الوقت- جاء التخبط والفشل الأمريكي الإسرائيلي في غزة هذه المرة على شكل تصريحات ومواقف لعدد من كبار الساسة في واشنطن التي فضحت حجم هذا الفشل الذي تعيشه القيادات الأمريكية والإسرائيلية في إدارة المعركة وعكست يأسهم من تحقيق أي نصر، حيث طالب السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام "إسرائيل" بأن تفعل كل ما عليها فعله لإنهاء الحملة العسكرية وقال غراهام "هذا هو القرار الصحيح (ضربة نووية)، أعطوا "إسرائيل" القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب، فهي لا تستطيع تحمل الخسارة، واعملوا معها على تقليل الخسائر البشرية، وفق زعمه، هذا و لم يعد أحد يستغرب الدعوات الإرهابية للمسؤولين الأمريكيين والتي تثبت أن سمة الإرهاب الدولي متأصلة في الإدارة الأمريكية وحلفائها.
وفي هذا السياق كان الكونغرس الأمريكي، قد وافق في أبريل/نيسان الماضي، على حزمة مساعدات عسكرية لـ"إسرائيل" بقيمة 15 مليار دولار، بينها 5 مليارات دولار لتجديد مخزون الأسلحة، وجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يشير فيها غراهام إلى ناغازاكي وهيروشيما للدفاع عن تزويد "إسرائيل" بالأسلحة الأمريكية، ففي الجمعة الماضي، قال غراهام في مؤتمر صحفي: "أنقذنا مليون أمريكي من الاضطرار إلى الذهاب وغزو اليابان"، كما سبق وأدلى بتصريح مماثل خلال جلسة استماع بالكونغرس الأربعاء.
أمريكا ..إرهاب متأصل
لطالما أعطت امريكا نفسها الحق في قتل شعوب وتدمير الحياة في بلدان عدة هذا ما أكده السيناتور الأمريكي في حديثه إلى قناة NBC في برنامج Meet the Press، عدما قال: إن "إسرائيل" سيكون لها ما يبرر تسوية قطاع غزة بالأرض باستخدام سلاح نووي، وذلك ببساطة لأن الولايات المتحدة فعلت ذلك في هيروشيما وناغازاكي في الأربعينات ضد اليابان التي شنت أولا الحرب على الولايات المتحدة في بداية المواجهة بهجومها على قاعدة الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربور.
غراهام الذي بدأ كلامه قائلاً: “لذلك عندما واجهنا الدمار كأمة بعد (هجوم اليابان على) بيرل هاربور، ومحاربة الألمان واليابانيين، قررنا إنهاء الحرب بقصف هيروشيما وناغازاكي بالأسلحة النووية”، وصف قصف هيروشيما وناغازاكي بأنه “القرار الصحيح” من قبل الولايات المتحدة، وأضاف أعطوا "إسرائيل" القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب التي لا تستطيع تحمل خسارتها، واعملوا معها لتقليل الخسائر البشرية.
ونقلت شبكة “إن بي سي” عن غراهام قوله: إن "إسرائيل" من حقها أن تدافع عن نفسها، وإن عليها أن تفعل كل ما عليها للبقاء على قيد الحياة كدولة يهودية، وطالب إدارة البيت الأبيض بإلقاء قنبلتين نوويتين على إيران وغزة وقتل أولئك الذين يريدون قتل اليهود قبل أن يفعلوا ذلك.
رد حماس
أكدت "حماس"، في بيان، أن هذه "التصريحات الصادمة (...) تدلل على عمق السقوط الأخلاقي الذي وصل إليه (غراهام)، وعقلية الإبادة والاستعمار التي تسكنه".
وأضافت إن هذه العقلية تسكن أيضا "قطاعات من النخبة السياسية في الولايات المتحدة، والمتماهية مع جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، ينفّذها جيش الاحتلال المتجرّد من الأخلاق ضد مدنيين عُزَّل".
وتابعت "حماس": "ندين هذه الدعوات والمواقف، التي تأتي في سياق تقديم فروض الولاء للاحتلال الفاشي، والتي تجعل أصحابها شركاء في حرب الإبادة".
