الوقت- يوم جديد في غزة من قلة الحيلة والمعاناة يمر على قطاع غزة الجريح حيث تواصل قوات الاحتلال الصهيوني عدوانها الذي بدأته منذ ما يقارب العام على غزة وأهلها، في الوقت الذي غمرت فيه أمطار غزيرة مخيمات النازحين لتزيد المياه التي غمرت الخيام وجرفت بعضها من معاناة الأهالي النازحين فكانت كلمة "غرقنا" هي الكلمة الأكثر انتشارا، ووجعا، في صفوف النازحين في قطاع غزة، بعد أن استيقظوا على أمطار أتلفت وبللت خيامهم، الأمر الذي بات تهديداً مستمراً يفتك بسكان غزة داخل حصار مطبق لا مفر منه ولا منجي، ما دفعهم لمصارعة أصعب الظروف المعيشية في ظل تخاذل دولي منقطع النظير.
معاناة فوق المعاناة
لم يدخل موسم الشتاء بعد، إلا أن زخات خفيفة وسريعة من المطر، فاقمت معاناة النازحين في الخيام، فوق معاناتهم اليومية في ظل فقدان معظم مستلزمات الحياة الطبيعية ووسائل العيش الكريم.
يعلو موج البحر، فتدخل مياهه إلى الخيام، التي إن لم تتكسر، يغرق كل ما فيها، فيتلف وحاولت العائلات جمع ما استطاعت من ملابس وحطب ومواد تموينية ومستلزمات بدائية ضرورية جدا للحياة.
قال أحمد البرعي (30 عاما): إن الناس نصبوا خياما من أكياس الدقيق المستعملة والملابس البالية وأكياس النايلون، وبمجرد هطول الأمطار تطيح المياه والرياح بالعديد من الخيام وتغمر أخرى.
وقال البرعي من منطقة المواصي المخصصة للمساعدات الإنسانية في جنوب قطاع غزة “كل شيء غرق، البطاطين غرقوا، والأكل والناس، كل هذا خلال ساعات قليلة من المطر"، وأضاف: “معظم الناس النازحين ما بيقدروا يدفعوا ثمن خيام وشوادر بلاستيكية، قبل يومين كانت الشوادر البلاستيكية بتكلف من 100 إلى 200 شيقل (من 27 إلى 54 دولارا)، اليوم ارتفعت إلى 700 و800 شيقل (من 189 إلى 216 دولارا) بسبب صعوبة إدخال المساعدات الإنسانية.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا): إن هناك حاجة لمزيد من الملاجئ والإمدادات لمساعدة الناس على مواجهة الشتاء المقبل.
ونشرت الوكالة على منصة إكس “مع بداية الخريف، لا تكفي المواد البلاستيكية والأقمشة لحماية الناس من المطر والبرد".
من الجدير بالذكر أن معظم سكان غزة والبالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة قد نزحوا، خلال الحرب المستمرة منذ عام تقريبا إذ حولت الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية جزءا كبيرا من القطاع إلى أنقاض.
بلا غذاء وماء و صرف صحي
رصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية الظروف القاسية التي يكابدها النازحون من رفح الفلسطينية في الخيام قرب خان يونس والمواصي جنوب قطاع غزة، التي تفتقر إلى كل مقومات الحياة.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن التحليق فوق صفوف الخيام على الكثبان الرملية الممتدة من البحر الأبيض المتوسط في خان يونس، يعيد للأذهان الأوقات الأفضل في غزة، قبل العدوان الإسرائيلي.
والآن، أصبحت المقاهي والممرات والقطار المصغر في مدينة ملاهي "أصداء" محجوبة بمئات الملاجئ، التي أقامها نحو نصف مليون نازح جدد شقوا طريقهم إلى هذا الشريط الساحلي الرملي بالقرب من مدينة خان يونس، مع استمرار العدوان الإسرائيلي شمال وجنوب غزة.
