الوقت- وكأنها من يحدد نهج العالم، واشنطن التي قال المتحدث باسمها إن أمريكا لا تريد أبدا أن تكون حماس مسؤولة عن السيطرة على غزة بعد الحرب، قائلاً لا نريد أبداً أن تكون حماس هي المسؤولة عن غزة بعد الحرب، وإن الولايات المتحدة تؤيد وقفًا أطول لإطلاق النار لانسحاب جنودها من غزة، وتابع حديثه وقال إنه لا يستطيع تأكيد ما ورد في وسائل الإعلام حول مدة وقف إطلاق النار في غزة، وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض: "إن شكل غزة بعد الحرب، مهما كان، لن يشمل قيادات حماس"، في وقت تتهم فيه واشنطن بالإرهاب بالتعاون مع الاحتلال العسكري في فلسطين لإبادة وتهجير أهالي غزة الذين حولت الطائرات الإسرائيلية ديارهم إلى أنقاض وعائلاتهم إلى أشلاء.
سياسات أمريكيّة رعناء
لم ينس المتحدث باسم البيض الأبيض الحديث عن العدوان الأمريكي ضد اليمن، وقال: "العملية المشتركة ضد الحوثيين استهدفت أنظمة ومنصات إطلاق الصواريخ، والطائرات دون طيار والمروحيات، ومستودعات تخزين الذخيرة، والهدف من العملية هو ما أسماه زيادة تقليص قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، حيث استهدفت الولايات المتحدة، التي شكلت تحالفاً عسكرياً لمواجهة عمليات الجيش اليمني في البحر الأحمر، هذا الصباح، مع المملكة المتحدة وحلفاء آخرين، مواقع في الأراضي اليمنية، وقال "محمد علي الحوثي"، العضو البارز في المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية، اليوم، إن "الجيش اليمني سيرد على هجمات الولايات المتحدة وإنجلترا"، ومن المستحيل أن نبقى صامتين في وجه العدوان الأمريكي والإسرائيلي، كما أن الجيش اليمني سيواصل هجماته على السفن الإسرائيلية، وسيستمر الرد على الاعتداءات على قطاع غزة، ولن تستمع صنعاء إلا لنداء الضمير الإنساني، إن هذه الاعتداءات لن تمر دون رد، حيث تثير مواقف إدارة الرئيس جو بايدن تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استياءً واستغرابًا واسعين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في الأوساط المحافظة أو الليبرالية.
ومن جهة، يصر أعضاء الإدارة مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، على تأكيد مبدأ حل الدولتين كأساس لأي تسوية مستقبلية بعد النزاع في غزة، ومن ناحية أخرى، تواصل الولايات المتحدة تزويد "إسرائيل" بالأسلحة والذخائر بشكل يومي، دون المطالبة بوقف الهجمات، حتى بعد تزايد عدد الضحايا جراء العدوان الإسرائيلي، والذين بلغوا أكثر من 25 ألف شهيد، ومعظمهم من الأطفال والنساء، وبعد يوم واحد فقط من رفض بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بشكل علني فكرة إقامة دولة فلسطينية، أكد الرئيس جو بايدن أن تحقيق حل الدولتين ليس مستحيلاً حتى في ظل وجود نتنياهو في السلطة، وخلال محادثته مع نتنياهو، وأعلن بايدن عن "رؤيته لسلام وأمن أكثر ديمومة لإسرائيل، متكاملة تمامًا في المنطقة، وحل الدولتين مع ضمان أمن إسرائيل".
