الوقت - إلهان عمر، المواطنة الأمريكية من أصل صومالي، والتي كانت أول امرأة مسلمة تُنتخب لمجلس النواب الأمريكي في انتخابات 2015، كانت أكبر منتقدة لجرائم الکيان الصهيوني بحق الفلسطينيين في الكونغرس، لكن المشرعين الجمهوريين الأمريكيين لم يتمكنوا من تحمل صوتها الناقد.
وفي هذا الصدد، طرد مجلس النواب الأمريكي إلهان عمر المنتمية إلی الحزب الديمقراطي من لجنة العلاقات الخارجية بتهمة معاداة السامية، بأغلبية 218 صوتًا موافقًا من الجمهوريين و211 صوتًا معارضًا من الديمقراطيين.
وقال مايك والتز، النائب الجمهوري في هذا الصدد، إن "إسرائيل وأمريكا تشتركان في قيم مشتركة، ومن يدعم هذه القيم يستحق أن يكون في لجنة العلاقات الخارجية، ولا مكان لمعاداة السامية في هذه اللجنة".
وقبل التصويت قالت إلهان عمر ساخرةً: "أنا مسلمة ومهاجرة وجئت من إفريقيا بالصدفة". کما أعلن الديمقراطيون أن هذا الإجراء من قبل الجمهوريين هو بمثابة انتقام سياسي من الحزب المنافس.
إلهان عمر تتعرض لضغوط منذ فترة طويلة بسبب مواقفها التي تنتقد سياسات الكيان الصهيوني، وتندد بجرائم هذا الکيان. وجاء اتهام إلهان عمر بمعاداة السامية، بينما کانت تنتقد في السنوات الأخيرة جرائم الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين فقط، وهي قضية أثارت غضب اللوبي الصهيوني بشدة.
لذلك، بعد بدء الكونغرس الأمريكي الجديد أعماله، قال كيفين مكارثي، رئيس مجلس النواب، الذي تربطه علاقات جيدة مع تل أبيب، إنهم سيطردون إلهان عمر من الكونغرس.
وكان الجمهوريون، الذين بدؤوا في الاختلاف مع إلهان عمر منذ عهد ترامب، قد وجهوا من قبل أيضًا اتهامات أخرى ضدها حتى يتمكنوا من طردها من الكونغرس.
وفي هذا الصدد، زعمت قناة العربية في عام 2019 أنها حصلت على وثائق تثبت أن إلهان عمر كانت على اتصال بقطر وأخذت أموالاً من هذا البلد، ونقلت معلومات مهمة إلى الدوحة، ووصلت هذه المعلومات في النهاية إلى إيران.
في ذلك الوقت، قالت دانييل ستيلا، النائبة الجمهورية، إنه إذا ثبتت اتهامات عمر بنقل معلومات حساسة وسرية إلى إيران، فيجب إعدامها، لكن عمر نفت هذه الاتهامات ولم يتم إثبات هذه المزاعم قط.
إن غضب الأمريكيين من وجود نائبة مسلمة في الكونغرس، يظهر أن اللوبي الصهيوني قد نشر مظلته على الهياكل الحاكمة لهذا البلد، ليصطفّ رجال الدولة الأمريكيون مع سياساتهم ويسکتوا أي صوت ينتقد الصهاينة تحت عنوان معاداة السامية.
ويأتي تحرك الجمهوريين تحت ذريعة انتقاد عمر للصهاينة، بينما تنتقد حتى الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية نفسها جرائم الصهاينة في فلسطين، والقرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة ضد هذا الکيان في العام الماضي، تظهر عزلته في جميع أنحاء العالم.
ويعتقد الكثيرون أن غضب الجمهوريين من إلهان عمر، إضافة إلى انتقادها للکيان الصهيوني، مرتبط أيضًا بكونها مسلمةً، ووفقًا لأجواء الإسلاموفوبيا التي انتشرت في الغرب في السنوات الأخيرة، فإن النواب الأمريكيين لا يتحملون وجود شخص مسلم في الهياكل السياسية.
