الوقت - وجهت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” رسالة للشعب الفلسطيني عامة، ولأهل غزة خاصة، معبرة عن فخرها واعتزازها بصمودهم أمام “حرب الإبادة التي يرتكبها بحقهم جيش العدو الإسرائيلي في غزة والضفة والقدس والداخل المحتل وفي كل مكان”.
وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رسالة إلى أبناء الشعب الفلسطيني عامة وأهل غزة خاصة، أكدت فيها وفاءها لتضحياتهم خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، وتعهدت بمواصلة الدفاع عنهم مع تصويب مسارات العمل الحكومي والإغاثي والأمني.
وقالت الحركة في الرسالة التي نشرتها يوم الجمعة، "هذه الرسالة يا أهلنا وشعبنا وربعنا في كل مكان نرسلها إليكم من وسط معركة طوفان الأقصى فخرا واعتزازا وإكراما لكم، تحملتم ما عجزت عنه أمم من قبلكم عن تحمله".
وشددت حماس على أن معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة في السابع من تشرين الأول 2023 جاءت "تحولا استراتيجيا في لحظة تاريخية فارقة"، حيث قررت قيادة المقاومة "ممارسة حقها بمقاومة الاحتلال بالرد الطبيعي على جرائمه في الضفة المحتلة وتقسيمها وبناء المغتصبات (المستوطنات) الصهيونية عليها، وتهويد المسجد الأقصى المبارك وتقسيمه والسيطرة الكاملة على القدس بمساجدها وكنائسها".
وأشادت المقاومة خلال رسالتها ببطولة أهل قطاع غزة قائلة"أسأتم وجه عدوكم وصنعتم بمعركة طوفان الأقصى المباركة مجدا عزّ مثيله.. لذا فإن كل الآلام ستصبح آمالا تتحقق واحدة تلو الأخرى مع هذه الأيام الصعاب التي جمع العدو فيها قوته وبطشه ليستأصلنا من أرضنا".
وتابعت "نحن عاجزون أمامكم وأمام تضحياتكم وأمام دعمكم وإسنادكم واحتضانكم لمقاومتنا، فنحن خرجنا من رحم معاناتكم وآلامكم وعذاباتكم وتضحياتكم".
وأكدت حماس أنها تعمل في كل الاتجاهات وتقاتل في كل الساحات مع الإخوة في الفصائل الفلسطينية قائلة "لعلنا بذلك نقدم لكم القليل تجاهكم ونصوب المسارات لتدارك الزلات والأخطاء التي وقعت ولا تزال بفعل حرب الإبادة الجماعية".
وأكدت الحركة أنها تجتهد "في لجان الطوارئ أحيانا كثيرة لتصويب مسارات العمل الحكومي والإغاثي والإنساني والأمني والاقتصادي".
وخصت الحركة في جانب من رسالتها الأمهات والأخوات والبنات في قطاع غزة، قائلة "أنتن عنوان المرحلة وشرف الأمة المصون، وأنتن خيرة نساء هذه الأرض، وأنتن بإذن الله عنوان النصر؛ لأننا نعلم كم الألم الذي تحملتموه، وكم الوجع الذي لاقيتموه، وكم الفقد لأحبابكم الذي ضاقت به صدور الرجال".
ووجهت الحركة كلامها في ختام رسالتها للعدو الصهيوني متوعدة إياه بأن يرى رد المقاومة الحقيقي على أرض الواقع قائلة "نقول للاحتلال الصهيوني لقد استطعت أن تنتصر انتصارا ساحقا عظيما في كشف وجه الإجرام والإرهاب الحقيقي لكيانك الزائل.. لكن سؤالنا لكم هل تستطيعون البقاء لحظة في مواقع احتلالكم أو مواصلة عملياتكم البرية بأمان؟".
وأضافت "لن نجيبكم ولكن سنجعل جوابنا ما ترون لا ما تسمعون، وحينها يفرح المؤمنون بنصر الله ويشفي صدور قوم مؤمنين".
