الوقت - في أعقاب الأعمال الإرهابية التي قام بها عملاء الصهاينة في راسك وكرمان بإيران، والتي أدت إلى استشهاد العشرات من المواطنين، رد الحرس الثوري الإيراني على هذا العمل الإرهابي، باستهداف مقر الموساد في أربيل بالعراق بهجماته الصاروخية.
وأدى هذا الهجوم إلى ردود فعل سلبية من بعض المسؤولين العراقيين وقيادات إقليم كردستان العراق، الذين يرفضون بشكل عام رواية إيران عن أنشطة الموساد في إقليم كردستان العراق.
وفي هذا الصدد، تحدث موقع "الوقت" التحليلي مع الخبير في شؤون المنطقة، السيد داوود أحمد زاده، للتعمق أكثر في أبعاد القضية.
الوقت: بعض المسؤولين العراقيين اتخذوا مواقف معارضة للتحرك الإيراني، واعتبروه مخالفاً للاتفاقية الأمنية. ماذا تقول المعاهدة الأمنية عن مثل هذه التهديدات؟ ولماذا يعتقد العراق أنه تم التحرك ضدها؟
السيد داوود أحمدزاده: قبل إبرام الاتفاقية الأمنية بين حكومتي إيران والعراق، ووفقاً للتحذيرات التي وجهتها إيران للعراق وخاصةً إقليم كردستان، تقرر تفكيك جماعات المعارضة الكردية المتمركزة في إقليم كردستان بشكل كامل، لأن الانفلات الأمني من داخل كردستان يؤثر على الأمن القومي الإيراني.
ومع ذلك، وعلى الرغم من التحذيرات وإبرام اتفاقية أمنية بين كبار المسؤولين العراقيين ومجلس الأمن القومي الإيراني خلال فترة رئاسة السيد شمخاني، فقد شهدنا تراجعاً من إقليم كردستان. كما أنه أعطی الإمكانية والفرصة لجماعات المعارضة الكردية العراقية لخلق التهديدات الخطيرة لأمن إيران، ومنها الاغتيالات التي تمت داخل إيران، والمعلومات التي تم جمعها عبر إقليم كردستان لصالح الکيان الصهيوني والأمريكيين.
في الواقع، وبسبب انعدام الأمن والانقسامات العرقية الموجودة في إقليم كردستان، بالإضافة إلى العناصر المناهضة لإيران، هناك أيضًا بعض قوى التدخل الأجنبية.
ويحاول الکيان الصهيوني التقرب من القوى غير العربية على أساس خطة بن غوريون، وتطبيع العلاقات معها على أساس هذه الخطة، بسبب الصراعات الأيديولوجية والمنافسات العسكرية مع إيران في المنطقة، حتى يتمكن من الضغط على إيران عبر الحدود، وأيضاً تنفيذ أهدافه الإرهابية في إيران بسهولة، وهذه الأسباب دفعت إيران إلى تفكيك مقرات التجسس التابعة للكيان الصهيوني، من أجل استقرار الأمن في البلاد والمنطقة.
الوقت: هل هناك بند في هذه الاتفاقية يلزم العراق بالتعامل مع مصدر التهديد من أراضيه فيما يتعلق بإيران؟
السيد داوود أحمدزاده: کلا. حسب أحد بنود الاتفاق الذي كان من المقرر تنفيذه بحلول عام 2023، فقد التزمت الحكومة العراقية بنزع سلاح القوات الكردية العراقية وعدم السماح لها بالعمل، والقضاء على هذه الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة بشكل عام.
لقد تم توقيع هذه الاتفاقية من قبل الحكومة المركزية في العراق، وعليه، فإن العمل الإرهابي ضد إيران يعني انتهاكاً للاتفاقية الأمنية، ويُعطى لإيران الحق في اتخاذ إجراءات رادعة دفاعاً عن البلاد.
وبالطبع، فإن هذا الأمر له خلفية تاريخية والتزامات تم تقديمها من قبل، لكن حتى الآن لم تلتزم الحكومة المركزية وقيادات إقليم كردستان بهذه الاتفاقيات، ويأتي الإجراء الإيراني من أجل إرساء الأمن في البلاد، وقطع يد الإرهابيين عن إيران.
