الوقت- بعد 31 عاماً من الهجوم الإرهابي الذي نفذه المستوطن الصهيوني باروخ جولدشتاين على الحرم الإبراهيمي، والذي أدى إلى مقتل 29 من المصلين المسلمين وإصابة 155 آخرين، لا يزال هذا الموقع الإسلامي المقدس يكافح في ظل محاولات الحكام الصهاينة المستمرة لتهويده.
وحسب مراسلة وكالة تسنيم الإخبارية في الضفة الغربية فرح أبو عياش، فإنه بعد 31 عاماً من العملية الإرهابية التي نفذها المستوطن الصهيوني باروخ جولدشتاين صباح اليوم على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، والتي راح ضحيتها العشرات من المصلين المسلمين وجرح المئات، لا يزال هذا المكان الإسلامي المقدس يصارع محاولات الحكام الصهاينة الاحتيالية المستمرة للسيطرة عليه واحتلاله ومحاولة تهويده.
ومنذ احتلال مدينة الخليل عام 1967، قدمت سلطات الاحتلال الصهيوني وصادقت على المخططات الواحدة تلو الأخرى لفرض سيادتها على الحرم الإبراهيمي، وتحاول خلق مصير مماثل لمصير المسجد الأقصى لمقدس إسلامي آخر في الأراضي الفلسطينية، ويعتبر مرقد سيدنا إبراهيم عليه السلام مكان استراحة وقبر العديد من الأنبياء الإلهيين، يضم هذا المكان 7 أماكن دينية مقدسة، 5 منها تديرها حاليا الصهاينة بعد احتلال المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي.
بالإضافة إلى مدفن النبي إبراهيم (عليه السلام) وزوجته سارة، فإن مقام إبراهيم المقدس هو أيضاً قبر الأنبياء مثل النبي يعقوب (عليه السلام) وزوجته ليا، كما يضم قبر النبي يوسف (عليه السلام)، وبالإضافة إلى ذلك، تم على مر العصور تزيين الجدران الداخلية للحرم الإبراهيمي الشريف بالأسماء المباركة لحضرة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وولديه الإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الحسين (عليهما السلام).
وفي يوم الـ 25 من فبراير/شباط 1994م، الذي يصادف اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، أطلق المستوطن الصهيوني المتطرف باروخ جولدشتاين برفقة عدد من المستوطنين الصهاينة النار على المصلين الصائمين داخل باحة هذا المقام المقدس، وأدت هذه الجرائم إلى استشهاد 29 مصلياً فلسطينياً مسلماً أثناء صيامهم، وإصابة 155 آخرين.
وقال عبد السلام النتشة، رئيس الحرم الإبراهيمي وأحد شهود الجريمة، في حديث لوكالة تسنيم: "بعد دخوله باحة المسجد، أطلق غولدشتاين النار على المصلين الذين كانوا يؤدون الركعة الثانية من صلاة الفجر، ما أدى إلى مقتل عدد منهم وإصابة آخرين بجروح"، حاول بعد ذلك الهرب، لكنه فشل لأن مدخل المرقد كان مغلقاً، فقُتل على يد المسلمين الغاضبين.
لكن الكيان الصهيوني، أثناء ملاحقته لمرتكبي جريمة قتل هذا المجرم الصهيوني، أغلق الحرم الإبراهيمي لمدة 8 أشهر، وبعد أن استأنف عمله احتل 63% من مساحته، وتواصلت اعتداءات الاحتلال على المقام الإبراهيمي، واشتدت حصاره، وفرض القيود على صلاة المسلمين في المقام، بهدف تهويده.
وفي العام 2021، نفذت سلطات الاحتلال مخططاً لتهويد مساحة تزيد على 800 متر مربع من المقام ومرافقه، وتضمن المخطط تركيب مصعد كهربائي بهدف تسهيل اعتداءات المستوطنين واقتحاماتهم لمنطقة المقام الإبراهيمي.
ومع بداية الحرب على غزة، تزايدت دعوات المتطرفين الصهاينة لحرمان المسلمين من حق الصلاة في هذا المقام، وكانوا يحاولون إثبات حق صهيوني كاذب في امتلاك المقام لمصلحتهم، كما حدث في المسجد الأقصى.
"معتز أبو سنينة"؛ يقول شيخ المقام الإبراهيمي واصفاً آخر الأوضاع في هذا المقام الإسلامي المقدس بعد عملية عاصفة الأقصى: منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أغلقت قوات الاحتلال جميع مداخل المقام الإبراهيمي الشريف، كما أغلقت البوابات المؤدية إلى المقام الإبراهيمي الشريف أمام المصلين.
وحاليا، المدخل الوحيد للحرم الإبراهيمي هو من داخل البلدة القديمة في الخليل، ما تسبب بانخفاض مشاركة المصلين في الحرم الإبراهيمي بنسبة 50%، ويضيف أبو سنينة: إن هذا الإجراء الذي قام به الصهاينة يأتي في ظل وجود نص صريح في القرآن الكريم يفيد بأن هذا المقام هو مكان إسلامي تماماً، لأن الله تعالى يقول في القرآن: ما كان إبراهيم [عليه السلام] يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين.
ورغم الاعتداءات والتخريب والتضييقات التي يفرضها الكيان الصهيوني على المسلمين والمصلين الفلسطينيين الواصلين إلى محيط هذا المقام المقدس بهدف تعزيز عملية التهويد، فإن أهالي الخليل من خلال المواظبة على الحضور إلى هذا المقام وإقامة الصلوات الجماعية فيه، يسعون جاهدين للحفاظ على هذا التراث الإنساني الغني وحماية الهوية الإسلامية لهذا المقام المقدس.