وتعتبر هذه الرؤية بمثابة تحدٍ واقعي، حيث يواصل البيت الأبيض جهوده للترويج لفكرة صفقة سعودية إسرائيلية كوسيلة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، عبر ربط مستقبل قطاع غزة بهذا الاتفاق المحتمل، وتشير التقارير إلى وجود خطة أمريكية تستهدف تأمين أموال إعادة الإعمار من السعوديين، وتقديم تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين، بالإضافة إلى موافقة فلسطينية على الصفقة كجزء من خارطة طريق عاجلة لإعادة إعمار قطاع غزة، وفي المقابل، بينما أكد جو بايدن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول على موقفه، توسعت مناطق الصراع، حيث نفذت واشنطن وحلفاؤها هجمات على قواعد الحوثيين في اليمن بعد استهداف الحوثيين سفن شحن في البحر الأحمر، رداً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
عقبة في طريق السلام
إن المبادئ التي تقوم عليها الإدارة الأمريكية ليست معقولة بما يكفي، والإدارة لم تظهر أي اهتمام حقيقي بتهيئة الظروف وإنشاء عملية للوصول إلى ذلك، باستثناء التطبيع الإقليمي الظاهري، وإنها غير واضحة للغاية فيما يتعلق بطبيعة وسلطات الدولة الفلسطينية المستقبلية، وما سيحدث في غزة بعد انتهاء هذا الصراع، إذا انتهى، ومن جانب آخر، إن رؤية إدارة بايدن غير منطقية بالتأكيد، ومع ذلك، ويمكن أن تكون هذه الركائز الأساسية حجر الزاوية في خطة مجهولة، وليس من الواقعي أن يحقق الإسرائيليون مطالبهم والأدلة كثيرة، وأمريكيا ومن الناحية الواقعية، لا يرى أحد حلاً للصراع الفلسطيني في السنوات الـ20 أو الـ30 المقبلة، ومع ذلك، فمن المنطقي أن يغير البيت الأبيض نهجه للاقتراب من مثل هذا الحل خطوة بخطوة، لكن دعمه الأعمى للصهاينة يجعل الأمريكيين عقبه في طريق السلام.
وسخر كثيرون من سياسة الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية توني بلينكن للأوضاع في الشرق الأوسط، وإنه على عكس ما يطمح إليه بايدن، فإن المهاجرين الإسرائيليين لفلسطين غير مستعدين تحت ظروف احتلالهم الحالية حتى لمناقشة فكرة منح الفلسطينيين دولة، لكن إدارة بايدن تواصل الضغط عليهم في التصريحات لا أكثر، واتهمت صحف أمريكية بلينكن بطرح حل فاشل لمشاكل الشرق الأوسط يتمثل في طرح نهج إقليمي، إلا أنه يتطلب أن تتخذ تل أبيب قرارات صعبة، وفي المقابل، يمارس التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي بقيادة السيناتور بيرني ساندرز ضغوطًا على إدارة بايدن لوقف إطلاق النار ووقف تقديم المساعدات العسكرية غير المشروطة للكيان، مع التركيز على تدقيق سجل "إسرائيل" في مجال حقوق الإنسان، ويعبر هذا التيار عن استيائه من إدراك بايدن المتزايد لاستحالة القضاء عسكريًا على حركة حماس، ورغم ذلك، تستمر إدارته في إرسال الأسلحة والذخائر ل"إسرائيل" بصورة يومية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وتتزايد الاحتجاجات التي يشارك فيها مئات العاملين ضمن إدارة بايدن، بالإضافة إلى تظاهرات مئات الآلاف في مختلف المدن الأمريكية للمطالبة بوقف إطلاق النار، ما يضع ضغطًا كبيرًا على صانعي القرار في واشنطن، وخاصة مع تعهد العديد من شباب الجامعات الأمريكية والجالية العربية والإسلامية بعدم التصويت لبايدن في الانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني، ومن الصعب معرفة ما تفكر فيه إدارة بايدن، نظرًا لدعمها المستمر لأفعال "إسرائيل"، على الرغم من الاحتجاجات العالمية والقضية المطروحة حول الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، إنهم بالتأكيد يدركون أهمية السابع من أكتوبر/تشرين الأول وتداعياته على أمن "إسرائيل" مع التغاضي عن الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة.
في الختام، إذا كان الأمريكيون على علم بالضرر الذي لحق بمصداقية الولايات المتحدة، وفعالية القانون الدولي، والضرر الذي لحق بسمعة الإدارة نفسها بسبب عدم محاسبة الكيان على أفعاله بأي شكل من الأشكال، فإنهم لا يبدو أنهم مهتمون بذلك، وقد استمروا في الموقف نفسه دون تغيير، وتؤمن الإدارة الأمريكية بصعوبة تحقيق أي اختراق في الموقف الإسرائيلي المتصلب في ظل رئاسة نتنياهو للحكومة الأكثر يمينية في تاريخ "إسرائيل"، كما أن حكومة إسرائيلية أخرى ربما تستطيع القيام بما تتصوره واشنطن، إذا فهمت "إسرائيل" أهمية كل هذا لأمنها المتهالك على المدى الطويل، ويبقى أن نرى، لكن أحد الأهداف هنا بالتأكيد من وجهة نظر إدارة بايدن هو إرسال رسالة إلى الإسرائيليين مفادها بأن نتنياهو جزء كبير من المشكلة، وأن التخلص منه ضروري للغاية.