الوقت- في إحدى المناسبات، استخدم أحد القضاة العشائريين البارزين في جنوب الأردن، الدكتور يوسف الحباشنة، عبارة شعبية دارجة بلهجة الكركية أثناء حديثه عن المسجد الأقصى ومدينة القدس، حيث قام بتسليط الضوء على حادثة تاريخية مهمة، فالدكتور الحباشنة روى قصة جندي أردني من مدينة الكرك يُدعى سلامة، الذي شارك في مواجهة "إسرائيل" في عام 1967، وبعد أن أصيب بعشرين جرحًا خلال تلك الحرب، استمر في الاحتفاظ بسلاحه في المستشفى، وفيما سُئل سلامة عن أسباب استمراره في حمل السلاح، أجاب بتلك العبارة البسيطة: "ييه... هذي القدس يا رجال"، والجندي سلامة، كما أفاد الشيخ الحباشنة، لا يزال على قيد الحياة في منطقة الكرك ويقيم في قرية تُدعى راكين حتى يومنا هذا.
نصرة أردنيّة لمقاومة فلسطين
الشيخ الحباشنة، القاضي العشائري البارز في جنوب الأردن، شارك في فعالية مهرجانية نُظمت من قبل حزب جبهة العمل الإسلامي لنصرة المسجد الأقصى، وخلال هذا الحدث، عبّر الشيخ الحباشنة عن تحية الدعم للمقاومة الفلسطينية، ما دفع الحضور من أهالي الكرك لهتاف "الله أكبر.. سيري سيري يا حماس"، وفي ختام كلمته، قال الشيخ الحباشنة وهو يخاطب نخبة من وجهاء المدينة وشخصياتها: "رأيت لافتة أثناء عبوري تُعلن دعم الكرك لحركة حماس، نعم، هذا صحيح، وأدلى الشيخ الحباشنة بتصريح قوي قائلاً: نحن أهل الكرك، نحن نحب ونحترم الشعب الفلسطيني العنيد، ونعتبر "إسرائيل" مجرد خيمة ووهم، وكذب لا يمكن أن تنهار إلا حينما يتم نزع واسطة تلك الخيمة، فإنها ستنهار فجأة، وأضاف الشيخ الشمايلة، ممثل حركة حماس: "إسرائيل" باتت تتصرف كالحيوانات، ولو تاحت لجيشنا العربي الأردني الفرصة للقتال وفقًا لعقيدته، سترون ما سيحدث لكيان الاحتلال الإسرائيليّ.
ويُعتبر هذا التصريح بمثابة تداخل سياسي مباشر واجتماعي أيضًا، وخصوصًا أنه يعكس التركيز البارز لأكبر أحزاب المعارضة في الأردن على قضية المسجد الأقصى والقدس، ودعم الوصاية الهاشمية، وهو أمر يعزز مكانتها أكثر من أي وقت مضى، وقامت الجماعات الإسلامية بتنظيم فعاليات متعمقة تخص مدينة القدس والمسجد الأقصى، من بينها ندوات علمية حول التاريخ العريق للمدينة والمسجد، وأيضًا مهرجانات تضامن مع الأقصى في مناطق مثل الكرك والعقبة وعمان، وتمت هذه الأنشطة في سياق سلسلة من الرسائل السياسية التي تعكس موقف الشعب الأردني من القضية الفلسطينية، ويُلاحظ أن هذه الفعاليات والرسائل تأتي في الوقت الذي يظل فيه الصمت سائدًا من قبل الحكومة والمؤسسات الرسمية بشأن ما يحدث خلف الستائر بخصوص القدس والمسجد الأقصى والوصاية، وتعكس هذه الجهود التفافًا حول القضية الفلسطينية وتسليط الضوء على أهميتها في وجدان الشعب الأردني، وتشير إلى أن هناك تحركاً شعبيًا مهمًا قد يكون له تأثير كبير على الساحة السياسية في المنطقة.