ويذكر أنه منذ أكثر من 7 أشهر يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة على الفلسطينيين في قطاع غزة ردا على عملية طوفان الأقصى المبارك التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية يوم السابع من تشرين الأول في العام الماضي حيث استشهد وأصيب عشرات الآلاف، أغلبهم أطفال ونساء، ودمرت قرابة 70% من البنية التحتية المدنية من منازل ومدارس ومستشفيات.
حيث بعثت المقاومة من خلال عملياتها الأخيرة والتي تستهدف فيها مواقع وتجمعات لقوات الاحتلال برسائل واضحة موجهة بالدرجة الأولى للداخل الإسرائيلي مفادها بأن قيادتكم لم تقوض قدرات حركة حماس وبقية الفصائل بعد أشهر من الحرب.
ويؤكد مراقبون أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تقاتل في المناطق التي دخلها جيش الاحتلال قبل 6 أشهر، وكتائبها في رفح هي أكثر قدرة وجاهزية للقتال، وهو ما أثبتته من خلال العمليات التي نفذتها -الجمعة- بإطلاق صواريخ من مسافة 40 كيلومترا، مؤكدا أنها قادرة على أن تطلق صواريخ بمدى 60 إلى 75 كيلومترا.
وأبطلت عمليات كتائب القسام مزاعم نتنياهو من أنه قضى أو حيّد القدرة الصاروخية للمقاومة وأن مدن الداخل لم تعد عرضة لهذه الصواريخ، فإن إطلاق المقاومة لصواريخ من قلب رفح ومن مدن أخرى يعطي دلالة على أنها قادرة على زيادة زخم الصواريخ التي تطلقها باتجاه البلدات الإسرائيلية وإيصالها لمديات أخرى.
وخلفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة أكثر من 36 ألف شهيد وأكثر من 80 ألف جريح منذ بدء العدوان في تشرين الأول.
هذا وحققت القضية الفلسطينية في الـ28 من ايار الجاري انتصارا سياسيا جديدا وغير مسبوق، بعد قرار ثلاث دول أوروبية، اسبانيا وايرلندا والنرويج، الإعلان عن الاعتراف رسميا بدولة فلسطين، في خطوة ستدفع مزيدا من الدول الغربية، وخاصة في هذا الاتجاه الذي تحقق بفعل طوفان الأقصى وضمن تداعيات المواجهة القائمة بين المقاومة والاحتلال.
يبدو جليا أن التداعيات السياسية والمتغيرات التي أحدثها طوفان الأقصى وتفجير المقاومة الفلسطينية في غزة لمواجهة مفتوحة مع الكيان الصهيوني لم تنته عند هذا الحد الماثل في المشهد الفلسطيني والدولي، بل إنه بدأ عند هذا الحد في منحى من تصاعد هذه التداعيات باتجاه تحقيق مزيد من المكاسب والمنجزات السياسية لمصلحة القضية الفلسطينية، ولعبت فيها المقاومة التي منعت من حيث صمودها الكيان الصهيوني من حسم المواجهة رغم مرور ما يقارب الثمانية أشهر، وساهمت فيها جهود دول وعلى رأسها الجزائر، في إعادة المسألة الفلسطينية إلى صدارة الانشغال الدولي وتركيز اهتمام المجتمع الأممي عليها بعد عقود من وضعها في آخر الاهتمامات.
ويرى محللون أن أكثر ما يقلق قادة الكيان في الخلفية السياسية؛ هو أن تزامن قرارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية مع المواجهة التي فجرتها المقاومة ضد الكيان، يجعل منها نتائج مترتبة على جهد المقاومة ومن النتائج السياسية لمجهودها، وذلك يعني إعطاء شرعية أكبر للمقاومة كخيار أساسي لاستعادة الحقوق، وهو ما ينذر بتمدد هذا الخيار على مستوى الساحة الفلسطينية.