظار يوم تنجلي فيه غيوم الحرب ويعود الإبداع السوداني إلى أرضه من جديد.