الوقت - بعد وساطة تركيا وخطة الصين المؤلفة من 12 نقطة لإنهاء الصراع في أوكرانيا، دخلت السعودية هذه المرة علی الخط لتجربة حظها في التوسط بين روسيا والغرب.
لذلك، استضافت مدينة جدة محادثات سلام بشأن الأزمة الأوكرانية يومي السبت والأحد، استكمالاً لمحادثات السلام الأوكرانية التي عقدت الشهر الماضي في كوبنهاغن، عاصمة الدنمارك.
في هذا الاجتماع، حضر مستشارون للأمن القومي من أكثر من 30 دولة، ناقشوا أبعاد وزوايا مختلفة للحرب في أوكرانيا، بما في ذلك أمن الغذاء والطاقة، وتبادل الأسرى، ومشاكل الأمن البيئي، وتشكيل محكمة جرائم الحرب.
ويقول المراقبون إن السعودية تسعى إلى الجمع بين العناصر الرئيسية للعديد من المبادرات، بما في ذلك مبادرة الصين والدول الأفريقية، في مبادرة توقعها الدول المشاركة في هذا الاجتماع، من أجل اكتساب ثقل دولي.
للنظر في أبعاد ونتائج لقاء جدة، تحدث "الوقت" مع السيد رضا صدر الحسيني، الخبير في الشؤون الدولية.
الوقت: ما هي برأيكم أهداف السعودية للتوسط في هذا الصراع العالمي؟
السيد رضا صدر الحسيني: أهم ما يجب الانتباه إليه في هذا الموضوع، هو الدبلوماسية النشطة التي قامت بها السعودية، التي تهتم بلعب دور مهم في القضايا المتعلقة بروسيا.
كما يقال في معظم وسائل الإعلام العالمية، إن السعودية تبتعد عن أمريكا وتتجه نحو روسيا، وتريد السعودية رفع علاقاتها مع الشرق والغرب. وتسعى السعودية بشكل أساسي إلى مواصلة علاقاتها الاستراتيجية مع الغرب، وخاصةً في مجال الطاقة، وأن تكون لها علاقة منطقية ومقبولة مع الروس في سياستها الخارجية.
بسبب سيولة النظام الدولي، هناك احتمالية قوية لعودة القوة من الغرب إلى الشرق، وتريد السعودية أن تلعب دورًا متوازنًا في سياستها الدولية في هذا النظام الجديد. ولهذا السبب، بدأت الرياض التوسط في مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، ودعت 30 دولة من أجل عقد قمة دولية للسلام والاستقرار بين روسيا وأوكرانيا.
الوقت: في الوقت الذي اشتدت فيه التوترات بين روسيا وأوكرانيا، ما مدى احتمالية نجاح هذا الاجتماع؟
السيد رضا صدر الحسيني: لا تزال نتائج هذا الاجتماع بحضور مستشارين للأمن القومي من أكثر من 30 دولة، غير معروفة. لأنه في اليومين الماضيين تصاعدت النزاعات بين روسيا وأوكرانيا، وهاجم الأوكرانيون السفن الروسية، ودمّر الروس عددًا من الطائرات بدون طيار الأوكرانية، كما زاد عدد الضحايا في كييف.
لذلك، لا يبدو أن هذا الاجتماع سيأتي بنتيجة نهائية وشاملة، ولكن هناك مجال للأمل، ولا يمكن القول إن هذا الاجتماع لن يكون له أي تأثير في تخفيف التوترات في عملية الحرب، إلا أنه لا يحقق نتائج مهمة.
ومن أسباب عدم التكهن بدقة بنجاح هذا الاجتماع، مواقف قادة الدول الأعضاء في الناتو، الذين لم يعلنوا بعد رأيهم النهائي بشأن تقليص النزاعات أو إنهائها.
نحن نعلم أنه في الشهر الثالث من الحرب، لم يكن لدى أوكرانيا القدرة التسليحية لمواصلة الحرب، وكانت المساعدات العسكرية والمادية الضخمة لحلف الناتو هي التي أطالت الحرب. ولهذا السبب، لا يمكن القول على وجه اليقين إلى أي مدى يمكن لهذا الاجتماع أن يخلق وقفًا دائمًا لإطلاق النار بين البلدين.
الوقت: ما هو موقف أمريكا من اجتماع السعودية؟ وهل مصالحهم تتماشى مع الرياض، أم إن هناك تضارب مصالح بين البلدين؟
السيد رضا صدر الحسيني: ليس لمسؤولي الولايات المتحدة والناتو موقف واضح، لكن حتى لا يتهمهم العالم بعرقلة مسار وقف إطلاق النار، فقد شاركوا كمستشارين للأمن القومي، لكن ليس لديهم مواقف واضحة في هذا الصدد.
وتظهر تصرفات وتصريحات المسؤولين الأمريكيين والغربيين، أنهم شاركوا في محادثات وقف إطلاق النار في جدة دون تحرك رسمي، وهم غير مهتمين بتقليل التوترات، وأبدوا رغبتهم في مواصلة الحرب من خلال زيادة المساعدات المالية والاستخباراتية والعسكرية.
الوقت: ما سبب غياب موسكو عن اجتماع جدة؟ وكيف ينظر الروس إلى الوساطة السعودية؟
السيد رضا صدر الحسيني: من أسباب غياب الروس أن هذا البلد عبّر عن قلقه من وجود الناتو في الحدود الشرقية على مدى العقود الثلاثة الماضية، ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، أثاروا هذا الموضوع بطرق مختلفة، وكان رأيهم واضحاً.
لذلك، فإن حقيقة عدم دعوة روسيا أو عدم رغبتها في المشاركة في الاجتماع في جدة، تُظهر أنها تريد القول إنه فيما يتعلق بقضية وقف إطلاق النار، يجب على دعاة الحرب قبول وقف إطلاق النار ومساعدة محادثات السلام في أوكرانيا، لتحقيق نتيجة ملموسة. من ناحية أخرى، يمكن رؤية نوع من المعارضة لتوسيع الناتو إلى الشرق، في غياب روسيا عن اجتماع جدة.
الوقت: بمعنى آخر، هل يمكن أن نقول إن عدم الحضور يعني أن الروس ليس لديهم أمل في نتائج هذا الاجتماع؟
السيد رضا صدر الحسيني: نحن ننظر إلى تصريحات وأفعال قادة الناتو، الذين يواصلون تقديم المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا. ولهذا السبب، من وجهة نظر الروس، لا يمكننا أن نأمل في نتائج اجتماع جدة.
ولكن إذا كان هذا الاجتماع يمكن أن يخلق ظروفًا تكون فيها العلاقات بين أوكرانيا وروسيا جيدةً ودون تهديدات عسكرية ضد موسكو، فإن الروس سيرحبون بالنتائج.