ودعت مَن أسمتهم "أحرار العالم" إلى "إدانة هذه المواقف واستنكارها، ومواصلة الضغط لوقف العدوان وحرب الإبادة والتجويع ضد شعبنا الفلسطيني".
تصريح إجرامي
بالعودة إلى القانون الدولي يعتبر هذا التصريح إجرامياً يجب أن يقدم صاحبه إلى المحكمة الجنائية الدولية وإلى كل المحاكم الجنائية فى كل دول العالم..وفقاً للمواثيق الدولية صاحب هكذا مطالبات يعتبر مجرماً فهي دعوة لإبادة شعب بأكمله بقنبلة واحدة، وهو ليس تهديدا لغزة وحدها، بل في الحقيقة هو تهديد خطير لدول الشرق الأوسط كافة.
تهديد بأن ثمن أمن كيان الاحتلال الصهيوني لدى الأمريكيين هو إبادة كل شعوب المنطقة لو تطلب الأمر ذلك، هذا التصريح الإرهابي العنيف والذي تكرر على لسان أكثر من سيناتور أمريكي يدل على أن أمريكا هي العدو الرئيسى وليس كيان الاحتلال الإسرائيلي وحسب، وأن هذا الكيان الذي زرع في قلب الوطن العربي لا يعدو أن يكون قاعدة عسكرية إستراتيجية أمريكية فى الوطن العربي منذ تاسيسها فى 1948، وأنه لولا الدعم الأمريكي، لما وجدت من تدعى "إسرائيل".
كل ذلك وغيره الكثير، يجب أن يدفع قيادات الدول العربية إلى تجديد النظر فى علاقتها مع الأمريكيين، وأن تعيد تقييم علاقتها وسياساتها الخارجية مع كل الدول المناهضة للولايات المتحدة، وأن تضع على رأس أولوياتها الإستراتيجية إنهاء الوجود والهيمنة الأمريكية في المنطقة.
التنديد لم يعد كافياً أمام مثل هذه التصريحات الإرهابية بل ينبغي على جميع الدول المستقلة أن تتحرك وتستدعي سفراءها لدى الولايات المتحدة، وإجراءات أخرى كثيرة، يجب أن يكون هدفها هو إثارة أكبر ضجة من الاعتراض والرفض لهذا التهديد الإرهابي النووي الصادر من عضو ثقيل الوزن بالكونغرس الأمريكي فالأمر لم يعد غزة فحسب إنما هو تهديد عالمي.
إعلان هزيمة "إسرائيل"
تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام تدل وبشكل قاطع على العنصرية التي تتمتع بها دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، وتدل على أن استمرار الولايات المتحده بدعم "إسرائيل" وتقديم المساعدات العسكرية لها، وآخرها ما قدر بـ26 مليار دولار، ما هو إلا لإنقاذ كيان الاحتلال من الاعتراف بالهزيمة في قطاع غزة، وخاصة أن الجيش الإسرائيلي لم يستطع حتى هذه اللحظة تحقيق أي من أهدافه المعلنة، سواء بالقضاء على قيادات "حماس" أو تحرير المحتجزين، مع انقسامات حادة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وزيادة حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين، وبالتالي سقط الجيش الإسرائيلي في مستنقع غزة ولن يستطيع الخروج منها إلا مهزوما، وخاصة مع ارتباط هذه التصريحات بتصريحات سابقة لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن والذي قال إن "إسرائيل" من الممكن أن تحقق نصرا عسكريا، ولكنها خسرت هذه الحرب استراتيجيا، وتصريحات أخرى لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لا تخرج عن هذا السياق".
وبالتالي، خروج هذه التصريحات المتكررة من أفواه المسؤولين الأمريكيين دليل قاطع على فشل حكومة الاحتلال وجيشه في تحقيق أي انتصار، وهذا مؤشر على خطورة الأوضاع داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد يؤدي تطور الأوضاع في حالة إقدام كيان الاحتلال الإسرائيلي على عملية في رفح الفلسطينية إلى انهياره، وهذا ما يمثل تهديدا وجوديا لأمن الكيان الغاصب، وهنا يكمن الخوف الأمريكي والغربي.