الوقت- يواصل حزب الله جهوده المتواصلة لتعزيز روح المقاومة والصمود في وجه العدو الإسرائيلي، مستفيداً من كل الوسائل المتاحة لخوض الحرب النفسية ورفع الروح المعنوية لدى أبناء المقاومة والشعب اللبناني.
وفي هذا الإطار، افتتح الحزب مؤخراً معرضاً جديداً يعرض الكثير من الأسلحة والمعدات العسكرية التي غنمتها المقاومة من الجيش الإسرائيلي خلال المواجهات الماضية.
يهدف الحزب من خلال هذا المعرض إلى إظهار النصر الذي حققته المقاومة على الجيش الإسرائيلي المزود بأحدث الأسلحة، ما يعكس ضعف العدو وهشاشة جبروته العسكري مهما بلغت ترسانته، كما يسعى الحزب من خلال هذا المعرض إلى تعزيز ثقافة المقاومة وتنمية روح الجهاد لدى الأجيال الجديدة، حتى تبقى شعلة المقاومة متوهجة في وجه أي عدوان إسرائيلي مستقبلي.
في السياق نفسه أثار افتتاح حزب الله لمتحفه الجديد في بعلبك ردود فعل إسرائيلية حادة، حيث علّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية على حركة الناس الذين قصدوا المتحف، معتبرة أنه جزء من حرب الوعي التي يخوضها حزب الله لترسيخ صورة الانتصار على "إسرائيل".
واتهمت "إسرائيل" حزب الله بالسعي لهندسة وعي اللبنانيين من خلال المتحف، وإظهار القوة الإسرائيلية على أنها ضعيفة وهشة، وتكريس فكرة إمكانية تحقيق انتصار آخر عليها، كما اعتبرت "إسرائيل" أن افتتاح المتحف يشير إلى استعداد حزب الله لتحمل مخاطر أكبر في مواجهة "إسرائيل"، بما في ذلك مواجهة عسكرية على الحدود الشمالية.
حضور رسمي وشعبي كبير في افتتاح المتحف
شهد افتتاح متحف بعلبك الجهادي حضوراً رسمياً وشعبياً كبيراً، إذ حرصت القيادة السياسية والعسكرية لحزب الله على تدشين هذا الصرح الجديد الذي يوثق مسيرة المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتقدّم الحضور رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد، إلى جانب عدد من قادة الحزب البارزين على الصعيدين السياسي والعسكري، في إشارة إلى أهمية هذا الحدث بالنسبة للمقاومة، كما حضر افتتاح المتحف ممثلون عن الفصائل والأحزاب الفلسطينية واللبنانية الحليفة لحزب الله، إلى جانب عدد من الشخصيات الاجتماعية والثقافية والدينية البارزة، وازدحم المتحف بالجماهير اللبنانية التي أتت للاحتفال بهذه المناسبة، ما عكس الحضور الشعبي الواسع لحزب الله في قلب الشارع اللبناني.
وخلال الافتتاح قال رئيس المجلس السياسي في حزب الله، إبراهيم أمين السيد، إنّ "إقامة هذا النوع من المعالم والمعارض والمتاحف تجري حتى لا تضيع انتصارات وإنجازات المقاومة"، ولفت إلى أنّ "متحف الآليات العسكرية شاهدٌ على قُدرة المقاومة وكفاءتها وعلى هزيمة العدو وضعفه".
وشدد السيد على أنّ "شباب المقاومة ثبتوا بوجه كل التحدّيات"، مضيفاً إنّه "لو اجتمعت جيوش العالم ضد رجال المقاومة، فلن ينالوا لا من إيمانهم ولا من عزيمتهم وإرادتهم".
وأشار إلى أنّ "العالم يتغيّر"، مذكراً بما يحصل اليوم من ثوراتٍ في أفريقيا، وقال إنّ "الولايات المتحدة الأميركية لم تكن في يومٍ من الأيام مع العرب فهي دائماً تعمل وفقاً لمصالحها"، وخلال حفل افتتاح المعلم شرح ضابط من المقاومة الإسلامية أهداف المتحف السياحية والجهادية وما يتضمنه من مقتنيات في بعلبك.
عرض غنائم المقاومة.. إحياء لانتصارات الماضي
احتوى متحف بعلبك الجهادي مجموعة كبيرة من الغنائم العسكرية التي استولت عليها المقاومة الإسلامية في لبنان من الجيش الإسرائيلي على مدار عقود من الزمن، وتضمن المعرض دبابات ومدرعات وطائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للدروع ومنظومات رادارية، غنمتها المقاومة بدءًا من الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وصولاً لحرب تموز 2006 ومعارك الجرود عام 2017، ويعكس عرض هذه الغنائم العسكرية الإسرائيلية في قلب بعلبك، الانتصارات الميدانية التي حققتها المقاومة على الجيش الإسرائيلي الذي يُعد من أقوى جيوش المنطقة تسليحًا وتدريبًا.
