الوقت- على مدار الأيام الماضية، أبرزت وسائل الإعلام العبرية جوانب مختلفة من ضعف ومشاكل الهيكل العسكري لكيان الاحتلال الإسرائيليّ، كما ناقشت مرة أخرى الضعف الداخليّ وانخفاض كفاءة الجيش الصهيوني بعد عدة أشهر من الاحتجاجات الداخلية في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، وشددت على وضع الضعف لنحو 2.5 مليون مهاجر صهيوني في الشمال الفلسطيني المحتل، والذين سيكونون جميعهم في مرمى حزب الله دون أي حماية في الحرب التي ربما تكون مقبلة، وتحدث "إسرائيل" في السابق عن وجود أسباب لخوض معركة قريبة ضدّ حزب الله، أو المقاومة اللبنانية، وارتفاع احتماليّة وقوع حربٍ، وقد عمد الإعلام الإسرائيليّ قبل أسابيع إلى الحديث عن تصعيدٍ جديد مع المقاومة اللبنانيّة والمقاومة الفلسطينيّة، مع الحديث أن نصرالله هو الأكثر سعادةً بالمنطقة، وأن الحرب معه باتت حتميّة ولا مفرّ منها، ناهيك عن رفع التأهّب بالشمال ونصب أجهزة القبّة الحديديّة مؤخراً، لكن كل ذلك لم يبث الطمأنينة في نفوس المحتلين.
جبهة داخلية متآكلة
بصراحة، اعترف الإعلام العبري أن الجبهة الداخلية للكيان ليست جاهزة للحرب القادمة إطلاقا، وتحدث أن المستوطنات في الشمال بحاجة إلى أكثر من 10 آلاف مأوى، وهذا يعني أن 2.5 مليون مستوطن سيبقون تحت نيران الحرب القادمة، حرب يتم الحديث عنها بكثرة في ظل التوترات مع حزب الله على طول الحدود مع لبنان، وذكرت وسائل الإعلام العبرية في أجزاء أخرى من تقاريرها أنه في عام 2018، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي تخصيص خمسة مليارات شيكل لدعم جبهته الداخلية، والتي كان من المفترض تنفيذها في غضون 10 سنوات، ولكن بناءً على تقييمات المنظمات بخصوص الإشراف ذي الصلة، هذه الخطة تتحرك ببطء شديد، وفي عام 2023، قرر مجلس الوزراء أيضًا خفض الميزانية السنوية لهذا المشروع من نصف مليار سنويًا إلى مئة مليون شيكل سنويًا.
وبالاستناد إلى جزء آخر من المعلومات الحساسة، شدد نتنياهو ووزير الحرب غالانت باعتباره المسؤول عن الخسائر المتوقعة للمستوطنين في الحرب المقبلة، على أنه لا ينبغي السماح للمستوطنين بدفع ثمن باهظ ومؤلم، لهذا في ظل عدم وجود حماية حقيقية من الصواريخ، اعترف "عاموس يادلين"، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية لجيش كيان الاحتلال الإسرائيليّ الصهيوني "أمان"، في حديث مع تلفزيون كيان الاحتلال الإسرائيليّ الصهيوني، رددته بقية وسائل الإعلام التابعة للكيان، بأن مصدر القلق الرئيسي والخطر الفعلي للجيش الذي يهدد "إسرائيل" هو حزب الله.
