الوقت- إن نظرة سريعة على التطورات الميدانية في لبنان تظهر بوضوح أن وضع حزب الله تغير تماما مقارنة بأيام الخريف الأولى، واستطاع أن يستعيد جسده الأساسي ويخرج من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، وعندما يعلن نحو 14 ألف جندي من الجيش الصهيوني أنهم غير مستعدين للمشاركة في المعارك، فمن الواضح أن الوضع على الأرض لا يطاق بالنسبة لهم.
ويتجلى الوضع الحرج للصهاينة على الأرض بشكل أوضح عندما لم يفشلوا فقط في تحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في احتلال جنوب لبنان في أقل من شهر، بل توقفوا أيضًا عند خط الحدود وقُتل وجُرح العشرات من قواتهم يوميًا باعترافهم (قُتل وجُرح 700 صهيوني في أول 25 يومًا من الصراع) وبالطبع تجدر الإشارة إلى أن عدد ضحاياهم أعلى بكثير وأن عددًا من القادة ماتوا خلال الاشتباكات، وهو أمر غير مسبوق.
وبالإضافة إلى قوات المشاة التابعة لحزب الله، فإن وحدات الاستخبارات والمدفعية والصواريخ التابعة للمقاومة، والتي تنسق بشكل كامل مع بعضها البعض، جعلت الأمر صعباً على الصهاينة ومع حجم النيران الكثيف، جعلت السماء مخيفة بالنسبة للصهاينة، إلى حد أن 25 مستوطنة تبعد عشرين كيلومتراً إلى الشمال، تم إخلاء سكانها منها بالكامل، ولا أنباء عن المستوطنات القليلة المتبقية.
في مدن كريات شمونه ونهاريا وعكا وايليت حاشاهر وحتسور هجليليت وما إلى ذلك، ليس فقط لا يوجد أي مؤشر على الحياة الطبيعية، بل إن خطوط الدعم، بما في ذلك المصانع ومستودعات الأسلحة، أصبحت خارج الخدمة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يتم استهداف قوات المشاة التابعة للكيان بشكل مستمر في هذه المناطق، وتشل تحركاتها في هذه المناطق.
وتعتبر صناعات "باز" العسكرية في منطقة برليفا الصناعية وبين مدينتي صفد وعكا، من الأماكن التي تعرضت لضربات قوية جداً خلال عملية الوحدات المدفعية والصاروخية التابعة لحزب الله، حيث تم بناء هذه المنطقة الصناعية العسكرية عام 1977 وتم تطويرها خلال ثلاثين عاما حيث تنتج أجزاء الطائرات المقاتلة، لكن تم تدميرها في عملية استمرت 30 دقيقة لحزب الله والضربات على الصناعات العسكرية في زوفولون شمال حيفا وقاعدة إلياكيم جنوب حيفا ولا ينبغي نسيان قاعدة ستيلا ماريس في شمال غرب حيفا.
وعلى الرغم من الرقابة الشديدة التي يفرضها الصهاينة في شمال الأراضي المحتلة، فقد أظهر حزب الله جيداً أنه ليس سلبياً أمام تدمير قرى وبلدات جنوب لبنان، وضرب كيان الاحتلال بنفس القدر وووضعت مناطق مختلفة تحت نيران كثيفة، وفي هذه الأثناء تسعى قيادات العصابة الإجرامية إلى إخفاء الحقائق ميدانيا بتضييقات إعلامية مشددة.
ولا تقتصر القوة الهجومية والتمركز الهجومي لوحدة المدفعية والصواريخ التابعة لحزب الله على عمق 20 كيلومتراً شمال فلسطين المحتلة، وقد تم في الأيام الماضية الرد على تدمير المناطق الجنوبية من لبنان من خلال توجيه ضربات قاتلة إلى المنطقة.
وتم إعطاء الصهاينة عمقاً لا يقل عن 45 كيلومتراً، وهي مسألة يحاول قادة الكيان جاهدين أن يكونوا أقل وضوحاً لأنهم يدركون جيداً التبعات الكارثية لإخلاء هذه الأماكن، وخاصة ميناء حيفا.
يتعرض الصهاينة لضغوط شديدة لأنه تم الكشف عن ادعائهم الكاذب حول تدمير مستودعات صواريخ حزب الله، والآن مع استمرار العمليات الواسعة لوحدة صواريخ المقاومة (بما في ذلك العمليات ضد قاعدة رامات دافيد الجوية في شمال إسرائيل) في فلسطين المحتلة، قاعدة الكرمل جنوب ميناء حيفا (قاعدة فيلون في مدينة صفد) واجهت موجة من السخط والسخرية في الأراضي المحتلة، وبالطبع تعرض المستوطنون لصدمات سابقة، منها الاستهداف الدقيق للمستوطنين. وقصف قوات لواء جولاني الخاص، ولم ينسوا عملية وحدات الطائرات دون طيار في بنيامينا ومقتل وجرح 80 شخصا، فضلا عن العملية ضد مقر إقامة رئيس وزراء الكيان المؤقت في قيسارية (حيث يعيش الرأسماليون الصهاينة، على حدود حيفا تل أبيب والتي تبعد 67 كلم عن الحدود اللبنانية).
إن عمليات وحدات حزب الله البرية والطائرات بدون طيار والصواريخ والمدفعية لم تتراجع في الأيام الماضية فحسب، بل إنها تتزايد بشكل كبير كل يوم وكل ساعة، كما أن إطلاق أكثر من 130 صاروخاً في أقل من ساعتين والضرب الدقيق هو أمر بالغ الأهمية. مثال على الواقع يعتبر ما يجري في ساحة المعركة وعلى الرغم من الرقابة على نتائج هذه العمليات، إلا أنها أزعجت الصهاينة لأنهم كانوا يفكرون في نهاية الصيف في هزيمة حزب الله وعودة مئات الآلاف من المستوطنين النازحين، والآن هم يعارضون ذلك بشدة لقد أصيب الإخلاء الكامل للشمال والوسط الفلسطيني المحتل بالذعر، وهذا فشل كبير تم إخفاؤه مؤقتًا خلف الدعاية الكاذبة والضجيج والإسقاطات لوسائل الإعلام الرئيسية الموالية للصهيونية.