الوقت - على الرغم من أن السعودية وإيران أنهتا بشكل رمزي خلافاتهما السابقة بتوقيع اتفاق لاستئناف العلاقات في مارس/آذار الماضي، إلا أن الخطوة الأخيرة لاستعادة العلاقات كانت عبر افتتاح السفارتين، وفي هذا الصدد قام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بزيارة طهران.
إلى جانب افتتاح السفارة، سيلتقي وزير الخارجية السعودي بن فرحان مع بعض المسؤولين الإيرانيين. من ناحية أخرى، يُقال إن ابن فرحان هو حامل رسالة من محمد بن سلمان ولي العهد السعودي إلى السيد إبراهيم رئيسي رئيس إيران، والتي حسب الخبراء فإن تحسين العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية هو أحد نقاطها الرئيسية.
من أجل دراسة أبعاد وتفاصيل زيارة وزير الخارجية السعودي إلى طهران، تحدث "الوقت" مع السيد جعفر قنادباشي، الخبير في شؤون غرب آسيا.
الوقت: ما هي أهم جوانب وأهداف زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى طهران؟
السيد جعفر قنادباشي: بالنظر إلى إعادة افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض مؤخرًا، فإن أهم هدف لهذه الزيارة هو الإعلان عن بدء العلاقات الدبلوماسية. من ناحية أخرى، تتفاعل السعودية وإيران في العديد من القضايا، بما في ذلك موسم الحج، وإقامته مهم في العلاقات بين البلدين.
أيضًا، يرتبط جزء من هدف هذه الزيارة بالقضايا الإقليمية، بما في ذلك قضية اليمن، وذلك من أجل تهدئة التوترات في المنطقة. فالسعوديون لديهم مطالب بخصوص اليمن، ويحاولون مناقشتها مع السلطات الإيرانية. ورغم أن إيران قالت دائمًا إنها لا تدعم اليمنيين عسكريًا، إلا أن السعودية مهتمة بإنهاء الحرب في اليمن دون تكلفة، وتحاول الرياض تحقيق هذا الهدف بمساعدة إيران.
الوقت: رأى كثيرون أنه بالاتفاق بين إيران والسعودية ستنتهي الحرب في اليمن أيضًا، لكن يبدو أن السعوديين غير مهتمين بهذا الموضوع، وهذا الأمر يثير غضب أنصار الله، الذين يحذرون السعوديين كل يوم. هل تعتقدون أنه سيكون هناك أي انفراجة بالنسبة لليمن؟
السيد جعفر قنادباشي: السعوديون قلقون من أنه مع انتهاء الحرب في اليمن، ستزال كل العوائق أمام إعلان انتصار أنصار الله، وهذا سيعزز هذه الحركة في اليمن، وبالإضافة إلى السعودية فإن الغربيين أيضًا لا يريدون انتصار اليمنيين. لذلك، لم يكن السعوديون على استعداد للاتفاق مع أنصار الله لهذه الأسباب حتی الآن.
ربما تريد السعودية ضمانةً من إيران أنها ستمنع اليمن بعد انتهاء الأزمة من الانضمام إلى محور المقاومة والعداء للرجعية العربية والغطرسة العالمية، وأيضًا للتأكد من أن طهران لن يكون لها وجود أكبر في اليمن.
ولذلك، من الطبيعي أن يتصرف السعوديون بحذر في هذا الأمر، لكن على سلطات الرياض أن تضع في الاعتبار أن أنصار الله تسعى لتأمين مصالحها الوطنية، وإيران ليست صاحبة القرار في هذا الأمر، وعلى الجماعات اليمنية نفسها أن تحل خلافاتها مع السعوديين.
الوقت: يقال إن ابن فرحان هو حامل رسالة ابن سلمان إلى رئيس إيران. ما هي المواضيع التي تحويها هذه الرسالة وما تأثيرها على تعزيز العلاقات الثنائية؟
السيد جعفر قنادباشي: في رأيي، ربما ترتبط رسالة ابن سلمان بالمستقبل السياسي للسعودية، وربما أثيرت قضيتان في هذه الرسالة. إحداهما اعتذار من السعودية عن الإجراءات التي اتخذتها ضد إيران في السنوات الأخيرة المسببة للتوتر، والثانية تقديم عتب لإيران حتى تتمكن إلى جانب الاعتذارات من التعبير عن مواقف معادية لسياسات طهران في المنطقة.
