الوقت- أدى هجوم مسلح إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران وأذربيجان، كان ذلك في 2023 عندما دخل شخص مسلح إلى السفارة الأذربيجانية في طهران باستخدام سلاح واشتبك مع عدد من موظفي السفارة، وبينما حاولت العديد من وسائل الإعلام إضفاء أبعاد إرهابية على الحادث، أشارت التقارير إلى أن الأمر دافع شخصي، وكان المهاجم قد أبلغ بالفعل عن تسجيل شكوى اختفاء زوجته في مدة سابقة وكان بحاجة إلى تعاون سفارة جمهورية أذربيجان.
لكن تزامن هذا الحدث مع الأجواء شبه المتشائمة بين البلدين بسبب تطورات كاراباخ، وأدى إلى استمرار هذا الأمر، بعد تحرك باكو المتسرع لقطع العلاقات بين الجانبين.
ولكن بما أن العلاقة بين البلدين ليست مجرد علاقة حسن جوار، فإن الجذور المشتركة للثقافة والحضارة والدين تظهر الرابط غير القابل للكسر بين البلدين، ما أدى إلى إعادة فتح أبواب العلاقات الدبلوماسية، حيث إن استئناف العلاقات بين طهران وباكو يعد بمزيد من التعاون في العديد من المجالات.
ما لا شك فيه أن العودة إلى مسار التفاعل وزيادة مستوى العلاقات بين الجانبين يعود إلى جهود الحكومة الـ13 وجهود الشهيد آية الله رئيسي والدبلوماسي الشهيد الدكتور أمير عبد اللهيان الذي سخر كل جهوده لتفاعلات بناءة مع الجيران، ومع فوز بزشكيان في الانتخابات الرئاسية، أعرب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، في نفس رسالة التهنئة، عن رغبته في زيادة العلاقات مع طهران ودعا الرئيس المنتخب لزيارة هذا البلد.
ناقش موقع الوقت الخبري التحليلي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران وباكو وآفاق العلاقات بين البلدين مع السفير والقنصل العام السابق في أذربيجان.
وقال هذا الدبلوماسي السابق عن أسباب التوتر بين البلدين في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى قصة إغلاق السفارة الأذربيجانية: إن سبب إغلاق السفارة هو شخص هاجم السفارة، حيث شعر الأذربيجانيون أنهم ليسوا آمنين، وفي وقت وقوع الحادث، لم يكن علييف موجودًا في باكو، لكنه أمر موظفي السفارة بالعودة وأغلق السفارة حتى استتباب الأمن، ولكن ليس إلى الأبد، ونظرا لأنه تم القبض على المهاجم ومحاكمته وصدر حكم القصاص بحقه، رأت أذربيجان جدية إيران في التعامل مع المتهمين، وهم موجودون حاليًا في طهران لإعادة فتح السفارة، وقد عاد سفير أذربيجان السابق إلى طهران، ومن المحتمل أن يكون رئيس وزراء هذا البلد حاضرا في حفل الافتتاح.
ويضيف سفير إيران السابق في أذربيجان: لقد اطلعت على خطابات علييف ومسؤولين آخرين في أذربيجان خلال التوترات، إنهم يحاولون استعادة منطقة من بلادهم يعتقدون أنها محتلة من قبل الأرمن.
وقرر حيدر علييف ترك حل هذا النزاع لمجموعة "مينسك" وقبل في هذا الصدد وقف إطلاق النار، وبعد ثلاثين عاماً، وبسبب لا مبالاة أعضاء مجموعة مينسك المكونة من فرنسا وأمريكا وروسيا، ورغم الزيارات العديدة، لم تكن لدى هذه الدول أي رغبة في حل هذا الصراع، وأخيرا، قررت أذربيجان التصرف بمفردها.
