الوقت- اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنَّ قرار مجلس الأمن الدولي، الذي يدعو إلى زيادة دخول المساعدات إلى قطاع غزة، يمثل "خطوة غير كافية"، واتهمت الحركة الولايات المتحدة بتفريغ جوهر القرار، ما يسمح لجيش الاحتلال بمواصلة تدمير غزة، وقد اعتمد مجلس الأمن قرارًا أمس الجمعة، يدعو إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتيسير إيصال المساعدات الإنسانية فورًا إلى قطاع غزة، وإعداد الأرضية لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحركة "حماس"، وأعربت حماس، في بيان صدر بعد القرار، عن استيائها لعدم صدور قرار من المجلس بوقف "حرب الإبادة الجماعية" التي تشنها "إسرائيل" على القطاع، وأضافت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيانها إن "القرار رقم 2722 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي يُعتبر خطوة غير كافية، ولا يفي بمتطلبات الحالة الكارثية التي نجمت عن آلة الإرهاب العسكرية في قطاع غزة".
حربٌ إرهابية على الفلسطينيين
بشكل مباشر، أشارت الحركة إلى أن القرار "لم يشمل قرارًا دوليًّا بوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي على شعبنا الفلسطيني في غزة"، واتهمت حماس الولايات المتحدة بـ"العمل على تفريغ هذا القرار من جوهره وتشويهه من خلال صياغته بهذه الصيغة الهزيلة التي تسمح للاحتلال بمواصلة مهمته في التدمير والقتل والإرهاب في قطاع غزة"، واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعو إلى زيادة دخول المساعدات إلى قطاع غزة "خطوة غير كافية"، مشددة على أن الولايات المتحدة أفرغت القرار من جوهره، ما يسمح لجيش الاحتلال بمواصلة تدمير غزة، وأكدت حماس في بيان أن من واجب مجلس الأمن الإلزام بإدخال المساعدات بكميات كافية إلى جميع مناطق القطاع، وخاصة في شمال غزة الذي يتعرض إلى حصار وتجويع مستمر، إلى جانب التعامل مع المجازر اليومية.
وحصل القرار على تأييد 13 عضوا في مجلس الأمن، بينما امتنعت الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت، وينص القرار على طلب الأمين العام للأمم المتحدة تعيين كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار لتيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة والقادمة من الدول غير الأطراف في النزاع، والتحقق من طابعها الإنساني، ويتطلب القرار أيضاً من المنسق الجديد أن يقوم، بشكل فوري، بإنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لتسريع عملية توفير شحنات الإغاثة الإنسانية لقطاع غزة، كما دعا القرار جميع أطراف النزاع إلى التعاون الفوري والكامل مع المنسّق الجديد لتمكينه من أداء واجباته دون تأخير أو عراقيل.
وتستمر الهجمات البشعة من الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في حرب مستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي، حيث خلفت حتى الآن أكثر من 20 ألف مدني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 55 ألف جريح، إلى جانب الدمار الهائل في البنية التحتية، تصاعدت الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة وفقًا للسلطات المحلية وتقارير الأمم المتحدة، ونتيجة للهجمات القاتلة والمدمرة التي شنتها "إسرائيل" منذ السابع من أكتوبر، نزح مليون نسمة من سكان قطاع غزة، يعيشون الآن في ظروف إنسانية خطيرة، وأعلن الرئيس الأمريكي، مؤخرًا، استمرار دعمه العسكري للكيان الصهيوني حتى انسحاب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من قطاع غزة، قال الرئيس جو بايدن: "سنستمر في تقديم الدعم العسكري لإسرائيل حتى نتخلص من حماس".
وحينها، زعم بايدن أنه حريص على حياة المدنيين وحذر من الزيادة الكبيرة في عدد الضحايا المدنيين جراء الهجمات الصهيونية على قطاع غزة، قائلاً: "على إسرائيل أن تكون حذرة، لأن الرأي العام العالمي قد يتغير بين عشية وضحاها"، أضاف الرئيس الأمريكي: "تمكنا من إخراج أكثر من 100 رهينة من غزة ولن نتوقف حتى نستعيد الجميع"، ويأتي هذا في سياق استمرار دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني، حيث وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على البيع الطارئ لـ 14 ألف قذيفة دبابة بقيمة تجاوزت 106 ملايين دولار، وقبل ذلك، استخدمت الحكومة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وفي ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وزيادة عدد الشهداء الفلسطينيين بشكل ملحوظ، يزعم الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته أنهم يبذلون جهودًا للتأثير على "إسرائيل" بهدف تقليل الخسائر المدنية، دون اللجوء إلى إجراءات قاطعة تجاه الكيان، وفقًا لتقارير غربية، يسعى بايدن إلى تحقيق هذا الهدف بما لا يؤثر في العلاقات مع "إسرائيل" ، من ناحية أخرى، أكد مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنهم لا يواجهون ضغوطًا دولية تؤثر على سياساتهم، وحث نواب أمريكيون، بمن في ذلك نائبة الرئيس كاملا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، تل أبيب على تنفيذ ضربات دقيقة أكثر لتجنب خسائر المدنيين، وخاصة في جنوب قطاع غزة.
ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، بلغ عدد الشهداء عشرات الآلاف خلال الغارات الجوية الإسرائيلية منذ انتهاء الهدنة، وارتفع هذا الرقم بشكل ملحوظ بعد عملية "طوفان الأقصى"، في هذا السياق، أعلن مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة تستبعد حاليًا فرض حظر على تسليم الأسلحة إلى الكيان أو انتقادها بشدة، ويعتبرون استراتيجية التفاوض الهادئ خيارًا فعّالًا لتغيير الأوضاع، مشيرين إلى تغيير موقف نتنياهو فيما يتعلق بدخول المساعدات إلى غزة، ويؤكدون أن هذا التحسن ليس نتيجة للتهديدات، وإنما نابع من جهود دبلوماسية مكثفة.
هل تغير حكومة الاحتلال استراتيجيتها؟
تُظهر الوقائع أن الحكومة الإسرائيلية لا تشعر بالضغط الكبير من المجتمع الدولي لتغيير استراتيجيتها، ومؤخرا أكد مستشار رئيس الوزراء على عزم "إسرائيل" على تحقيق أهدافها العسكرية، الولايات المتحدة توفر دعمًا عسكريًا سنويًا لـ"إسرائيل" بقيمة 3،8 مليارات دولار، وتطلب إدارة بايدن موافقة الكونغرس على مبلغ إضافي يصل إلى 14 مليار دولار، يعتبر هذا الدعم أداة لتعزيز التأثير الأمريكي في النزاع مع حماس، على الرغم من المطالبات بتغيير هذه السياسات الداعمة للأعمال العسكرية ضد المدنيين، وتشير التقارير إلى أن حجب أنواع معينة من العتاد أو تأخير إعادة ملء مخزونات الأسلحة قد يجبر الحكومة الإسرائيلية على تعديل استراتيجياتها وأساليبها.
ومع اقتراب انتخابات الرئاسة لعام 2024، يتعرض الرئيس بايدن لضغوط لتقليل الدعم العسكري للكيان، وخاصةً في ظل التحديات التي يواجهها في تلبية دعوات لخفض المساعدات، يوضح المصدر الأمني الإسرائيلي أن الدعم الأمريكي للكيان لم يتغير حتى الآن، ما يشير إلى استمرار التنسيق والتفاهم بين البلدين، ويشير محللون إلى ضغوط داخل الولايات المتحدة، حيث يطالب بعض أعضاء الديمقراطيين التقدميين بشروط لتقديم المساعدات العسكرية ودعم فكرة وقف فوري لإطلاق النار.
وتستمر منظمات حقوق الإنسان في التنديد بتوريد الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" أسلحة تستخدم في هجمات قتل المدنيين في غزة، ويُذكر أن ذخائر أمريكية الصنع أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين في غارات جوية إسرائيلية، وتثير هذه الأحداث تساؤلات حول الازدواجية في المعايير الأمريكية بين الدور العسكري والدور الإنساني وحقوق الإنسان في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتعزز الجدل حول المعايير الأخلاقية والسياسية التي تتبعها الولايات المتحدة في تسليح "إسرائيل".
وعلى الرغم من الانتقادات، يظهر أن الدعم الأمريكي لتل أبيب لا يزال قويًا ومستمرًا، ما يجعله جزءًا لا يتجزأ من العلاقات الثنائية التي جلبت الدمار للمنطقة، والعلاقات الأمريكية-الإسرائيلية تُعتبر واحدة من القضايا السياسية الرئيسية في الشرق الأوسط، مع تأثيراتها الملموسة على الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية، ويشمل الدعم الأمريكي لـ "إسرائيل" مساعدات مالية وعسكرية واسعة النطاق، بما في ذلك الإمدادات العسكرية وبرامج التدريب والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، ويتم تبرير هذا الدعم بأسباب تتعلق بتعزيز الأمان الإسرائيلي ودعم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في المنطقة، وتعترف الولايات المتحدة بالدور المهم الذي تلعبه "إسرائيل" كحليف استراتيجي، ومع ذلك، يثير الدعم الأمريكي للكيان انتقادات واسعة في الأوساط الدولية، حيث يُتهم بتقديم الدعم على حساب الأرواح والحقوق الفلسطينية والعدالة الاجتماعية في المنطقة.
وتظهر هذه القضية التناقض بين التأكيد على التزام الولايات المتحدة بأمان الكيان وبين الانتقادات التي تطالب بالاهتمام بحقوق الشعب الفلسطيني الذي يعاني في أرضه، ويظهر أن العلاقات بين الولايات المتحدة والكيان هي علاقة تاريخية مبنية على الاحتلال وتتميز بتأثير كبير، ويستمر الدعم الأمريكي للكيان في مختلف الجوانب، بدءًا من النواحي السياسية وحتى العسكرية والاقتصادية، يظهر هذا الدعم من خلال مساعدات مالية كبيرة وتزويد بتكنولوجيا ومعدات عسكرية متقدمة، ما يثير انتقادات حول تأثيره على الصراع الفلسطيني والتوترات في المنطقة، ورغم التحالف القوي بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، يظل الدعم الأمريكي يسهم في استمرار الصراع وتصاعد التوترات، وفي هذا السياق، يستمر الشعب الفلسطيني في سعيه لتحقيق حقوقه وتحرير أراضيه، وتظل غزة تشهد تأثيرات الصراع والدعم الأمريكي لتل أبيب.