الوقت - يناقش البروفيسور أوريل ليفي الخبير الصهيوني في تقرير له عواقب دعم الکيان الصهيوني الثابت لحكومة باكو، والمساعدة في تشكيل الممر التركي من تركيا إلى حدود الصين.
ويتناول هذا الأستاذ الصهيوني في تقريره أولاً القضايا المطروحة والآراء الخاطئة لوسائل الإعلام العبرية تجاه القضايا والتطورات في القوقاز، ثم يشير إلى تأثير دعاية حكومة باكو في الأراضي المحتلة.
ويتناول أوريل ليفي أخيراً نتائج دعم الکيان الصهيوني المتواصل بالسلاح لحكومة باكو، ومساعدة الکيان غير المباشرة في تشكيل الممر التركي وتأثيراته في المنطقة، ومخاطره على الصهاينة أنفسهم في المستقبل.
دعم "إسرائيل" لأذربيجان في احتلال قره باغ يمكن أن يضر بـ"إسرائيل"
تشير الروايات الإسرائيلية حول حرب ناغورنو كاراباخ بشكل أساسي، إلى استفادة "إسرائيل" من تعزيز الجيش الأذربيجاني، لكن على المدى الطويل، قد يعاني الکيان الإسرائيلي أيضًا من ذلك، بل قد يتضرر على المستوى الأمني.
في العقد الماضي، ومع نقل الأسلحة الإسرائيلية إلى باكو، سُمعت أصوات كثيرة في الکيان الإسرائيلي، مفادها بأن أذربيجان هي عدو إيران وأرمينيا حليفتها، ولهذا السبب، فإن أي انتصار لأذربيجان على أرمينيا سيزيد من الوجود الإسرائيلي على حدود إيران.
وتشير جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية، ضمنيًا أو تفسيريًا، إلى حقيقة أن أذربيجان تعمل بمثابة "قاعدة استراتيجية" لـ"إسرائيل" على الحدود الإيرانية، وتساعد الکيان على القيام بعمليات داخل الأراضي الإيرانية.
وإضافة إلى ذلك، يبيع الکيان الإسرائيلي أسلحةً بمليارات الدولارات لأذربيجان، ويشتري منها الطاقة، حسب منشورات مختلفة، لدرجة أن ذلك يجعل من أذربيجان المورد الرئيسي للطاقة للکيان الإسرائيلي، ما يضاعف اهتمام الکيان بتعزيز العلاقات معها.
لا يوجد خلاف على أن الکيان الإسرائيلي يحتاج إلى أذربيجان كمورد للطاقة، لكن الادعاء الأمني يمكن أن يكون قابلاً للنقاش. يبقى سؤال واحد بلا إجابة في الخطاب الإسرائيلي: كيف يمكن لأذربيجان أن تخون إيران، الدولة المجاورة، من خلال مساعدة عدوتها "إسرائيل"؟
لقد واجهت أذربيجان وإيران عدة أزمات في السنوات الأخيرة، لكن في الوقت نفسه يربط الجارتان تعاون عسكري وتجاري ودبلوماسي واسع النطاق، فقبل أسبوع واحد فقط، استضافت باكو العديد من كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، قبل أيام من هزيمة جمهورية أرتساخ المعلنة ذاتياً في ناغورنو كاراباخ.
تعقد اجتماعات من كبار الرتب في جيش جمهورية أذربيجان وإيران بانتظام، کما تعقد اجتماعات وزيري خارجية أذربيجان وإيران في كثير من الأحيان أكثر من وزيري خارجية أرمينيا وإيران، طبعاً، هناك صراعات وتوترات بين إيران وأذربيجان، لكن من هنا إلى الرواية الإسرائيلية التي تظهر أذربيجان كعدو لإيران، هناك فجوة كبيرة يفضّل الإعلام الإسرائيلي تجاهلها.
وينطبق الشيء نفسه على الجانب الآخر من المعادلة: أرمينيا ليست الحليف الرئيسي لإيران، على عكس ما يظهر في الرواية الإسرائيلية، ورغم أن لديها علاقات تجارية واسعة مع إيران وتسمح لإيران بنقل البضائع عبر أراضيها، إلا أن هذا لا يختلف عما تفعله أذربيجان (نهجها تجاه إيران).
