الوقت - كتبت مجلة "هيل" الأمريكية التابعة للكونغرس في تحليلها: خلال الحملة الانتخابية لعام 2020، قام بايدن بمناورة كبيرة لنزع فتيل التوترات التي أحدثها ترامب، لكن عندما يتعلق الأمر بالعقوبات الاقتصادية، فإنه يتبع نهج ترامب نفسه.
من فنزويلا إلى كوبا وإيران، هناك أوجه تشابه كبيرة بين نهج إدارة بايدن فيما يتعلق بالعقوبات مع مقاربات إدارة ترامب. خلال الحملة الانتخابية، وعد بايدن بإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، وفي الوقت نفسه العمل علی عكس السياسات الخاطئة لإدارة ترامب تجاه دول مثل كوبا وفنزويلا. ومع ذلك، بعد ما يقرب من عامين ونصف العام، لم تتخذ إدارته أدنى إجراء في هذا الصدد.
وفي حين أن قضية العقوبات الاقتصادية قد لا تبدو قضيةً مهمةً من وجهة نظر معظم الشعب الأمريكي، إلا أن لها عواقب قوية ومهمة على الاقتصاد العالمي والمصالح الوطنية للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذها بايدن في بداية إقامته في البيت الأبيض بالتفاعل مع وزارة الخزانة الأمريكية فيما يتعلق بالعقوبات الخارجية الأمريكية، إلا أنه في مجال العمل، لم يقم بتغيير جدي في سياسة العقوبات الأمريكية على الصعيد الدولي، ولم يتم سوى اتخاذ بعض الإجراءات الشکلية في هذا المجال.
يجب اعتبار فشل إدارة بايدن في إعادة أمريكا إلى خطة العمل المشتركة الشاملة، أكبر خطأ فادح في نظام سياسات العقوبات لهذه الإدارة، وهذه القضية، بصرف النظر عن الإضرار بسمعة الولايات المتحدة وإبعاد الدول الأخرى عن أي تفاعل دبلوماسي مهم مع حكومة الولايات المتحدة في المستقبل، أظهرت عمليًا أن حملة الضغط الأقصى لإدارة ترامب لم تكن سوی سياسة فاشلة.
وحسب تقرير "المعهد الأمريكي للسلام"، فإن ما يُزعم بأنه فترة الهروب النووي الإيراني (الفترة التي يمكن خلالها لإيران إنتاج أسلحة نووية حسب الولايات المتحدة)، قد تراجعت من 12 شهرًا في عام 2016 إلى أقل من أسبوع في الوضع الحالي.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران لم تنسحب بالكامل من خطة العمل الشاملة المشتركة، ومن وجهة النظر هذه، فقد أرسلت إشارات إيجابية إلى المجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن إدارة بايدن، مثل إدارة ترامب، رفضت بشدة رفع أي عقوبات ضد إيران. وفي الواقع، كانت أمريكا هي التي تركت خطة العمل الشاملة المشتركة، وانتهكتها بشدة.
ومع ذلك، أضاعت إدارة بايدن عملياً فرصاً کثيرةً، وأخيرًا وصلت إلى نقطة حيث إذا أرادت أمريكا التوصل إلى اتفاق مع إيران الآن، فسيتعين عليها السير في طريق أكثر صعوبةً، وبالطبع سيكون عليها تقديم المزيد من التنازلات لطهران.
أظهر بايدن مقارباته المعيبة تجاه إيران فيما يتعلق بكوبا أيضًا. فعلى الرغم من أن إدارة بايدن قد اتخذت بعض الإجراءات بشأن كوبا، إلا أنها لا تزال تسير على طريق الإرث القديم لإدارة ترامب فيما يتعلق بهذا البلد.
إن ستة عقود من حملة الضغط القصوى من قبل الحكومة الأمريكية ضد كوبا لم تحقق الكثير لواشنطن، وبالطبع فإن العقوبات الأمريكية ضد كوبا تواجه أيضًا معارضةً دوليةً واسعة النطاق.
ومن المثير للاهتمام أنه خلال أحد قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعمة لإنهاء الحصار المفروض على كوبا، وافقت 185 دولة على هذا القرار ولم يعارضه سوى الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بفنزويلا، نفّذ ترامب حملة الضغط الأقصى، ومع ذلك لم يحرز أي تقدم في هذا الصدد أيضًا. وهذه الإجراءات لا تؤثر فقط على شعوب البلدان التي فرضت عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة، ولكنها تضر أيضًا الشعب الأمريكي.
على سبيل المثال، بعد بدء الحرب في أوكرانيا والزيادة الكبيرة في أسعار النفط، لم تكن مخفيةً عن أحد حقيقة أن إيران وفنزويلا، باعتبارهما دولتين مهمتين غنيتين بالنفط في العالم، کان يمكنهما بيع النفط للولايات المتحدة، وتقليل العواقب السلبية لأزمة الطاقة على الولايات المتحدة
ومع ذلك، لم يحدث هذا فقط، بل بصرف النظر عن النفط، ارتفع سعر الغاز العالمي أيضًا بشكل كبير، وأثّر على الشعب الأمريكي بشكل هائل. وفي الواقع، عاد التأثير السلبي للعقوبات الأمريكية ضد الدول الأخرى إلى الأمريكيين أنفسهم.
يجب أن نقبل أن مثل هذه العقوبات غير الفعالة وغير المنتجة، وتسبب أضرارًا جسيمةً للمصالح الأمريكية. وعلى الرغم من أن تغيير اتجاه السياسة الخارجية الأمريكية سيستغرق وقتًا، إلا أن تهديدات وأضرار المواقف المترددة وعدم اليقين في هذا الصدد واضحة تمامًا.