الوقت- لقد فشل النواب العراقيون في انتخاب رئيس للبرلمان خلال عملية تصويت جرت السبت، مع عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية خلال جلسة عقدت في أجواء مشحونة، وهذه المحاولة ليست الأولى في سلسلة من المحاولات الفاشلة لتعويض رئيس البرلمان السابق الذي أقيل في نوفمبر، على وقع مشاحنات سياسية وانقسامات بين الأحزاب السنية الرئيسية أدت إلى عرقلة العملية.
وتصويت السبت الماضي على الرغم من الفشل كان الأقرب نحو التوصل لانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب المؤلف من 329 عضوا، مع حضور 311 نائبا الجلسة وافتقار المرشح الرئيسي لسبعة أصوات فقط للفوز بالمنصب.
وأعلن المكتب الإعلامي للمجلس أن 137 نائبا صوتوا لمحمود المشهداني، أكبر الأعضاء سنا، فيما اختار 158 نائبا، سالم العيساوي، لكن المرشح يحتاج إلى 165 صوتا على الأقل للفوز وتداولت وسائل الإعلام المحلية مقاطع فيديو لمشاجرة قصيرة بين النواب، وذكرت أن واحدا منهم على الأقل أصيب، وأعلن المكتب الإعلامي للبرلمان بعد ذلك أن الجلسة رفعت، ويذكر أن ترتيبات تقاسم السلطة معقدة في العراق الذي يتألف من فسيفساء من المجموعات العرقية والطوائف المختلفة.
ويخصص تقليديا منصب رئيس الجمهورية الشرفي إلى حد كبير للأكراد، ومنصب رئيس الوزراء للشيعة، في حين أن رئيس البرلمان عادة ما يكون سنيا، ودعم ائتلاف من ثلاث كتل سنية العيساوي، أما المشهداني الذي كان أول رئيس للبرلمان العراقي بعد اعتماد دستور عام 2005، فقد حظي بدعم الكتلة الكبيرة لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وسيحل رئيس البرلمان الجديد محل الحلبوسي، السياسي النافذ الذي تولى المنصب عام 2018 وأقيل بقرار من المحكمة الاتحادية العليا في نوفمبر الماضي بعد أن اتهمه أحد النواب بتزوير خطاب استقالته، ولن تستمر ولاية رئيس البرلمان الجديد طويلا مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في عام 2025.
عراك ودماء في جلسة انتخاب الرئيس
كما كان متوقعاً، وفي سيناريو مستنسخ، رفع مجلس النواب العراقي، جلسة انتخاب رئيسه، مساء السبت، إلى إشعار آخر، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة "حاسمة" لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم، حيث لم يختلف المشهد كثيراً عن جلسة الـ3 من كانون الثاني 2024، فالمشاهد التي سربها النواب عن جلسة اليوم، من مشادات كلامية وتشابك بالأيدي، شهدها وخبرها قبل خمسة أشهر، بسيناريو مكرر من قبل نواب حزب تقدم الذي يرأسه محمد الحلبوسي.
ووثقت هواتف النواب، مشادة كلامية وتشابكاً بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان، وتعليقاً على ما جرى، كتب القيادي في حزب السيادة، مشعان الجبوري، على منصة إكس، "حدث ما حذرنا منه.. فعندما بلغ النصاب 190 نائباً، تأكد تقدم أن الأمر قد قضي فعملوا حاجزاً بين المقاعد ومنصة الرئاسة"، وأضاف الجبوري: إن "النائب عن تقدم هيبت الحلبوسي اعتدى على رئيس كتلة العزم مثنى السامرائي، ما دفع النائب أحمد الجبوري إلى ضرب هيبت".
وقبل ذلك، طالب نواب عن تقدم بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، قبل البدء بالتصويت في جولة الحسم، خشية من فوز سالم العيساوي بالجولة الثالثة، وفقا لمصدر برلماني، وبينما كان النصاب مكتملاً داخل قاعة التصويت على رئيس البرلمان، انبرى عدد من نواب تقدم، ورفضوا المضي بالتصويت ما لم يتم تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، هذه المطالب، تسببت بحدوث فوضى داخل المجلس النيابي، تطورت لاحقاً إلى عراك بالأيدي، وسب وشتم بين عدد من نواب تقدم، وآخرين من كتل أخرى، حسب ما أظهرته مشاهد مسربة من الجلسة.
وفشل مجلس النواب العراقي، بانتخاب رئيس جديد له، في الجولة الثانية التي شهدت منافسة محتدمة بين العيساوي، والمشهداني، حيث حصل الأول على 158 صوتاً في حين حصل الثاني على 137 صوتاً، وعلى خلفية هذا التقارب بالأصوات، سادت حالة من الانقسام بين الكتل السياسية، حيث أصرت كتل السيادة والعزم وكتل أخرى منضوية في الإطار، ونواب آخرون يدعمون تولي سالم العيساوي، على استكمال الجلسة، والبدء بالجولة الثالثة لانتخاب رئيس جديد للمجلس.
