الوقت - وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية والمعيشية، بدت الحملة الانتخابية التونسية باهتة، حيث قالت الهيئة العليا للانتخابات في تونس إن 11.3 بالمئة صوتوا في جولة الإعادة من الانتخابات التشريعية في نسبة خلفت العديد من ردود الفعل الغاضبة والساخرة.
وأعلن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر خلال مؤتمر صحفي، عن النسبة مشيرا إلى أن النتائج النهائية سيعلن عنها خلال يومين بعد تجميع مختلف المحاظر ودراسة التجاوزات التي حصلت.
وأضاف إن نحو 887 ألف ناخب أدلوا بأصواتهم من إجمالي 7.8 ملايين، لكن النتائج النهائية قد تستغرق وقتا أطول لتجميعها.
وفي أول رد فعل معارض، قال نجيب الشابي رئيس "جبهة الخلاص"، خلال مؤتمر صحفي "اليوم الشعب التونسي أصدر حكما باتا ونهائيا ضد مسار قيس سعيد وانتخاباته".
في تموز/يوليو 2022، تم إقرار دستور جديد إثر استفتاء شعبي تضمن صلاحيات محدودة للبرلمان مقابل تمتع الرئيس بغالبية السلطات التنفيذية، ومنها تعيين الحكومة ورئيسها ،وعلى أثر ذلك قدر الخبراء أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة، وعبروا عن مخاوف من أن تنحرف البلاد عن مسار الانتقال الديمقراطي، بعد أن كانت مهدا لتجربة فريدة في المنطقة.
فمن جانبه اعتبر الباحث في "مركز كولومبيا" يوسف الشريف أنه، و"بالنظر إلى عدم الاهتمام التام للتونسيين" بالحياة السياسية، فإن "هذا البرلمان لن يتمتع بشرعية كبيرة. وبفضل دستور 2022 سيتمكن الرئيس القوي من الهيمنة عليه كما يشاء".
من جهتها، دعت الأحزاب السياسية المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات وسط أزمة اقتصادية خانقة، إذ يواجه التونسيون تدهورا حادا في قدرتهم الشرائية مع تضخم تجاوز 10%، ويعانون نقصا في المواد الغذائية الأساسية على غرار الحليب وزيت الطبخ والسميد.
وقال الخبير السياسي حمادي الرديسي إن "الوضع الاقتصادي مأساوي والبلاد على وشك الانهيار". ومن مظاهر الأزمة الاقتصادية تباطؤ النمو إلى أقل من 3%، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15%، فيما تزداد مستويات الفقر الذي دفع 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحرا نحو ايطاليا بشكل غير قانوني عام 2022.
ومن جانب آخر أعلنت الرئاسة التونسية مساء الاثنين الماضي عن إقالة وزيرَي الزراعة والتربية من دون ذكر الأسباب، في سياق نقص منتجات أساسية منها الحليب، وإضرابات متفرقة في قطاع التعليم.
وقالت الرئاسة التونسية الاثنين إن الرئيس قيس سعيد قرر “إجراء تحوير جزئي عيّن بمقتضاه محمد علي البوغديري وزيرا للتربية خلفا لفتحي السلاوتي، وعبد المنعم بلعاتي وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري خلفا لمحمود إلياس حمزة”.
ومطلع كانون الثاني/يناير، أقال سعيد وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي بن حمزة وفاخر الفخفاخ والي صفاقس، ثاني مدن البلاد، وسط أزمة اقتصاديّة وانقسامات سياسيّة قويّة.
وكانت وزيرة التجارة أول عضو في حكومة نجلاء بودن التي شكلت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، يقيلها الرئيس سعيد.
وترى بعض التحليلات إنه يبدو أن قائمة المغادرين لحكومة نجلاء بودن ستتوسّع تدريجيا، وستتواصل في قادم الأيام وبالطريقة نفسها أي على مراحل، وهي الطريق نفسه التي اعتمدها رئيس الجمهورية في اعلان اقالة الولاة والمعتمدين، وخاصة مع مطالبة العديد من الأحزاب المؤيدة لمسار 25 جويلية والتي سيكون لها كتل وازنة في البرلمان الجديد بضرورة اعطاء نفس جديد للحكومة.
ويكون في أغلب الحالات التحوير الحكومي بعد الانتخابات التشريعية لكن رئيس الجمهورية لم ينتظر الاعلان النهائي بعد الطعون التي قد ترد على المحكمة الادارية من قبل المعترضين على النتائج وفضل اقرار هذا التحوير قبل ذلك.
