الوقت- مع استمرار وتكثيف هجمات الكيان الصهيوني وجرائمه وعمليات القتل ضد سكان قطاع غزة، لم يعد من الممكن استخدام كلمات مثل "الوضع الحرج" أو "فوق الحرج" لوصف الوضع الطبي والإنساني وظروف الفلسطينيين.
حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن قطاع غزة يعاني من نقص حاد في الغذاء، وهي أزمة أدت إلى انتشار الجوع على نطاق واسع ووضعت جميع سكان قطاع غزة المحاصر تقريبًا في حالة أزمة.
صرحت سيندي ماكين، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، أن إمدادات الغذاء والمياه في غزة "منعدمة تقريبًا"، كما أكدت أن جزءاً فقط من المساعدات المطلوبة يصل إلى هذه المنطقة عبر الحدود، وأضافت: "مع اقتراب فصل الشتاء، والملاجئ غير الآمنة والمكتظة، ونقص المياه النظيفة، يواجه المدنيون الجوع الشديد"، وتابعت: "لا توجد وسيلة لتلبية احتياجات الجوع الحالي، الأمل الوحيد هو أن يتم فتح ممر آمن آخر أمام وصول المساعدات الإنسانية لتوصيل الغذاء المنقذ للحياة إلى غزة."
وجاء هذا التحذير بعد أسبوع من إغلاق آخر مخبز في غزة يعمل مع وكالة الأمم المتحدة بسبب نقص الوقود، وقد أدى هذا النقص في الوقود إلى توقف إنتاج الخبز بشكل كامل في جميع المخابز البالغ عددها 130 مخبزًا في غزة، وبالتالي أصبح الخبز الآن نادرًا أو غير متوافر في غزة.
كما أكدت علياء زكي، رئيسة قسم الاتصالات لبرنامج الغذاء في فلسطين، على ضرورة توفير الوقود، وأشارت إلى أن نقص الوقود يحد من إمكانية مساعدة المحتاجين، "فمن دون الوقود لا تستطيع الشاحنات التحرك، ولا تستطيع المصانع طحن القمح، والمخابز لا يستطيعون خبز الخبز والحياة ستتوقف".
بناء على التقارير؛ لا توفر الأغذية المستوردة من مصر عبر معبر رفح حاليا سوى 10% من الاحتياجات الغذائية لكامل سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وحسب الإحصائيات، فمن أصل 1129 شاحنة دخلت غزة منذ افتتاح معبر رفح الحدودي في 21 أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن هناك سوى 447 شاحنة تحمل مواد غذائية، وفي الوقت نفسه، قال برنامج الغذاء العالمي إن حجم هذه الكمية من الغذاء غير كاف على الإطلاق، بحيث إن الغذاء الذي يدخل غزة لا يكفي إلا لتوفير 7% من الحد الأدنى من السعرات الحرارية اليومية المطلوبة للسكان.
ومنذ الشهر الماضي، قدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية طارئة لأكثر من 700,000 نازح في غزة، ويخطط لزيادة هذه المساعدات لأكثر من مليون شخص في الأسابيع القليلة المقبلة.
"الخبز أصبح سلعة فاخرة"
من جهتها، قالت المتحدثة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط، عبير عطيفة: "إن أهل غزة بالكاد يحصلون على وجبة واحدة في اليوم، وتقتصر خيارات الطعام على الأغذية المعلبة، في حال توافرها، أما الخبز فأصبح طعاماً فاخراً.
وحذر من أن "غزة معرضة لخطر الوقوع في جحيم الجوع ما لم يتم توفير الوقود والغذاء بسرعة"، وقال: "2.2 مليون شخص، أي تقريبا كامل سكان غزة، بحاجة الآن إلى مساعدات غذائية".
وفي السياق ذاته، حذرت منظمة أوكسفام الإغاثية، التي ذكرت أن "إسرائيل " تستخدم المجاعة كسلاح في الحرب مع قطاع غزة، من نزوح مليون شخص في جنوب هذه المنطقة، دون خدمات الكهرباء والماء ويعيشون في ظروف قاسية بالقليل من الطعام، وقالت إن أهل غزة يتعرضون لعقاب جماعي.
وفي وقت سابق، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن كل سكان قطاع غزة يعانون من "انعدام الأمن الغذائي" بسبب الحصار الذي يفرضه عليهم الكيان الصهيوني منذ 7 أكتوبر الجاري.
وقال شو دونجيو رئيس هذه المنظمة الدولية: "لقد توقفت أنشطة صيد الأسماك والأنشطة المتعلقة بالثروة الحيوانية وزراعة الفواكه والخضروات الطازجة، كما تقلصت إمكانية حصول (غزة) على المصادر الحيوية للبروتين والأغذية الصحية، فضلاً عن فرص العمل وسبل العيش بشكل كبير".
غزة تعاني من أزمة تحت نيران الهجمات
عدوان الكيان الصهيوني على غزة مستمر لليوم الـ 43، بينما تواصل المنظمات الدولية التحذير من حدوث أزمة إنسانية في هذه المنطقة، إلا أن قوات الاحتلال، متجاهلة هذه التحذيرات، تواصل استهداف المستشفيات ومحاصرتها بالدبابات، واستمراراً لعدوان الكيان الصهيوني، هاجمت طائرات الاحتلال منزلاً في حي الجنينة شرق رفح، وأصابت عدداً من المواطنين، نقلوا إلى مستشفى النجار.
كما قصف الاحتلال مبنى في مدينة غزة، وأكد شهود عيان لـ"الميادين" وجود جثث وعشرات الجرحى، وطالبوا الفرق المختصة بإخماد النيران، كما استشهد في وقت مبكر من صباح اليوم السبت، نحو 27 فلسطينيا، معظمهم أطفال، في قصف مقاتلات الاحتلال لعدد من الشقق السكنية في مدينة خان يونس.
المستشفيات تحت حصار المحتلين
عندما لا تصف كلمتا "حرج" و"فوق حرج" الأوضاع الصحية والعلاجية للجرحى الناجمة عن اعتداءات الكيان الصهيوني في نواز غزة، فإن المثال الواضح على ذلك هو بلا شك الحصار الشديد لمستشفيات هذا القطاع بدبابات الكيان الصهيوني، أي إنه بالإضافة إلى القصف المستمر خلال الأيام الـ 41 الماضية، مع بداية العدوان البري لهذا الكيان، فقد حاصرت الدبابات الصهيونية حتى مستشفيات غزة في واحدة من أكثر الجرائم غير المسبوقة التي عرفتها البشرية على الإطلاق، وفي هذا الصدد، اعترفت وسائل الإعلام العبرية أيضًا بأن دبابات الكيان الصهيوني حاصرت مستشفيين وسط مدينة غزة وطالبت بإخلائهما.
وذكر مراسل الميادين أن دبابات الاحتلال حاصرت مستشفيات الرنتيسي والطب النفسي والعيون والنصر في قطاع غزة. وأضاف مراسل الميادين حم الصيني إن قوات الاحتلال قصفت بشكل مكثف محيط هذه المستشفيات وهددت بخروج المدنيين وعرضتهم لخطر الموت، وحسب مراسل الميادين فإن معظم الطرق المؤدية لهذه المستشفيات تعرضت للقصف من قبل الغزاة. كما أعلنت وكالة شهاب أنه بعد التفجيرات الليلية ورغم مطالبات المنظمات الدولية بحماية المرضى والأطفال واللاجئين، تمركزت دبابات الاحتلال الصهيوني حول مستشفيات الرنتيسي والنصر وطب العيون.
أعلنت وزارة الصحة بغزة، أن قصف طائرات الاحتلال الصهيوني استهدف مستشفى الولادة بمجمع الشفاء الطبي غرب غزة، ما أدى إلى استشهاد فلسطيني وإصابة طفل، وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، في بيان مقتضب، أن الهجوم الجديد الذي شنه الكيان الصهيوني على مستشفى الولادة في مجمع الشفاء الطبي، تم بالقذائف المدفعية، وذكر مراسل الميادين في غزة أن قوات الاحتلال استهدفت ساحة مجمع الشفاء الطبي، إضافة إلى استهداف شقة مجاورة، استشهد ما لا يقل عن ستة أشخاص وأصيب بعضهم، كما قال مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة للجزيرة إن أكثر من ستة أشخاص استشهدوا في قصف مجمع الشفاء الطبي وإن الاحتلال يقصف كل المستشفيات، الجميع يريد حماية المستشفيات والمحتلون لا يبالون بأي طلب.