کذلك، بالغت عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية وزعمت أن الحرب بين الأرمن والأذربيجانيين، هي حرب بين الأسلحة الإسرائيلية والأسلحة الإيرانية، لكن الأرمن في ناغورنو كاراباخ يستخدمون الأسلحة السوفيتية القديمة، ويستخدم الجيش الأرمني الأسلحة الروسية، ولم يتم الإبلاغ حتى الآن عن استخدام الأسلحة الإيرانية في الحرب في كاراباخ.
الإعلام الإسرائيلي.. المال الأذربيجاني
أيضاً إلى جانب المبررات الأمنية والجيواستراتيجية التي تدعم أذربيجان في الخطاب الإسرائيلي، استثمرت أذربيجان ملايين الدولارات في الإعلام الإسرائيلي، ونجحت الدعاية الأذرية.
إن أصوات عشرات الآلاف من الأرمن، الذين يفرون حاليًا من أرضهم التاريخية إلى أرمينيا خوفًا من القتل، نادرًا ما تُسمع في الخطاب ووسائل الإعلام الإسرائيلية، حتى حقيقة أن أرمينيا دولة ديمقراطية، في حين أن أذربيجان هي واحدة من أكثر الديكتاتوريات سوادًا في العالم، لا تدفع الرأي العام الإسرائيلي إلى دعم الأرمن.
لكن ربما حان الوقت لنسأل: أذربيجان شريك اقتصادي مهم لـ"إسرائيل"، لكن هل التحالف معها ليس له أهمية أمنية كبيرة كما توصف في وسائل الإعلام الإسرائيلية؟
صعود قوة تركيا يشكل تهديداً محتملاً للکيان الإسرائيلي
أغلبية السكان الذين يعيشون من الصين إلى اسطنبول، في خطوط العرض الشمالية من شبه الجزيرة العربية وإيران والهند، هم أعضاء في العائلة التركية.
ويعتبر مئات الملايين من الأشخاص أنقرة وإسطنبول مركز العالم المتحضر، ويتحدثون لغات من عائلة اللغة التركية, وأذربيجان واحدة من هذه البلدان، وهي الدولة التي يرى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أن تركيا شقيقتها الكبرى، وأرمينيا هي الدولة الوحيدة التي تفصل تركيا عن الدول التركمانية الأخرى في آسيا الوسطى.
إن أي تحليل جيوستراتيجي لتراجع جمهورية آرتساخ، يجب أن يشير إلى حقيقة أن تركيا يمكن أن تحقق ممرًا بريًا مستمرًا بين إسطنبول والحدود الصينية، وهو ما يعزز موقفها كقوة إقليمية، وكناقل مركزي للطاقة من شبه الجزيرة العربية إلى أوروبا، وكدولة ترى نفسها نقطة اتصال مركزية بين الشرق والغرب، تاريخياً وكهدف مستقبلي.
وما بدأ بمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، واستمر مع الخطة الأمريكية البديلة لإنشاء "ممر للسكك الحديدية والشحن" عبر السعودية والکيان الإسرائيلي، خدم مصالح تركيا في إنشاء ممر بري تحت سيطرتها بين الشرق والغرب، لقد تم استبعاد تركيا تماماً من الخطة الأمريكية، ولا تلعب دوراً مركزياً في المشروع الصيني، وفي هذه الأثناء تم استبعادها من الخطة الاستثمارية أيضًا.
وكان أردوغان قد أعلن في وقت سابق عن رغبته في إنشاء تحالف الدول التركمانية للتنافس مع التحالفات الإقليمية الأخرى، والسبيل للقيام بذلك هو زيادة التجارة وحركة البضائع بين دول آسيا الوسطى وتركيا، وبهذا المعنى فإن غزو ناغورنو كاراباخ يعزز طموحات الإمبراطورية التركية.
إن ظهور تركيا كقوة إقليمية قد يؤدي بالفعل إلى تحييد قوة إيران، ولكن هل الکيان الإسرائيلي مهتم بذلك؟ "إسرائيل" موجودة في الأرض التي كانت في قلب الإمبراطورية العثمانية حتى قبل مئة عام، كما أن تعزيز قوة تركيا قد يزيد من طموحاتها لاستعادة السيطرة على فلسطين، ومن المحتمل أن حكومات الکيان الإسرائيلي لم تأخذ هذه المسألة في الاعتبار، عند الموافقة على توريد أسلحة غير متكافئة إلى أذربيجان.