لكن كتلاً أخرى من بينها دولة القانون وتقدم والصدارة التي تدعم تولي محمود المشهداني لمنصب رئيس البرلمان ضغطت ودفعت نحو تأجيل الجلسة إلى إشعار آخر، وفق مصدر نيابي مطلع على المشهد عن قرب، وبعد قرابة نصف عام على تنحية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، لم يفلح المجلس النيابي في إسناد المنصب لأي مرشح، حيث أخفق وللمرة الخامسة في حسم الملف، الذي عطّل بدوره تشريع قوانين مهمة.
ترتيبات معقدة
إن ترتيبات تقاسم السلطة معقدة في العراق الذي يتألف من فسيفساء من المجموعات العرقية والطوائف المختلفة، ويخصص تقليدياً منصب رئيس الجمهورية الشرفي إلى حد كبير للأكراد، ومنصب رئيس الوزراء للشيعة، في حين أن رئيس البرلمان عادة ما يكون سنياً، لكن يهيمن على البرلمان ائتلاف من الأحزاب الشيعية، ودعم ائتلاف من ثلاث كتل سنية العيساوي، أما المشهداني الذي كان أول رئيس للبرلمان العراقي بعد اعتماد دستور عام 2005، فقد حظي بدعم الكتلة الكبيرة لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.
وسيحل رئيس البرلمان الجديد محل الحلبوسي، السياسي النافذ الذي تولى المنصب عام 2018 وأقيل بقرار من المحكمة الاتحادية العليا في نوفمبر الماضي بعد أن اتهمه أحد النواب بتزوير خطاب استقالته، ولن تستمر ولاية رئيس البرلمان الجديد طويلاً مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في عام 2025.
افتعال مشكلات
وكان عزام الحمداني، المتحدث باسم تحالف (عزم)، قد توقع في تصريح لوسائل الإعلام المحلية السبت "قيام بعض النواب بافتعال مشكلات وإفشال جلسة الانتخاب من خلال عراك ما بين بعض النواب، لمنع وصول العيساوي إلى رئاسة مجلس النواب"، وعلى أثر استمرار التشابك بين بعض النواب، أعلن المندلاوي رفع الجلسة إلى إشعار آخر، وأثناء خروجه من القاعة، قال إنه لن يسمح بعقد جلسة "إلا بتقديم مرشح واحد فقط لرئاسة البرلمان"، وكانت جلسة صاخبة استمرت لأكثر من 10 ساعات في الـ13 من يناير (كانون الثاني) الماضي لاختيار رئيس جديد للسلطة التشريعية قد شهدت تبادل نواب اتهامات لزملائهم بتلقي الرشاوى، وحسب بيانات الدائرة الإعلامية لمجلس النواب العراقي، فقد حضر تلك الجلسة 314 نائباً، ترشح منهم خمسة لمنصب رئيس البرلمان.
وكانت نتيجة التصويت في تلك الجلسة حصول شعلان الكريم، مرشح حزب (تقدم) الذي يقوده الحلبوسي، على 152 صوتاً، بينما حصل العيساوي، مرشح تحالف (السيادة)، على 97 صوتاً فقط بعد أن تخلى عنه زعيم التحالف خميس الخنجر، وحصل المشهداني على 48 صوتاً، والنائب المستقل عامر عبدالجبار على ستة أصوات، فيما نال النائب طلال الزوبعي صوتاً واحداً، وجاءت جلسة السبت بعد مواصلة القوى السياسية العراقية مداولاتها في شأن اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي خلفاً للحلبوسي، وقال مصدر من الإطار التنسيقي إن التواصل بين قوى الإطار حتى الآن "لم يفض إلى اتفاق على التصويت لمرشح بعينه، وما زالت الآراء متأرجحة بين المشهداني - مرشح تحالف (تقدم - الصدارة) - وسالم العيساوي مرشح تحالف (السيادة)".
تفاهمات مشتركة
وعزت الكتلة قرار الانضمام إلى "تقدم" "على خلفية اجتماعات أفضت إلى تفاهمات مشتركة"، ودعت الكتل السياسية إلى دعم ترشيح المشهداني لرئاسة البرلمان من أجل حسم هذا الاستحقاق وإنهاء التعطيل وتفعيل دور مجلس النواب، وعشية انعقاد جلسة السبت الماضي، أصدر العيساوي بياناً قال فيه إنه ينبغي على أي رئيس للسلطة النيابية الالتزام والحفاظ على وحدة العراق "وعدم السماح أو القبول أو التساهل بأي مشاريع تهدد كيان البلاد تحت أي نوع من الذرائع والمبررات والضغوط"، في إشارة إلى رفضه مشروع الإقليم السني الذي يتهم الحلبوسي بدعمه، يذكر أن مجلس النواب العراقي صوت في وقت سابق السبت بالموافقة على تمديد فصله التشريعي لمدة 30 يوماً أخرى، تأكيداً للقرار الذي اتخذته رئاسة المجلس.