وبكل وضوح، يعترف ضباط الكيان بأنّ "إسرائيل" لن تكون قادرة على خوض حرب ربما تتحول إلى معركة متعددة الجبهات على الصعيد العسكريّ أو حتى على صعيد الجبهة الداخلية مع الفصائل الفلسطينية، بل ستتعرض لضربة هائلة قد يقتل فيها الآلاف باعتقادهم، حيث تُواصِل قوات الاحتلال الإسرائيليّ مراقبة ورصد الأمور على الجبهة الشماليّة بين فلسطين ولبنان، مع ترجيح احتمال اندلاع المواجهة حاليا، ووفقاً للمصادر الأمنيّة في تل أبيب فإنّ التقديرات العسكريّة في كيان الاحتلال، ترجح اشتعال الأوضاع مع المقاومة اللبنانية، ودخول الشمال الفلسطيني في موجة تصعيد ومواجهة عسكرية جديدة، وقد أعرب العديد من الخبراء والمُختصين والمُحللين للشؤون العسكريّة في "إسرائيل" عن خشيتهم العارمة من قوّة سلاح البريّة في جيش الاحتلال، موضحين أنّ المعركة الأخيرة التي خاضتها القوات الإسرائيليّة كانت في حرب تشرين/ أكتوبر عام 1973، ومؤكّدين أنّ قادة العدو يمتنعون عن أيّ حرب جديدة خشية الثمن الباهِظ من استخدام جيش البريّة في الـ”عمليات” التي يقومون بها ضدّ الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، بما أنّ المقاومة اللبنانيّة "حزب الله" حققت انتصارات كبيرة على "إسرائيل" وفرضت معادلاتها وغيّرت المحاور القتالية.
وحسب الإعلام العبريّ فإنّ المسؤولين الإسرائيليين في شعبة الاستخبارات العسكريّة التابعة للكيان (أمان)، وفي أثناء تقويم الوضع لهذا العام، زاد لديهم احتمال الحرب بنسب كبيرة، وأحصوا ثلاثة أسباب أساسية: الأول ما يعد في نظر المقاومة كضعفٍ للدور الأمريكيٍّ في منطقة الشرق الأوسط، والسبب الآخر، يتعلّق بالأزمة بين كل من الولايات المتحدة و"إسرائيل" مع التشديد على العلاقات المهزوزة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، فيما يكمن السبب الثالث في الشرخ والضعف الداخلي الخطير في بيئة الاحتلال، الذي أدخل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته في دوامة لا خروج منها بعد اليوم، في ظل تردي العلاقات مع الأمريكان، بما يؤثر بشكل مباشر على مستقبل الأمن القومي الإسرائيليّ المهدد، ناهيك عن اشتداد الاحتجاجات ضدّ نتنياهو وحكومته.
الجيش الإسرائيليّ في ورطة
يركز الإعلام العبري على ثلاثة معايير لقوة حزب الله، ولم يستفد منها هذا الحزب في حرب عام 2006، الأول هو الصواريخ الموجهة بدقة، والثاني هيكل الدفاع الجوي، والثالث هو قوات الرضوان، والتي من المتوقع أن تكون قادرة على السيطرة على منطقة الجليل، من جهة أخرى، أعرب قائد سلاح الجو الصهيوني عن قلقه من تراجع كفاءة وجودة أداء الجيش الصهيوني بعد الأحداث الأخيرة، ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن قائد سلاح الجو الإسرائيلي قوله إن "الخسائر الداخلية التي لحقت بالبنية العسكرية الإسرائيلية تتعمق يوما بعد يوم وتزيد من نطاق الضعف في كفاءة الجيش بطريقة لم تعد موجودة، ولا يمكن تصور عودة الجيش إلى كفاءته السابقة.
ومع اعترف قائد الجيش الصهيوني بأن الكفاءة لن تعود إلى فترة ما قبل احتجاجات ضباط الأمن، تتأكد الخسارة الحقيقية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، كما أن سلاح الجو قد لحق به أكبر قدر من الضرر، لكن لا يمكن تحديد ما إذا كان هناك المزيد من الضربات القاضية في الاشهر القادمة، حيث تحدث المسؤول الإسرائيلي شخصيًا وبشكل مباشر مع الضباط والطيارين لإقناعهم بالتخلي عن قرارهم بعدم الانضمام إلى الخدمة الاحتياطية، كما كشفت صحيفة "هآرتس" أن "هرتسي هاليفي"، رئيس الأركان المشتركة لجيش (كيان الاحتلال الإسرائيليّ الصهيوني)، عقد مؤخرًا اجتماعات لتقييم أوضاع الجيش مع كبار قادة الجيش، بصورة خاصة، وتمت مناقشة موضوع العصيان العسكري والتحذير من الالتحاق بالوحدات العسكرية وتقييم أثره من خلال تقليص الجاهزية العملياتية لجيش كيان الاحتلال الإسرائيليّ، ويجري هاليفي أيضًا مناقشات مستمرة مع رئيس الوزراء ووزير الحرب في الكيان الصهيوني ويزودهما بتقارير محدثة بشأن متوسط العصيان للعسكريين في وحدات الجيش.
