الوقت- تعقيباً على استشهاد أحد صحفيي المقاومة في غزة، كتب الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانيّة ناصر كنعاني، أن قتل الصحفيين لن يمنع الكشف عن أبعاد فشل الكيان الصهيوني الذي لا يمكن إصلاحه، وردا على الجرائم التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيليّ بحق الصحفيين في غزة، على صفحته الشخصية إن قتل الصحفيين يحول دون الكشف عن أبعاد فشل تل أبيب الذي لا يمكن التغطية على جرائمها المشينة، وأنّ الاحتلال ينتقم من الأطفال الأبرياء والرجال والنساء الأبرياء في غزة، فاليوم، يُظهر الاحتلال من جديد تأكيدًا على أن استهداف الصحفيين هو جزء من استراتيجيته ومنهجه المستمر، ويتضح أن هذه السياسة لا تقتصر فقط على الاعتداء بالضرب واعتقال الصحفيين كما حدث مع الكثيرين، بل تتجاوز ذلك إلى حد القتل العلني والمباشر، كما حدث مع مراسلة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة، أثناء تغطيتها لاقتحام الاحتلال مدينة جنين، وقد تم استهدافها على يد قناص الاحتلال بشكل متعمد، وكذلك تعرض العديد من الصحفيين سابقا لإصابة بالرصاص الحي خلال عدة حوادث.
منهج إسرائيليّ لإبادة الصحفيين
إنّ الأساس الكاذب للكيان الإسرائيلي الغاصب والمزيف أصبح أكثر اهتزازاً من أي وقت مضى، وقد وصل قرع طبول فضيحته وفشله العسكري والاستخباراتي إلى آذان العالم، واستشهد حتى الآن 7 صحفيين وهم سعيد الطويل، هشام النواجحة، محمد جرغوم، محمد الصالحي، محمد صبح، أسد شملخ، وإبراهيم لافي، أثناء تغطيتهم أخبار الجرائم الصهيونية .
ويقول مراسلون في غزة إن الإسرائيليين يتطلعون إلى قطع الاتصالات (الهاتف والإنترنت وغيرها) بشكل كامل عن غزة لمنع أي بث إخباري وفيديو ومكالمات خارجها، لخلق جريمة نادرة في المجزرة من الناس العاديين.
وقالت بعض المصادر المطلعة ميدانيا في فلسطين إنه مع إصدار نتنياهو الأمر بشن هجوم على غزة، فإن الجيش الصهيوني جعل من تدمير كل البنى التحتية للاتصالات في قطاع غزة الأولوية الأولى لهجماته، مع إمعان قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب المزيد من الجرائم والاعتداءات الجسيمة ضد الصحفيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام الفلسطينية يؤكد على أن الهدف الأساسي وراء ذلك هو تعتيم الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني أمام الرأي العام العالمي.
وبالتالي فإن إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في فلسطين هو الذي يشجع الاحتلال على ارتكاب مزيد منها، مطالبا بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.
وإنّ إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في فلسطين هو ما يشجع الاحتلال على ارتكاب المزيد منها، ولذلك يجب محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، فاستهداف الصحفيين الفلسطينيين مستمر ويتم تغطيته من قبل المستوى السياسي الإسرائيلي، يظهر ذلك بوضوح من خلال تصريحات الحكومة الاحتلالية التي أعلنت دعمها لقصف وإطلاق النار على أي صحفي يُعتبر عائقًا في فضح الآلة العسكرية للكيان، ناهيك عن الاعتداءات والعراقيل التي يفرضها الاحتلال على الصحفيين والتي تشهد تزايدًا خطيراً وخاصة في مناطق المواجهات وغزة، حيث يقوم الاحتلال بعزل الصحفيين وإقامة حواجز عسكرية أمامهم، ويمنعهم من التغطية الصحفية، ويجبرهم على مغادرة مواقعهم، إضافة إلى ذلك، تتسبب انتهاكات المستوطنين في زيادة العبء على الصحفيين، على سبيل المثال، تعرض صحفيون لهجوم من مستوطنين وقاموا بتكسير الكاميرا التي كانوا يستخدمونها خلال تغطيتهم، ويُظهر الاحتلال الإسرائيلي نمطًا متعمدًا من الاعتداء واغتيال الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، وقد وثقت عشرات الحالات التي تشمل اعتداءات وجرائم ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في غزة.
أرقام متصاعدة ومقلقة
منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السبت الماضي، تم تسجيل وفاة 7 صحفيين، وهم: إبراهيم لافي، محمد جرغون، محمد الصالحي، أسعد شملخ، سعيد الطويل، محمد صبح أبو رزق، وهشام النواجحة، وفي كل عدوان إسرائيلي، يشهد استهدافًا للصحفيين. على سبيل المثال، خلال العام 2014 وفقًا لما نشره مركز مدى للحريات الإعلامية في رام الله، قتلت "إسرائيل" 16 صحفيًا فلسطينيًا خلال العدوان، وكان من بينهم صحفيون أجانب مثل المصور الإيطالي لوكالة أسوشيتد برس، سيموني كاميلي.