كما يشكل المعرض رسالة معنوية قوية لأبناء المقاومة والشعب اللبناني، مفادها بأن الإرادة والعزيمة قادرة على تحقيق أعظم الانتصارات في مواجهة أقوى الأعداء، وبهذا يستحضر المتحف انتصارات الماضي ليعزز الثقة بالنفس ويدفع نحو مواصلة مسيرة التحرير والمقاومة في المستقبل.
ردود فعل إسرائيلية غاضبة تجاه افتتاح المتحف
أثار افتتاح متحف بعلبك الجهادي ردود فعل إسرائيلية غاضبة، إذ اعتبرته "إسرائيل" استفزازاً وتحدياً مباشراً لها، فقد علّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشدة على افتتاح المتحف، معتبرة أنه جزء من حرب الوعي التي يخوضها حزب الله لترسيخ صورة الانتصار على "إسرائيل".
كما اتهمت "إسرائيل" حزب الله بمحاولة هندسة وعي اللبنانيين من خلال المتحف، وإظهار الجيش الإسرائيلي على أنه ضعيف ويمكن هزيمته، ورأت "إسرائيل" أن المتحف يُعد استعداداً من حزب الله لخوض مواجهة عسكرية جديدة، وأنه يعكس التحدي والاستفزاز من الحزب تجاه "إسرائيل"، لذلك، بات واضحاً أن افتتاح متحف بعلبك أثار حفيظة "إسرائيل" وخلق ردود فعل غاضبة لديها، كونه يعزز صورة انتصارات المقاومة على الكيان الغاصب.
المتحف بمثابة حرب نفسية ضد "إسرائيل"
يُعد افتتاح متحف بعلبك الجهادي بمثابة حرب نفسية تشنها المقاومة ضد "إسرائيل"، إذ يهدف المتحف إلى تحقيق عدة أهداف نفسية في مواجهة العدو الإسرائيلي منها تعزيز الثقة ورفع الروح المعنوية لدى أبناء المقاومة والشعب اللبناني من خلال عرض انتصارات الماضي وإظهار جيش الاحتلال الإسرائيلي على أنه جيش هش وضعيف ويمكن هزيمته إضافة إلى غرس اليأس في نفوس الجنود والمستوطنين الإسرائيليين من خلال تذكيرهم بهزائمهم أمام المقاومة وتكريس صورة الانتصار، وترسيخ ثقافة المقاومة لدى الأجيال الجديدة وإرسال رسالة تحدٍ واستفزاز لـ"إسرائيل" مفادها بأن روح المقاومة ما زالت عالية، لذا يُعد المتحف تكتيكاً نفسياً في صراع حزب الله مع "إسرائيل"، يستهدف زعزعة المعنويات الإسرائيلية وتعزيز الروح المقاومة لدى اللبنانيين.
في النهاية يُعد افتتاح متحف بعلبك الجهادي خطوة مهمة وذكية من حزب الله في إطار صراعه المستمر مع "إسرائيل"، إذ يحقق المتحف عدة أهداف استراتيجية ونفسية لمصلحة المقاومة، فعلى المستوى الاستراتيجي، يشكل المتحف مركزاً لتوثيق وحفظ تاريخ المقاومة اللبنانية وانتصاراتها الميدانية على "إسرائيل"، ما يُمثل ذاكرة حية تحافظ على هوية المقاومة ورسالتها عبر الأجيال، كما يعكس المتحف التطور النوعي لقدرات المقاومة العسكرية ترسانتها على مر الزمن.
أما على الصعيد النفسي، فيُسهم المتحف في رفع معنويات أبناء المقاومة والشعب اللبناني، وتعزيز ثقتهم بالنصر والاستمرار في مواجهة "إسرائيل"، وفي المقابل، يهدف المتحف لزعزعة ثقة الجيش والمجتمع الإسرائيلي، وبث اليأس في نفوسهم بإظهار هشاشة جبروتهم العسكري أمام إرادة المقاومين، وبذلك، يكشف افتتاح متحف بعلبك الجهادي عن نضج استراتيجية حزب الله في توظيف كل الوسائل المتاحة لمصلحة خيار المقاومة، بما في ذلك المتاحف والتراث، لرفع الروح المعنوية وخوض الحرب النفسية ضد العدو، ما يعكس عقلية مقاومة متطورة تستشرف المستقبل وتستفيد من تجارب الماضي لمواصلة مسيرة النضال ضد الاحتلال.