الوقت: لماذا هناك اختلاف بين رواية إيران والعراق من حيث وجود عناصر الموساد في أراضي الإقليم؟
السيد داوود أحمدزاده: على الرغم من الجهود التي بذلتها إيران لخلق الوحدة وكذلك تشكيل حكومة قوية في العراق، وخاصةً عندما كان "داعش" موجوداً في هذا البلد، حيث كانت إيران الدولة الوحيدة التي دافعت عن وحدة أراضي العراق وإقليم كردستان، وبذلت الدماء للحفاظ على الاستقرار وخلق الأمن في هذا البلد، لكن للأسف وبسبب الانقسامات العرقية والقبلية الموجودة داخل كردستان، فإن مجموعات من الأكراد لها علاقات وثيقة مع عملاء وعناصر الکيان الصهيوني، وبعض الحكومات عبر الإقليمية مثل الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن الإقليم حاول عدم القيام بأي نشاط ضد إيران، إلا أن الفصائل المتمتعة بالحكم الذاتي تنفذ أنشطة إرهابية ضد إيران بالتعاون مع عملاء الکيان الصهيوني، وإذا ردت الحكومة المركزية في العراق، بل رفعت شكوى ضد إيران في مجلس الأمن، فلا بد من القول إن ذلك لا يعتبر إجراءً أمنياً لهذا البلد، لأنه كل دولة، عندما ترى أن أمنها مهدد، ستتحرك بالتأكيد لإصلاح ذلك.
الوقت: إلى أي مدى تعتبرون دور القضايا السياسية مؤثراً في موقف الحكومة العراقية؟
السيد داوود أحمدزاده: للأسف، في هذه الحالات يمكن رؤية آثار التطرف في سلوك الحكومة المركزية، فعلى الرغم من أنهم يدركون أن الأنشطة الإرهابية في إقليم كردستان والجماعات المناهضة لإيران تسببت في رد فعل إيران، إلا أنهم يحاولون إثارة قضايا هامشية.
يجب على العراق أن يفي بالتزاماته الأمنية تجاه جمهورية إيران الإسلامية، وينبغي لإيران والعراق أن تتشاورا لحل الخلافات من أجل تحقيق النتيجة المرجوة، و لقد تفاوضت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرات عديدة مع العراق وقادة الإقليم، ويجب عليهم الالتزام ببنود الاتفاق مع إيران.
الوقت: لماذا رد العراقيون على الهجوم الإيراني إلى هذا الحد، ولم يكن هناك رد فعل مماثل على الهجوم الجوي الأمريكي على مبنى وزارة الدفاع ومقتل أحد قادة الحشد الشعبي؟
السيد داوود أحمدزاده: الحكومة المركزية في العراق منقسمة، وفكرة القوة الموحدة والقوية التي تفكر وتتصرف على أساس المصالح الوطنية غير موجودة، وللأسف نرى نقاط ضعف لدى الحكومة المركزية في العراق.
ويعدّ نفوذ القوى الأجنبية والإقليمية التي لها مواقف عدائية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أحد العوامل والمكونات المؤثرة، والقضية الأخرى تتعلق بالخلافات بين إقليم كردستان والحكومة المركزية.
والحقيقة أن الحل هو حكومة قوية تدعم وحدة العراق، ولا تسمح بتواجد الجماعات المعادية التي تغذي انعدام الأمن في المنطقة داخل حدود العراق، وينبغي لها أن تسمح وتخلق الفرصة للمضي قدماً على أساس التفاهم مع الجيران وتنفيذ التزاماتها الأمنية، ومن المؤكد أن الخلافات بين البلدين ستنخفض إلى الحد الأدنى.
الوقت: هل تعتقدون أن هذا الخلاف عابر، أم إن العراق ينوي متابعة هذا الموضوع؟
السيد داوود أحمدزاده: يبدو أن ضغوطاً تمارس على الحكومة المركزية من خلال قيادات إقليم كردستان، كما أن بعض المواقف التي اتخذتها الحكومات المؤثرة في المنطقة، أجبرت الحكومة العراقية على الرد بشكل حاد، لكن مرور الوقت يثبت أن إيران والعراق دولتان شريكتان استراتيجيتان، ويمكن حل الخلافات بينهما بالتأكيد.