وقال هذا الخبير في قضايا القوقاز: خططت باكو لبدء العمليات العسكرية بعد إعادة بناء الجيش وإعادة بناء قواتها العسكرية التي خلفتها الحقبة السوفيتية، ونتيجة لذلك، استغرقت هذه القضية وقتا، وشنت أذربيجان هجوما في وضع تشاورت فيه مع روسيا واتفقت مع هذا البلد، لأن روسيا تمتلك قاعدة "روشا" في أرمينيا، والتي لا يمكنها التحرك دون التنسيق مع موسكو، وأمريكا شاركت في هذه القضية حتى تمكنت أذربيجان خلال 44 يومًا من استعادة معظم أراضيها باستثناء خانكندي، كما أدى هذا الإجراء إلى توترات في إيران لأن جزءا من تلك الأراضي المستصلحة كان في السابق تحت سيطرة أرمينيا، وكان لإيران علاقة مع أرمينيا بهذا الشكل، وكانت أذربيجان قد أعلنت أن مرور أي شحنة يجب أن يكون بإذنها، وتوقعت باكو أن تخضع إيران وتمر من تلك المنطقة بإذن وتنسيق من أذربيجان، وقد تسبب هذا في سوء فهم.
ويضيف في وصفه لسلوك باكو في المناورة العسكرية بالمنطقة: أجرت أذربيجان عدة مناورات مع تركيا وباكستان لإظهار قوتها ضد أرمينيا، وهو ما أثار انزعاج طهران، وبطبيعة الحال، لم يكن لدى باكو أي نية لأي توتر ومواجهة مع طهران، لقد تابعت خطابات علييف، ولم يتحدث قط بكلمة واحدة ضد طهران، وحتى بعد تحرير جسر "الخدبندة"، اعتبره جسر الصداقة بين إيران وأذربيجان.
وفي إشارة إلى نهج الحكومة الـ 13 والشهيد رئيسي تجاه أذربيجان أضاف سفير إيران السابق في أذربيجان: أدرك الشهيد رئيسي أكثر فأكثر أهمية العلاقات مع باكو مع مرور الوقت وسعى إلى توسيع العلاقات مع الجيران وخاصة أذربيجان، وكان هو نفسه مهتماً بهذه القضايا ويتابعها شخصياً، لقد كان الشهيد رئيسي مسيطراً على الوضع فيما يتعلق بأذربيجان، وفي لقائهما الأخير بدا علييف سعيداً جداً باللقاء الصادق للشهيد آية الله رئيسي.
وفي مقطع آخر، يشير هذا الدبلوماسي السابق إلى تفاصيل السد المشترك "خداآفرین" و"قیز قلعه سی" وتأثيرات إجراءات الحكومة الـ13 على اقتصاد أهل الحدود، فيقول: "طلبت باكو من طهران تحرير المنطقة المحتلة حسب قدرات إيران"، لبناء السد المشترك معًا، لكن طهران قامت ببناء هذا السد بتكنولوجيا خاصة بها وأكدت لباكو أنه بعد تحرير منطقة أذربيجان ستتم العملية بشكل مشترك، حيث يكسب معظم سكان الحدود دخلهم عن طريق التنقل إلى الدولة المجاورة، وفيما يتعلق بأذربيجان، كانت الحدود مفتوحة من قبل وكان الأشخاص الذين يعيشون على حدود البلدين يستغلون الفرصة للتجارة لكن بعد إغلاق السفارة عانى أهالي هذه المناطق.
وفي النهاية، وأثناء تقييمه الواضح للعلاقات بين البلدين، قال الخبير: نأمل أن تحل المشاكل بإعادة فتح السفارة وتطبيع العلاقات بين البلدين، وبعد تقديم بزشكيان كرئيس، لم يتخذ موقفاً من الانتخابات الإيرانية بل كان علييف من أوائل الأشخاص الذين أرسلوا له رسالة تهنئة ودعوه، وأخيرا، يمكن رؤية آفاق العلاقات بين الجانبين بوضوح في المستقبل.