الوقت- في الوقت الذي تسود العالم اضطرابات و صراعات عديدة يعتقد الخبراء الدوليون ان العالم ومنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا مقبل على تطورات هامة عديدة خلال العام الميلادي القادم وفي هذا السياق نظمت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي اجتماعا بحضور خبرائها لتدارس هذه التطورات والاحداث لاستكشاف ملامح المرحلة المقبلة.
وقد طرح هؤلاء الخبراء وجهات نظرهم خلال هذا الاجتماع، ومن بين هؤلاء الخبراء "توماس كاروترز" وهو معاون رئيس مؤسسة كارنيغي لدراسات السلام وقد اعتبر كاروترز ان اهم قضية تهم السياسة الخارجية الاوروبية في العام القادم تتعلق بأمريكا والانتخابات الرئاسية المقبلة فيها.
ويقول كارتروز؛ رغم انه لايمكن التكهن بنتائج تلك الانتخابات لكن من المحتمل ان يفوز مرشح الجمهوريين فيها وفي تلك الحالة سينهي الرئيس الجديد الاتفاق النووي مع ايران وسيزيد من التدخل العسكري الامريكي في سوريا كما سيخل بالالتزامات الامريكية في مجال الطاقة و المنصوص عليها في اتفاقية باريس.
ان فوز رئيس من الحزب الجمهوري سيحافظ على الاكثرية الجمهورية في الكونغرس ولذلك لن يولي الرئيس الامريكي القادم اهمية لاوروبا ودورها في المرحلة المقبلة.
اما مدير برنامج "القادة العالميين والحركة نحو الديمقراطية" في المؤسسة الدولية للديمقراطية "كورت دبوف" فانه يعتقد بأن التركيز العالمي في العام الجديد سينتقل من سوريا نحو ليبيا لأن قادة تنظيم داعش سينتقلون الى ليبيا لبناء قاعدة جديدة لهم والاستفادة من الفوضى السائدة هناك فليبيا لاتمتلك جيشا وقوات كافية لمواجهة الجماعات المتطرفة لكنها تمتلك حقولا نفطية تؤمن مدخولا ماليا ضخما للمتطرفين.
ويضيف "دبوف"؛ ان الغرب لا يملك خيارا آخر سوى محاربة داعش في ليبيا في عام 2016 وان الجماعات الارهابية في ليبيا ستسعى الى زعزعة امن مصر و تونس كما ان قيادة دولة ارهابية على بعد 300 كيلومتر من اوروبا ليس امرا يمكن التغاضي عنه بسهولة.
من جانبه يعتقد مراسل صحيفة ان آر سي الهولندية "كرولاين غروتر" والذي يقيم في فيينا ان اهم موضوع سياسي في عام 2016 هو الفوضى والتطرف في الشرق الاوسط والذي يمكن ان تصل شظاياه الى اوروبا، فإيران والسعودية وروسيا وتركيا منشغلين بحروب شديدة وهناك احتمال لوصول نيران الحرب الى داخل اوروبا.
ويضيف "غروتر" ان نفوذ اوروبا في الشرق الاوسط قليل جدا فاروربا اختارت الصمت ازاء انهيار النظم والاستقرار في ليبيا وسوريا وتناست القضية الفلسطينية ولذلك خسرت ثقة العرب و ان استعادة هذه الثقة تتطلب وقتا طويلا.
اما السفير الامريكي السابق في المانيا "جان كورن بلوم" فيقول ان أهم تحدي يواجهه العالم في عام 2016 هو مواجهة الفوضى الحاصلة بسبب الانتشار السريع للمعلومات والشبكات اللوجستية لكن النخب السياسية والاقتصادية لم تدرك اهمية هذا الموضوع بعد.
ويضيف "بلوم"؛ ان شبكات تبادل المعلومات والانظمة اللوجستية ستصلح نماذج الاتصالات بين الاشخاص والشركات والحكومات ولها فوائد كبيرة للمجتمعات لكنها ستتسبب بتغييرات في المؤسسات و ادائها و ان مشكلة الهجرة هي احد نماذج هذه المشاكل.
بدوره يعتقد العضو البارز في أكاديمية "ترانس أتلانتيك"، "اولريك اسبيك" ان القضية السورية ستكون أهم قضية في السياسة الخارجية العالمية خلال السنة المقبلة ويقول "اسبيك" ان عملية السلام الحالية بشأن سوريا لا يبدو انها ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب.
ويتابع "اسبيك"؛ ان الاوضاع السائدة على الارض لا تؤشر نحو السلام لأن اللاعبين الرئيسيين في سوريا يعتقدون السلام لا تؤمن مصالحهم، ان كلفة عدم قيام الغرب باتخاذ قرار حاسم في سوريا ستزداد باضعاف في عام 2016 وان الحرب ستستمر وسيزداد عدد اللاجئين في اوروبا وستزداد ايضا هجمات داعش الارهابية في المنطقة و خارجها.
ان انهاء الحرب يبدو ايضا بعيد المنال في عهد الرئيس الامريكي الجديد فالرئيس الحالي اوباما الذي قد رأى تجربة الحرب في العراق كان يدرك ان تكلفة عدم التدخل في الحروب الخارجية هي اقل من التدخل.
ومن جهته قال المدير التنفيذي لأكاديمية ترانس أتلانتيك "استيفان زابو" ان مشروع الاتحاد الاوروبي هو القضية الاهم التي يواجهها الاوروبيون في العالم المقبل ويتساءل: هل ان اوروبا ستنهار امام الازمات التي تواجهها ام انها ستحافظ على وحدتها؟ ان بدء فصل الربيع يعني بداية موسم جديد لهجرة اللاجئين الى اوروبا وبموازاة ذلك يزداد نشاط الاحزاب المعارضة لقوانين الاتحاد الاوروبي و لانضمام بلادهم للاتحاد الاوروبي كما ان احتمال حدوث هجمات ارهابية في اوروبا سيزداد ايضا.