الوقت- يشهد الشرق الأوسط حدثاً مفصلياً مع الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة في الكيان الإسرائيلي، والتي أغرقته في واحدة من أخطر أزماته الدستورية والسياسية والاجتماعية على الإطلاق، بتداعيات تطال أيضاً ركني تفوقه أي: الاقتصاد والجيش.
اندلعت الاحتجاجات عندما أعلن وزير العدل ياريف ليفين خطة تقييد صلاحيات السلطة القضائية، والمحكمة العليا تحديداً، لتفلت من سلطتها بوصفها مراقباً على السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ نظراً لعدم وجود دستور. ترمي الخطة إلى إلغاء صلاحية المحكمة في إسقاط القوانين التي ترى أنها غير قانونية، وإلغاء حجة «المعقولية» التي تعطيها صلاحية إلغاء أي قرارات حكومية تعتبرها غير منطقية، وتسمح لأعضاء البرلمان وبأغلبية بسيطة رفض قراراتها وتمنح السياسيين صلاحية أكبر في تعيين القضاة. هذه الخطة التي وصفها المحتجون بأنها «بداية النهاية» للديمقراطية في الكيان الإسرائيلي لكونها تمنح تقريباً سلطات غير محدودة للسلطة الحاكمة، عززت الاستقطابَ السياسي بالبلاد في تعبير عن تصدع سياسي - اجتماعي حاد نتيجة لاختلاف الرؤى حول هوية الدولة وشكل نظامها السياسي، ما دفع بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى التحذير من «حرب أهلية» على الأبواب.
البنك المركزي للكيان يحذر
أعلنت قناة 12 التليفزيونية التابعة للکیان الصهيوني أن البنك المركزي في الكيان الصهيوني كشف عن خسائر تقدر بعدة مليارات شيكل في الاقتصاد بسبب الحجج المتعلقة بالتغييرات في القوانين القضائية.
وشدد هذا البنك في تحذيره، الذي نشر اليوم الاثنين 3 نيسان / أبريل، على أنه إذا تمت الموافقة على برنامج التغييرات في القوانين القضائية للاقتصاد الإسرائيلي ، فإنه يتوقع خسارة 49 مليار شيكل.
وفقًا لهذا الإعلام الناطق باللغة العبرية، سيخسر الاقتصاد الإسرائيلي ما لا يقل عن 14 وربما يصل إلى 49 مليار شيكل بسبب استمرار نهج بنيامين نتنياهو في دفع خطة التغييرات القضائية.
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعترف أمس بأن خطة حكومته لتقليص صلاحيات الهيكل القضائي لها آثار (سلبية) على أمن إسرائيل واقتصادها، وتقبل أن كل هذه المشاكل الاقتصادية كانت بسبب ذلك.
يوم الإثنين، رفع البنك المركزي الإسرائيلي سعر الفائدة المصرفية للمرة التاسعة في أقل من عام.
وبزيادة قدرها 0.25٪، حيث وصل سعر الفائدة المصرفية لهذا النظام إلى 4.5٪ لأول مرة منذ عام 2006.
وأصدر بنك إسرائيل، تحذيراته من خسارة الاقتصاد الإسرائيلي ليصل إلى 47.6 مليار شيكل "13.16 مليار دولار" سنوياً، في حال تم تمرير خطة الإصلاح القضائي.
وحسب ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أنّ البنك نشر توقعات بعدما قرر في وقت سابق من يوم الإثنين، رفع الفائدة للمرة التاسعة على التوالي بمقدار 0.25 بالمئة، لتبلغ 4.50 بالمئة في أعلى مستوى منذ مطلع 2007.
وأكدت الصحيفة العبرية عبر موقعها الإلكتروني، أنّ السيناريو "السهل" نسبياً هو المتمثل في استمرار خطة "الإصلاح القضائي" في الكنيست الإسرائيلي، حيثُ يتوقع بنك إسرائيل ضرراً بقيمة 14 مليار شيكل سنويا (3.9 مليارات دولار) في السنوات الثلاث المقبلة.
وقال البنك، إنه في السيناريو الأكثر حدة يمكن أن تؤدي خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل، حيثُ ينطوي إعداد التوقعات في الفترة الحالية, على قدر كبير من عدم اليقين الناشئ عن العمليات التشريعية المتعلقة بالنظام القضائي".
وأكد، أن تلك الخطة قد يكون لها تأثير كبير على التطورات الاقتصادية والمالية على المدى القصير والطويل، وبالتالي أيضا على السياسة النقدية".
وأخذ البنك في الاعتبار، حدة المخاطر التي ستتحملها إسرائيل، في حال تم تمرير تلك خطة الإصلاح القضائي، والضرر الذي سيلحق بالصادرات، وانخفاض الاستثمارات المحلية وتراجع الطلب على الاستهلاك الشخصي.
وقدم بنك إسرائيل سيناريوهين محتملين، هما:
*- الأول: سيناريو تتم فيه تسوية الخلاف حول الإصلاح القضائي بطريقة لا تؤثر على النشاط الاقتصادي.