"إسرائيل" غير مستعدة للحرب
رغم إجراء قادة الاحتلال محادثات مع الجنود والضباط، ومع وجود جهود داخلية لإعادة العجلة إلى الوراء، قدر الإمكان، لا يخفي قادة الكيان أنّ جيش الاحتلال أمام خطر التفكك، وذلك بالتزامن مع ما وصل إليه في الفترة الحالية، لأنّ كيان الاحتلال الإسرائيليّ على مسافة قريبة من المس بكفاءة سلاح الجو وربما للأبد، وإذا استمر رفض أداء الخدمة فإن كفاءة الجيش الإسرائيلي ستتضرّر بشكل كبير، ويمثل رفض التطوع في جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديا كبيرا لحكومة الاحتلال الإسرائيلي وللجيش، حيث تعد الخدمة العسكرية الإلزامية في الكيان واجبا وطنيا لم يعد يؤخذ في عين الاعتبار، وتعتبر الشريحة الشابة في المجتمع الإسرائيلي هي الشريحة الرئيسية التي تخدم في قوات الاحتلال، وهي نفسها التي ترفض الالتحاق اليوم، ويعود رفض التطوع في الجيش إلى عدة عوامل، من بينها الضغط النفسيّ والصحي الذي يواجهه الشباب الإسرائيلي، والاعتراض على بعض السياسات الحكومية العنصرية والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والتحولات الاجتماعية والديموغرافية في المجتمع الإسرائيلي المنهار.
ولأن خيرة عناصر جيش الكيان الإسرائيلي وهم جزء مهم من استعداد العدو للحرب أعلنوا تخلفهم الكامل عن الخدمة، فإن كفاءة قوات الاحتلال على مدى الوقت سوف تتضرّر بشكل خطير، وقد يصل الأمر إلى أذى كبير لسلطة الاحتلال في فلسطين، حيث إن الحكومة الإسرائيلية والجيش يحاولان التعامل بشكل جدي مع هذا التحدي الخطير للغاية على مستقبل "إسرائيل" المهدد، من خلال ترهات تحسين الظروف العامة في الجيش وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للجنود المنهارين نفسيّا، وتحسين العلاقة التي تحوي فجوات كبيرة بين الجنود والقيادة، وتحديث الأساليب العسكرية والتكنولوجية لمواجهة التحديات الأمنية التي لم تعد تقنع حتى المسؤولين الصهاينة، والعمل على تحقيق "السلام الكاذب" لهم في المنطقة، لكن النتائج كانت عكس ما يتمنون.
وبلا شك، تؤثر نتائج فرار الجنود الإسرائيليين على مستقبل كيان الاحتلال بعدة طرق، من بينها التأثير على الأمن القومي للاحتلال، حيث يمكن أن يؤدي فرار الجنود من الخدمة العسكرية في الكيان إلى نقص في الكوادر العسكرية وتأثير سلبي على الجاهزية العسكرية، ما يمكن أن يؤثر على الأمن القومي لتل أبيب، إضافة إلى تأثير ذلك على العلاقات الدولية، ويمكن أن يؤدي فرار الجنود من الخدمة العسكرية في الكيان إلى تأثير سلبي على العلاقات الدولية للكيان، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقات مع الدول الأخرى وتأثير سلبي على الصورة الدولية لحكومة الكيان الاحتلاليّ والتي باتت فاشية للغاية بنظر كثير من الدول والشعوب حول العالم، مع التأثير على الاقتصاد، ويمكن أن يؤدي فرار الجنود من الخدمة العسكرية إلى تأثير سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى نقص في الكوادر العاملة وتأثير سلبي على الاستثمارات الخارجية، ناهيك عن التأثير على الاستقرار السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى تأثير سلبي شديد للغاية على الاستقرار السياسي للكيان، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات الاجتماعية والسياسية وتفاقم المشاكل الداخلية يوماً بعد آخر.