وحسب العديد من المحللين الذين عكسوا رأي المعارضة حيث وجدوا أن قيس سعيّد يحاول غض الطرف عن الأزمة الحقيقية التي تشهدها البلاد والمتمثلة في انقلابه على الدستور واستيلائه على مؤسسات البلاد، عبر إقالة وزراء من الحكومة وتعويضهم بآخرين دون جدوى.
وتأتي هاتين الإقالتين الجديدتين في سياق توتر سياسي، إذ تشهد البلاد انقسامات عميقة منذ قرّر سعيّد الاستئثار بالسلطات في 25 تمّوز/يوليو 2021.
وتعقبها كذلك الدورة الثانية من الانتخابات النيابية التي أجريت الأحد والتي شهدت معدل امتناع قياسيا إذ بلغت نسبة الذين أدلوا بأصواتهم 11,4 % فقط، وهو ما قال العديد من الخبراء إنه يعود إلى انشغال السكان بمشكلاتهم الاقتصادية.
وأدت الأزمتان السياسية والمالية في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، الحليب والسكر والأرز والبن، وتراجع في القدرة الشرائية بسبب التضخّم المتسارع (حوالى 10 % في عام خلال كانون الأول/ديسمبر).
وتوصلت تونس المديونة بنسبة أكثر من 80 % من ناتجها الداخلي الإجمالي، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف تشرين الأول/أكتوبر حول قرض جديد بقيمة حوالى ملياري دولار لمساعدتها في مواجهة صعوبات اقتصادية متفاقمة. لكن صندوق النقد الدولي أجل موافقته النهائية إلى تاريخ لم يحدده.
كما شهدت البلاد اضطرابات في الأشهر الأخيرة بسبب الإضرابات العديدة في قطاعَي النقل والتعليم للتنديد بالتأخير في دفع الرواتب وعدم صرف مكافأة نهاية العام للعاملين فيهما.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن سبب تراجع نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية في البلاد، تعود إلى أن المواطنين لم يعودوا يهتمون بمؤسسة البرلمان التي “عبثت بالدولة” على مدار 10 سنوات.
وتابع سعيد خلال تصريحات نقلتها الرئاسة التونسية، في أعقاب إعلان الهيئة العليا للانتخابات حجم المشاركة في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، إن “نسبة الإقبال لم يعلن عنها بصفة نهائية ولكن يجب أن تُقرأ بشكل مختلف”.
وأضاف:”نحو 90% تقريبا لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني شيئًا بالنسبة لهم”.
كما أشار إلى أن سبب العزوف في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات يعود إلى أن البرلمان “خلال السنوات العشر الماضية كان مؤسسة عبثت بالدولة”، مضيفًا “التونسيون لم يعودوا يثقون في المؤسسات”.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس بوقت سابق اليوم، أن نسبة المشاركة في التصويت في الدورة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الماضي بلغت 11.4% فقط.
وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر خلال مؤتمر صحفي، إن 895002 شخص أدلوا بأصواتهم من أصل 7.85 ملايين يحق لهم التصويت.
وتنافس في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية التونسية، 262 مرشحا لم يحصدوا أغلبية الأصوات في الدور الأول، ليكون التنافس في الدور الثاني على 131 مقعدا من أصل 161.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قد أعلنت في 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي أن نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية في البلاد التي جرت يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي بلغت 11.22 بالمئة.
وتعد هذه الانتخابات التشريعية الأولى منذ اعتماد الدستور الجديد في استفتاء 25 تموز/يوليو 2022، وأيضا الأولى في أعقاب إعلان الرئيس قيس سعيد تدابير استثنائية يوم 25 يوليو/تموز 2021، جمّد بموجبها البرلمان، ثم حلّ المجلس الأعلى للقضاء وهيئة مكافحة الفساد، وأقال الحكومة السابقة، ثم صاغ دستورا جديدا، وعدّل قانون الانتخابات.
وتجرى هذه الانتخابات وسط مقاطعة عدة أحزاب، أبرزها حزب حركة النهضة التي كانت تسيطر على أكبر عدد من مقاعد البرلمان المنحل.
وقد لاقت هذه التدابير انتقادات واسعة، ولا سيما من خصوم الرئيس في حركة النهضة التي تمثل جماعة الإخوان المسلمين، واعتبروها “انقلابا على الدستور والثورة”، لكن سعيد أكد أنها ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار.
وتعاني تونس من أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 مع تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة.