الوقت - لا يزال اهتمام الإعلاميين وكتاب الرأي ينصب على القضية الفلسطينية وعملية طوفان الأقصى تحديدا وما تبعه من تصعيد عسكري من جيش الاحتلال وجرائمه الوحشية بحق الفلسطينيين في محاولة تهجيرهم من أرضهم وسط صمت أممي ودولي مخجل ودعم لا محدود للاحتلال.
فكتب عبد المنعم علي عيسى في جريدة الوطن السورية: من عوامل الضعف الإسرائيلي الآن هو السقف العالي الذي وضعته القيادة السياسية لأي عمل عسكري مقبل، وهو السقف إياه الذي وضعته إبان حرب تموز 2006 ثم انكفأت عنه، ومنها أيضاً أن الدعم الأمريكي من الصعب عليه المواظبة على الزخم نفسه إذا ما طال أمد الحرب، حيث من شأن الفعل أن يؤدي إلى إخلال واشنطن بـ«التزاماتها» تجاه أوكرانيا كما سيشغلها كثيراً عن «مسلسلها» الطويل الذي عنوانه «الاستعداد لمواجهة الصين»، ومن عوامل القوة أن خصوم «حماس» ليسوا قلة ولربما كان في صفوف المؤيدين للحق الفلسطيني في إقامة دولته على حدود الرابع من حزيران 1967 من لا يريد لتلك «القيامة» أن تكون على يد «حماس» لاعتبارات أيديولوجية وأخرى سياسية.
ووفقا للكاتب فإن ثمة معايير لا تدخل حسابات القوة الإسرائيلية وداعميها في الغرب وهي تجعل من الاثنين قوة «غاشمة» فللسلاح، أي سلاح مهما تفوق، دور يمكن أن يؤديه، وحدود لا يستطيع القفز فوقها، بل إنه يصبح خطراً على حامليه إذا ما كان الأخيران غير مدركين لذلك الدور وتلك الحدود.
فيما كتب سمير عطالله في صحيفة الشرق الاوسط السعودية : الأفضل أن يتراجع الجميع عن «شفير الهاوية» الذي يقف عليه الشرق الأوسط، كما وصفه أمين الأمم المتحدة؛ أولاً نتنياهو ووزير دفاعه وخرائط المجازر، وثانياً أصحاب قرار الحرب على الجبهة اللبنانية، أي إيران و«حزب الله» والجماعات الموالية.
سوف تكون هذه المرة الثانية التي يدخل فيها لبنان حرباً طاحنة من دون حتى أن يُسأل رأيه في الأمر، قرار الحرب والسلم في حياة الأمم لا يرسل برقياً أو بالبريد المضمون من عاصمة أخرى.
لم يبق شيء من اسم، أو حتى شكل الدولة في لبنان، هناك حكومة مجردة من الصلاحيات ومن حق الحكم، وحتى من حق التبليغ، لبنان، مثل غزة، له الحق في الحياة والكرامة، وعلى الأقل، المشاركة في قرار الحرب والسلم.
كما جاء في الأخبار اللبنانية لقد حقّقت «حماس» وفلسطين في «طوفان الأقصى» انتصارهما التاريخي الذي لا تُمحى آثاره ولا يمكن تجاوزها على الإطلاق، وفي مقابل هذا الانتصار الواقعي المتحقّق في أبعاده المعنوية الكبرى، أقدمت حكومة العدو على مهاجمة قطاع غزة بالطائرات وسلاح المدفعية والصواريخ والأسلحة المحرّمة دولياً، وارتكبت مجازر بحق السكان المدنيين الأبرياء غير مسبوقة في الحروب، وتشكّل مجازر واقعية مشهودة في ما يُعتبر جرائم حرب ضد الإنسانية.
لم يحقق هذا النوع من الحرب أهدافاً سياسية ولا يعيد الاعتبار إلى جيش مهزوم ولا إلى حكومة مأزومة ولا إلى كيان قلق على وجوده الاستيطاني.
وترى الصحيفة أن عناصر القوة عديدة لمصلحة فلسطين في هذه الحرب، وهذه القوة واقعية وحقيقية، وسوف تظهر في ميدان الحرب كلّما طال أمدها، وفي أوقات ضرورتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: توسّع الحرب في الجبهة الشمالية في كل من جنوب لبنان وهضبة الجولان على رغم الحشود الأمريكية في البحر.
واقع الأمر أن هذه الجبهة تلعب دورها بشكل قوي من خلال إشغال أكثر من نصف احتياط جيش العدو، كما أنها تشغل كلّ أسلحة هذا الجيش وتشكّل له قلقاً وتوترات وارتباكاً لا تخفى آثارها على عملية إدارة الحرب حتى تصبح جزءاً أساسياً من الحرب نفسها.
أما في جريدة الصباح العراقية فكتب أثير ناظم الجاسور : لطالما يخشى العربي من أن تشوه صورته على الرغم من عمليات التشويه الغربية المقصودة أو تلك التي ساهم العربي نفسه في تشويهها، لكن ما يحدث اليوم في غزة من قتل على يد الكيان الإسرائيلي أمام هذا الصمت العربي المتخاذل، يجعل من صورة العربي اكثر انحطاطا، سواء بأعين من يحاول أن يؤكدها أو في عين العربي نفسه، فما يحدث اليوم خارج إطار المنطق العقلي أو الحياتية وحتى العاطفي، ولا يحتاج إلى تنديد ووقفة واجتماع.
وتابع الكاتب موقف اليوم بحاجه إلى قرار يُعيد للعرب صورتهم التي لطالما أصابها الجفاف وحلت عليها مراحل تعريه الكرامة، على الرغم من المثالية التي قد تستوطن مخيلة المواطن العربي في أن حكوماته ستتخذ المواقف الحازمة لنصرة فلسطين وشعبها، إلا أن الأكيد أنه باتت صورة العربي عبارة عن ذلك الداعي إلى القتل الخائف المتستر وراء تاريخيه، الذي لم يكن له يد في صنعه، ستبقى صورة العربي ذلك الجسر الذي يسهم في تنفيذ مشاريع العالم كله على حساب عالمه، دون التأكيد على مصلحة أو عيش كريم، ستبقى صورة العربي المتنازل الضعيف الذي يسعى أن يكون ضمن قطيع القوى المهيمنة، التي لا تسمح له إلا بالتنفيذ، ويبقى العرب رهينة تلك الحركات التحررية المزعومة، التي ولدت الخيبات تلو الخيبات لنصل إلى نقطة لا حياة.