موقف شعبيّ مشرف
لا يختلف اثنان، على أن موقف الشعب الفلسطيني تجاه القضية الفلسطينية هو أمر يعكس العمق التاريخي والعاطفي لهذه القضية بالنسبة لهم، فالشعب الفلسطيني يعيش في منطقة تعاني من نزاعات وتوترات دائمة، ويواجه تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، وإليك بعض النقاط التي تلخص موقف الشعب الفلسطيني تجاه القضية الفلسطينية، حيث يعتبر الشعب الفلسطيني القضية الفلسطينية أمرًا مركزيًا في هويتهم ووجدانهم، وإنهم ملتزمون بحقوقهم التاريخية والوطنية في فلسطين، بما في ذلك حق العودة لللاجئين الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
من ناحية ثانية، إن تاريخ الشعب الفلسطيني مليء بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويشمل ذلك مظاهر متنوعة من المقاومة، بما في ذلك الانتفاضات الشعبية والمظاهر الثقافية والسياسية والعسكرية، وحركات مثل حماس نماذج مختلفة من المقاومة، ورغم وجود تنظيمات وحركات متعددة في فلسطين، إلا أن الشعب الفلسطيني يسعى دائمًا إلى تحقيق الوحدة الوطنية، وهذه الوحدة تعكس رغبتهم في تحقيق أهدافهم الوطنية بشكل مشترك وموحد، ويتلقى الشعب الفلسطيني دعمًا دوليًا من العديد من الدول والمنظمات الدولية، وهذا الدعم يشمل المساعدات الإنسانية والدعم السياسي للحقوق الفلسطينية، ويواجه الشعب الفلسطيني تحديات كبيرة في الوقت الحالي، بما في ذلك استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتوسيع المستوطنات، وانقسام الحكومة الفلسطينية، وتداعيات الصراعات الإقليمية، وتلك التحديات تجعل الوضع الفلسطيني معقدًا وصعبًا، وفي المجمل، يمثل الشعب الفلسطيني الروح القوية والإرادة الصلبة في مواجهة التحديات المستمرة والتمسك بحقوقهم ومستقبلهم في فلسطين.
ما الذي يجعل الشعب الأردني داعماً كبيراً للشعب الفلسطيني والأقصى؟
توجد عدة عوامل تجعل الشعب الأردني داعمًا كبيرًا للشعب الفلسطيني وقضيته، بما في ذلك الروابط التاريخية والثقافية، حيث ترتبط الأردن وفلسطين بعلاقات تاريخية وثقافية عميقة، والكثير من الفلسطينيين لجؤوا إلى الأردن خلال الصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى تعايش ثقافي واقتصادي كبير بين الشعبين، ومن ناحية المساعدات الإنسانية، تقدم الأردن دعمًا إنسانيًا واقتصاديًا للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا يشمل المساهمة في توفير المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية والإنشائية.
أيضاً، قضية الوصاية الهاشمية والتي تضمنت اتفاقيات وصايا الهاشميين مع الفلسطينيين تعتبر دعمًا قويًا من الأردن لقضية فلسطين والمسجد الأقصى، وهذا يرتبط بالتزام تاريخي من جانب العائلة المالكة الهاشمية بحماية الأماكن المقدسة في القدس، كذلك المواقف السياسية حيث تتبنى الحكومة الأردنية تقريبًا دائمًا مواقف سياسية داعمة للشعب الفلسطيني ولحقوقهم الوطنية، وتشمل هذه المواقف دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، كما أنّ المشاركة المجتمعية مهمة للغاية، ويشمل هذا دور المنظمات الأردنية والنشطاء الاجتماعيين في تنظيم الفعاليات والحملات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، والتي تزيد من وعي الجمهور وتعزز الدعم، ناهيك عن الإدراك الشعبي، حيث يعرف الشعب الأردني تمامًا مدى أهمية القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى في الإسلام والتاريخ العربي، وإن الوعي بهذه القضية يجعل الدعم للفلسطينيين شائعًا بين مختلف شرائح المجتمع الأردنيّ.
وبالتالي، إنّ التضامن الإنساني والأخوة مهم جداً، ويتشارك الشعب الأردني والشعب الفلسطيني بالكثير من القيم والثقافة المشتركة، وهذا يجعل التضامن والتعاون الإنساني مكونًا طبيعيًا من العلاقة بين الشعبين، والأردنيون يعيشون جنبًا إلى جنب مع الفلسطينيين ويشاركون في حياتهم اليومية، ما يعزز من التواصل والتفاهم، إضافة إلى الصداقة الشخصية والروابط العائلية، فالكثير من الأردنيين والفلسطينيين أقارب وبعضهم الآخر يمتلك صداقات وعلاقات شخصية قوية، وهذه العلاقات تعزز من الروابط الاجتماعية والثقافية بين الشعبين، وتعتبر التعليم ووسائل الإعلام والثقافة والأدب وسائل مهمة لنقل وعي الشعب الأردني بقضية فلسطين والأقصى، وهذا يساعد على تعزيز الدعم والوعي الجماعي لهذه القضية.
الخلاصة، تشترك الأردن وفلسطين في القيم الإنسانية والعربية، وهذه القيم تشمل العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، وهي قيم يسعى الشعب الأردني لتعزيزها ودعمها في سياق القضية الفلسطينية، وبشكل عام، يتجلى دعم الشعب الأردني للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى من خلال مجموعة متنوعة من العوامل والأسباب التي تشمل العلاقات التاريخية والإنسانية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ما يجعلهم شركاء وداعمين قويين للقضية الفلسطينية.