*-الثاني: سيناريو يقدم تحليلاً للعواقب المحتملة إذا " يتم إجراء تغييرات من شأنها أن تصاحب زيادة في علاوة المخاطر التي تتحملها إسرائيل، والأضرار التي تلحق بالصادرات، وانخفاض الاستثمارات المحلية والطلب على الاستهلاك الخاص ".
الأمريكي يخاف على طفله
في السياق نفسه ذكر موقع "ذا إنترسبت" الأميركي، في وقتٍ سابق، أنّ التعديلات القضائية التي يقوم بها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ستجعله من أهم حلفاء حركة المقاطعة ضد (إسرائيل)، حيث أخافت تعديلاته رأس المال الأجنبي الذي بدأ يفر من الكيان. ولفتت قناة "كان" العبرية إلى أنّ المئات من خبراء الاقتصاد في (إسرائيل) وقّعوا عريضة للمرة الثانية، محذرين فيها من الأضرار المتوقّعة للتعديلات القضائية على الاقتصاد الإسرائيلي. وكانت وسائل إعلام عبرية قد أفادت بأن أحد أكبر المستثمرين في صناعات "الهايتك" الإسرائيلية (التقنية العالية)، حذّر من تدهور الأوضاع الاقتصادية في كيان الاحتلال. ونقلت "القناة 12" العبرية عن شلومو دوفرات، أحد أكبر المستثمرين في صناعات "الهايتك" قوله إنّ "ملياري دولار تخرج كل يوم من (إسرائيل) والبنوك تعلن عن هذا، أنا اعتقد أنّ الخطر هنا هو حقيقي".
وفي أواخر يناير الماضي، أعرب محافظ بنك إسرائيل "أمير يارون" عن مخاوفه من أن تؤدي خطة الإصلاح القضائي إلى الإضرار بشدة بالتصنيف الائتماني لإسرائيل، ويدفع الشركات الدولية لتجنب الاستثمار فيها
في الأسابيع الأخيرة ، شهدت عشرات المدن من شمال إلى جنوب فلسطين المحتلة ، بما في ذلك تل أبيب وحيفا والقدس المحتلة وبئر السبع وريشون لتسيون وهرتزليا ، مظاهرات ضد حكومة اليمين المتطرف واشتباكات بين المحتجين. وقوات الأمن التابعة لهذا النظام والمتظاهرين وأنصار ائتلاف نتنياهو.
اقتصاد بيت العنكبوت!
الذي يبنيه الكيان اقتصاديا منذ عقود من الزمن تراه هشاً سريع الاهتزاز، فكل الدراسات السابقة التي تحدثت عن الاقتصاد الإسرائيلي تشير إلى بناء التركيب البنيوي للاقتصاد ومؤشرات نموه آخذة بعين الاعتبار الإبقاء على عامل الأزمات الملازم للاقتصاد. هذه العقدة الملازمة له جعلته يفتش عن منافذ جديدة له تشعره بالاستقرار وتضمن وجوده فذهب الى مسألة التطبيع.
يقوم اقتصاد الكيان على التكنولوجيا المتطورة ويعتبر في المراحل المتقدمة على صعيد العالم من حيث المسيرات والطائرات, وعلى صعيد الزراعة أيضاً له حصة مهمة في انتاج وتصنيع السلع والفواكه وانتاج الالماس، وهو يتلقى دعماً سنوياً من قبل الولايات المتحدة الامريكية يفوق المليار دولار أمريكي. بالرغم من الارقام المهمة التي ينشرها العدو عن اقتصاده وبالرغم من حملاته التي يسعى من خلالها الى تعزيز دوره وأخذ صفة الدولة الحقيقية إلا أن ذلك لم يسعفه من أن يجعل بيئته آمنة من الظروف الخارجية (المقاومة) والداخلية (اضطرابات الشارع).
عامل الأمل اذاً، لا تسعفه الارقام مهما كانت مرتفعة فهي أمام أي هزة تكشف عن وهنه وضعفه تماماً كما لم تسعفه أعتدته المتطورة في مواجهة المقاومة.
الأحداث الاقتصادية والأمنية في الداخل الإسرائيلية تسارعت ككرة الثلج بعد المظاهرات التي اندلعت في ظل صراع عنيف بين الائتلاف الوزاري اليميني المتطرف برئاسة نتنياهو وفصيل المعارضة بزعامة يائير لابيد، رئيس الوزراء الأسبق للکیان الصهيوني، حول مشروع قانون مثير للجدل لتغيير النظام القضائي.
حيث يعتبر قادة معارضة الکیان الصهيوني الإصلاحات القضائية لحكومة نتنياهو بمثابة "انقلاب" وإضعاف النظام القضائي ومحاولة نتنياهو منع محاكمته في ثلاث قضايا فساد ورشوة، ويعتقدون أن هذه الإجراءات من قبل الحكومة ستقود الكيان الصهيوني نحو الصراع والحرب، وستؤدي إلى انهيار داخلي وتدريجي على الصعيد الاقتصادي والأمني وحتى وجود الكيان برمته.