ويشعر أغلب سكان "مدينة الخيام" التي ترتفع بين الكثبان الرملية والحقول، بالقلق الدائم، من التعرض للإصابة أو المرض، ويعانون الجوع والعطش في كثير من الأحيان، واستمرار البحث عن مأوى من الهجوم الإسرائيلي المتواصل الذي وصل رفح الفلسطينية.
ولفتت "الجارديان" إلى أن المسؤولين الإسرائيليين زعموا أنه "سيتم تقديم المساعدات الإنسانية الدولية حسب الحاجة للأعداد الهائلة من النازحين، لكن الواقع يبدو مختلفًا تمامًا".
وذكرت الصحيفة، أن الكثير من النازحين يضطرون إلى السير مسافات طويلة للحصول على الماء، ولا يستطيعون شراء ما يكفي من الغذاء، مشيرة إلى أن سعر كيلو السكر الواحد يبلغ 12 دولارًا أمريكيًا (9.50 جنيهات إسترلينية)، أي نحو 6 أضعاف ما كان عليه قبل أن يبدأ جيش الاحتلال هجومه على رفح الفلسطينية قبل أسبوع، كما ارتفعت أسعار الملح والقهوة بمقدار 10 أضعاف، علاوة عن مشكلة نقص المال، مع إغلاق البنوك.
لا حياة لمن تنادي
تقول صابرين 28 عامًا، والأم لثلاثة أطفال، نزحت أربع مرات بعد أن غادرت منزلها في بيت لاهيا شمال غزة، ووصلت الساحل في خان يونس جنوب القطاع، "هذه ليست حياة أي إنسان عادي، لا يوجد شيء، لا ماء ولا طعام ولا رعاية صحية ولا حتى مرحاض، يسألني أطفالي عما إذا كان بإمكانهم الحصول على البطاطس فحسب، ولكن ليس لدينا المال الآن، كل ما لدينا هو أغذية معلبة توزعها الأمم المتحدة".
وأضافت: "أصيب أطفالي بالفعل بالأنفلونزا والحمى والتهاب الكبد، إنهم ضعفاء الآن، وليس هناك ما يكفي من المضادات الحيوية، لذلك أنا قلقة للغاية".
من جانبها تشرح الطفلة ماسة العربيد، 10 سنوات، التي وصلت خيام النازحين المنصوبة في خان يونس، من مدينة غزة مع شقيقها وأمها معاناتها قائلة: "اضطررنا إلى ترك الكثير خلفنا لأن هذه ربما تكون المرة السادسة التي ننتقل فيها".
وتحدثت الطفلة عن حياتها الجديدة في المخيمات بخان يونس، قائلة: "لا توجد ألعاب أو دمى للعب بها، أو حتى منزل للاحتماء به، ولأننا نتنقل كثيرًا فقدت الاتصال بجميع أصدقائي ولا أعرف شيئًا عنهم".
ظروف مروعة
وصف عمال الإغاثة في المواصي، التي كانت ملجأ لعدة أشهر للفارين من العدوان الإسرائيلى، الظروف "المروعة والمهينة للإنسانية"، مع محدودية الطعام والمياه القذرة والشحيحة، ومرافق الرعاية الصحية المكتظة، وانعدام الصرف الصحي تقريبًا.
وقال جيمس سميث، وهو طبيب طوارئ بريطاني يعمل في جنوب غزة: "إن رائحة الصرف الصحي في مخيمات النازحين الأكثر ازدحامًا خانقة، وهناك نفايات صلبة متراكمة على جانب الطريق، بسبب عدم وجود عدد كافٍ من الموظفين لتشغيل مركبات التخلص من النفايات القليلة، لقد أصبح الناس أكثر مرضًا".
وقال طبيب آخر: إن الساحل مكتظ تمامًا، مع كتلة تلو الأخرى من الخيام ولا يوجد سوى فجوات ضيقة بينهما، لا توجد بنية تحتية داخل المخيمات والإمدادات الجديدة التي تصل بالطبع محدودة للغاية.