معارضة إلهان عمر لجرائم تل أبيب
رغم أن إلهان عمر كانت مواطنةً أمريكيةً، إلا أن هذا الأمر لم يمنعها من السكوت عن جرائم الصهاينة، وكانت دائمًا تتخذ مواقف قوية ضد هذا الکيان رغم الضغوط السياسية.
وقالت إلهان عمر في أول موقف لها عام 2014، بالتزامن مع دخولها لمجلس النواب، إن الکيان الصهيوني قام بـ "التنويم الإيحائي" للعالم لصرف الأنظار عن قصف المدنيين.
لطالما نفت عمر تهمة معاداة السامية، وقالت إن مواقفها حول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي لا علاقة لها بمعاداة السامية. وفي فبراير 2019، قالت عمر في إحدى تغريداتها، إن سبب دعم الجمهوريين لـ"إسرائيل" هو الدعم المالي من اللوبي الصهيوني، ولهذا السبب اتهمت بمعاداة السامية، وحتى الديموقراطيون في الكونغرس أدانوا تصريحاتها.
إلهان عمر، إلى جانب رشيدة طليب، عضوة مسلمة أخرى في مجلس النواب، من مؤيدي حملة مقاطعة الکيان الصهيوني، وقبل ثلاث سنوات قدمتا مشروع قانون يمنح الأمريكيين حق المشاركة في حملات تدعو لمقاطعة الکيان الصهيوني، وأظهرتا أنهما غير مستعدتين للتراجع عن سياساتهما المعادية للصهيونية، على الرغم من المعارضة الواسعة لأعضاء الكونغرس.
کما أعلنت إلهان دعمها لأهالي قطاع غزة، وأدانت جرائم الکيان الصهيوني خلال حروبه هذه المنطقة. وفي مايو 2018، انتقدت هذه النائبة المسلمة استمرار العنف ضد الفلسطينيين، وقالت إن الوضع الحالي للاحتلال والأزمة الإنسانية في غزة يزعزعان الاستقرار.
وفي تشرين الثاني 2020، ورداً على التدمير الكامل لقرية حمص البقيا بالضفة الغربية وإدانة هذه الجريمة، قالت عمر إن "هدم منازل الفلسطينيين هو خطة إسرائيل للتطهير العرقي ويتعارض مع القوانين الدولية. يستخدم الإسرائيليون أدوات ومعدات أمريكية، وأمريكا أيضًا مسؤولة عن هذا الانتهاك لحقوق الإنسان".
وفي خضم معركة "سيف القدس" في مايو 2021، اعتبرت هذه النائبة من أصل أفريقي في کونغرس الولايات المتحدة، أن تأخير وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفلسطين المحتلة هو السبب الرئيسي لقتل الأطفال البشع وتدمير الأرواح البشرية. وقالت إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يجب أن يصر الآن على إنهاء هذا الاحتلال.
وفي مايو من هذا العام، ورداً على مقتل صحفية قناة الجزيرة، غردت عمر بأن "شيرين أبو عاقلة قُتلت على يد الجيش الإسرائيلي بعد أن تم التعرف بوضوح على وجودها كصحفية. إننا نقدم لإسرائيل 3.8 مليارات دولار سنويًا كمساعدات عسكرية دون أي قيود، فما هو الإجراء الذي سيتم اتخاذه لمحاسبة انتهاكات حقوق الإنسان هذه؟ وما هو المطلوب لجعل إسرائيل مسؤولةً حقاً؟"
ومؤخراً طلبت إلهان عمر ورشيدة طليب من الحكومة الأمريكية قطع المساعدات المالية عن الكيان الصهيوني. وكان الکيان الصهيوني، الذي يعتبر وجود إلهان عمر في الكونغرس خطرًا على مصالحه، قد ألغى في وقت سابق زيارتها إلى الأراضي المحتلة.
في السنوات الأخيرة، تعرضت عمر لتهديدات متكررة من قبل نواب مؤيدين للکيان الإسرائيلي، لكنها لم تتراجع أبدًا عن مواقفها المعلنة، ودافعت دائمًا عن حقوق الفلسطينيين المضطهدين من قبل الاحتلال.
مواقف إلهان عمر ضد برامج الحكومة الأمريكية
إضافة إلى التصريحات المعادية للصهيونية، عارضت هذه النائبة الأمريكية المسلمة أيضًا بعض سياسات الحكومة الأمريكية المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
ففي سبتمبر من العام الماضي، ورداً على اعتراف الجيش الأمريكي بأن الهجوم المميت بطائرة مسيرة على كابول ومقتل 10 مدنيين كان خطأً واعتذر في هذا الصدد، قالت إلهان عمر إنه يجب دفع تعويضات وإجراء أبحاث دولية في هذا المجال.
وشددت على أن آلاف الأشخاص قتلوا خلال عمليات سرية وغير مسؤولة للطائرات الأمريكية دون طيار في العقدين الماضيين، ويجب أن نحاسب كل من شارك في هذه الهجمات.
كما أعلنت في أغسطس 2019، وردًا على سياسة الإسلاموفوبيا والعنصرية في الحكومة الأمريكية، أنها ستكشف عن نظام القمع المدعوم في هذا البلد من قبل دونالد ترامب.
کذلك، انتقدت إلهان عمر، إلى جانب ثلاث عضوات في مجلس النواب، خطط دونالد ترامب بشأن المهاجرين المكسيكيين، وقالت إن الرأي العام يجب أن يولي المزيد من الاهتمام لهذه القضية. ومن خلال اعتبار هذه الأعمال عنصريةً، طالبت حتى بمحاكمة الرئيس.
حتى أنها صوّتت ضد مشروع قانون مخصصات تكميلية طارئة بقيمة 4.5 مليارات دولار للمساعدة الإنسانية والأمن على الحدود المكسيكية، والذي كان من شأنه أن يتطلب حماية الجمارك والحدود لفرض المعايير الصحية للمحتجزين.
أيضًا، انتقدت هذه النائبة المسلمة تصرفات ترامب اللاإنسانية، وقالت إن العقوبات تسببت في وفاة آلاف الإيرانيين، وأثناء تفشي وباء كورونا، حرمت إيران من الإمداد بالأدوية اللازمة.
وانتقدت إلهان عمر إجراءات كورونا التي اتخذتها إدارة ترامب، والتي أدت إلى وفاة مئات الآلاف من الأشخاص في الولايات المتحدة، وقالت إنه يجب محاكمة مسببي هذه الوفيات في الولايات المتحدة والتحقيق معهم بسبب سوء إدارة فيروس كورونا.
هذه النائبة المسلمة، التي عارضت بشدة سياسات ترامب في مجال حقوق الإنسان، انتقدت أيضًا البيت الأبيض فيما يتعلق ببيع الأسلحة للسعودية، وقالت إن السعودية من أفظع منتهكي حقوق الإنسان في العالم ومسؤولة عن المجاعة والكوليرا في اليمن، لكن أمريكا تبيع الأسلحة لهذا البلد.
لقد أوضح طرد النائبة الأمريكية المسلمة من لجنة بالكونغرس، حقيقة أن مزاعم أمريكا بشأن حقوق الإنسان ليست سوی كذبة، وهذه القضية سيف بتار على الدول المعادية للولايات المتحدة والکيان الصهيوني فقط، ولا يعمل عندما يتعلق الأمر بجرائم الکيان، ومن يريد أن ينتقد هذا الکيان عليه أن يدفع ثمناً باهظاً.
الجمهوريون، بهذه الخدمة التي قدموها لتل أبيب والتي تمت من قبل جماعات الضغط التابعة لترامب، يحاولون إقناع اللوبي الصهيوني بدعم خيارهم المفضل في انتخابات 2024.