كما تم إطلاق الرصاص الحي بصورة متعمدة ومباشرة على مصور تلفزيون فلسطين، الصحفي بشار محمود نزال.
وفي صباح اليوم الثلاثاء، تم استشهاد الصحفي محمد صبح، الذي يعمل كمصور لوكالة "خبر"، والصحفي سعيد الطويل الذي يشغل منصب مدير وكالة "الخامسة"، إضافة إلى الصحفي هشام النواجحة الذي يعمل كمحرر بوكالة "خبر"، تم استشهادهم أثناء تغطيتهم لإخلاء مبنى "حجي" في شارع المؤسسات بمحافظة غزة وتدميره بالكامل، وبهذا، ارتفع عدد الصحفيين الشهداء خلال العدوان الحالي على القطاع إلى 7، وزاد عدد الشهداء الصحفيين منذ عام 2000 إلى 55 صحفيًا.
وتم استهداف الصحفيين الثلاثة بصاروخ أثناء فرارهم من مبنى "حجي" وكانوا على بعد حوالي 150 مترًا من البناية، ويتضمن المبنى عدداً من مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية، من بينها مكتب وكالة APA ومكتب شبكة الجزيرة، وإن جريمة الاحتلال ضد الشهداء هي اغتيال مع سبق الإصرار والترصد، نظرًا لأنهم كانوا يرتدون معدات السلامة والعلامات المميزة لهم كصحفيين، وقد أكد معروف أنه كان بإمكان طائرات الاحتلال رؤية علامات الصحافة ومعدات السلامة التي كان يرتديها الشهداء.
وعلى هذا الأساس، قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بتجديد استهداف المنطقة القريبة من مجمع الشفاء الطبي، وقام الطيران الحربي باستهداف الصحفيين الثلاثة بشكل مباشر أثناء توثيقهم للقصف الإسرائيلي غرب مدينة غزة، فيما يركز جيش الاحتلال على استهداف الصحفيين، كما تم إخلاء المكاتب الصحفية العاملة في قطاع غزة، وبالتأكيد إن الصحفيين الذين استشهدوا جميعًا كانوا يرتدون السترات التي توضح أنهم صحفيون، وذلك لتمييزهم عن عناصر المقاومة.
وقوات الاحتلال قامت أيضا باستهداف مكتب الوكالة "الفرنسية" في مبنى "الهيثم" باستخدام الصواريخ، ما أسفر عن تدميره بالكامل، وسبق ذلك بوقت قصير استهداف محيط مقر تلفزيون فلسطين قرب الجامعة الإسلامية وسط مدينة غزة.
والسبت الماضي، تم استشهاد مصور وكالة "السلطة الرابعة"، محمد الصالحي، ومصور وكالة "عين ميديا"، إبراهيم لافي، وتم فقد مصور منصة "نيو برس" وقناة "النجاح"، نضال الوحيدي، ومصور وكالة "عين ميديا"، هيثم عبد الواحد.
هذا وأصيب مراسل الغد الصحفي إبراهيم قنن بجروح بسبب شظايا صاروخ أثناء استهداف مستشفى ناصر في خانيونس جنوب قطاع غزة، جميع هذه الحوادث تأتي ضمن سلسلة من الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة ضد الصحفيين والحريات الإعلامية أثناء تغطيتهم للأحداث.
والقصف الإسرائيلي تسبب في تدمير منزل مدير إذاعة زمن، الصحفي رامي الشرافي بالكامل، كما تم تدمير منزل المذيع باسل خير الدين من قناة "القدس اليوم"، وتضررت العديد من المؤسسات الإعلامية بشكل كامل أو جزئي نتيجة للهجمات الإسرائيلية، بما في ذلك مقر صحيفة "الأيام" في برج فلسطين، ومؤسسة "فضل شناعة"، وكالة "شهاب"، وإذاعة "غزة FM".
وفي شهر أيار من العام 2022، تعرضت مراسلة قناة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة، للاغتيال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم استهدافها برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين.
اغتيال شيرين أبو عاقلة أثار ردود فعل واسعة، وأكدت مؤسسات دولية ومراكز إعلامية أن الهدف الأساسي من وراء استهداف الصحفيين والمؤسسات الإعلامية هو حجب جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني عن الرأي العام العالمي.
لكن، رغم كل محاولات الكيان لحجب الحقيقة، تستمر عملية "طوفان الأقصى" التي تشنها كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق متعددة داخل الأراضي المحتلة لليوم الرابع على التوالي، وتتواصل الرشقات الصاروخية التي تُطلقها المقاومة الفلسطينية من داخل قطاع غزة نحو المستوطنات المحاذية للقطاع، بينما يستمر جيش الاحتلال في قصف المواقع داخل قطاع غزة.
وحسب آخر إحصائيات من وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الشهداء قد تجاوز 788 شهيدًا، وأصيب أكثر من 4,000 شخص آخر بسبب العمليات العسكرية الإرهابية للكيان.