لكن النقطة المهمة في الرسالة هي إعطاء الأمل للعلاقات بين البلدين في المستقبل، بأنه إذا كان للبلدين علاقة قوية، فستحدث أشياء جيدة، وبطريقة ما تتضمن وعودًا حتى تظهر السعودية حسن نيتها تجاه طهران، وتتحدث عن فوائد هذا التعاون مع طهران.
الوقت: هل تمت إعادة فتح السفارتين كما وافقت سلطات البلدين أم لا؟ لأن البعض يعتقد أن السعوديين يؤخرون إعادة فتح سفارتهم وينظرون إلی التطورات في المنطقة والحصول على بعض الضمانات. فما هو تقييمكم؟
السيد جعفر قنادباشي: فيما يتعلق بالعلاقات السياسية، فإن التعاون مع السعودية ليس بالتأكيد طريقًا سلسًا، وهناك العديد من الأسباب التي تؤثر علی ذلك.
أحدها هو المواقف العامة والأيديولوجية للسعوديين، والآخر يتعلق بسلسلة الالتزامات التي قدمتها السعودية لدول أخرى والتي تجعل التفاعلات الثنائية صعبةً. لكن إذا تحدثت السعودية مع إيران من وجهة نظر مصالحها الوطنية، فربما يكون المسار أكثر سلاسةً، ولا تنظر السلطات السعودية فقط من منطلق سياسات العائلة السعودية الحاکمة في علاقاتها مع إيران، بل تراعي أيضًا المصالح الوطنية. لكن للأسف، وبسبب الدعاية التي انطلقت في المنطقة، وكذلك بسبب بعض المواقف السعودية، أصبح مسار العلاقات بين البلدين متفاوتًا.
الوقت: كيف ترى دول المنطقة زيارة بن فرحان؟ وكيف ستؤثر أهمية هذه الزيارة على العلاقات بين طهران والعالم العربي؟
السيد جعفر قنادباشي: تنسق الدول العربية علاقاتها مع طهران مع سياسات الرياض، وإذا تم حل الخلافات بين هذين البلدين، ستتحسن العلاقات مع العرب الآخرين أيضًا. کما أن العديد من علاقات إيران الباردة مع الدول العربية نتجت عن تصرفات السعودية المباشرة وغير المباشرة، ولهذا السبب تُدرس العلاقات بين طهران والرياض بعناية.
لذلك، إذا كانت العلاقات بين البلدين مزدهرةً، يشعر العرب أيضًا أن الضوء الأخضر قد أعطي لهم لتعزيز علاقاتهم مع طهران. لكن إذا شعروا أن هذه العلاقات لن تتجاوز المستوى المعتاد وستقتصر على إعادة فتح السفارات، فلن تتخذ دول أخرى في المنطقة خطوةً لتحسين العلاقات مع طهران.
وفي هذا الصدد، من المهم أيضًا مسألة المصالح الوطنية للدول لتنظيم علاقاتها بناءً على ذلك. على سبيل المثال، مصر أكثر تأثراً بسياسات السعودية في المجالات الخارجية والداخلية، وليس لديها سياسة مستقلة في هذا المجال.
کما يأمل الغربيون أيضًا في بعض التحركات السعودية في المنطقة، ويتوقعون أن هذا البلد يمكن أن يوفر مصالحهم. ويحاول ابن سلمان أيضًا أن يُظهر للعالم الغربي قدرته ومؤهلاته للجلوس على العرش ببعض الإجراءات في المنطقة، حتى يدعموا حکمه في المستقبل.
الوقت: كيف تقيمون آفاق العلاقات الثنائية في المستقبل؟
السيد جعفر قنادباشي: نظراً لاحتياجات الطرفين في المنطقة، بما في ذلك في مجال النفط والغاز، وهما من بين مصدريهما، وكذلك في مجال السياحة الدينية وخاصة موضوع الحج، هناك نقاط مشتركة بين البلدين.
ولهذا السبب، يلتزم الطرفان بمواصلة العلاقات مع بعضهما البعض، والسعودية تعلم أيضًا أنه دون التواصل مع طهران، لا يمكنها دفع الكثير من سياساتها في المنطقة. لكن الموضوع الأهم من تطبيع العلاقات، هو ما إذا كانت هذه العلاقات ستزدهر وسندخل في تعاون ودي في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية أم لا، وهذه القضية تستغرق وقتًا طويلاً ولن تحدث بسهولة.