الوقت - قصة الأسرى مع المحتل، تشهد لها الجدران في فلسطين، وكتابات المناضلين والمفكرين وملايين الأوراق على منصات المنظمات الإنسانية والحقوقية، وفي مجلس الأمن ودروجه المهملة للدول المعنية بالقضية الفلسطينية.
فالحكاية لم تنته لتبدأ، بل تزداد عنفاً ووحشية كل يوم من قبل عدو غاصب، فها هو بن غفير الصهيوني اليميني المتطرف لا يضّيع أي وقت في تنفيذ خططه لخلق ظروف أكثر قسوة للسجناء الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وخلال الأسبوع الأول من تشكيل الحكومة الجديدة، أعلن عن خططه لتنفيذ عدة إجراءات عقابية ضد الأسرى الفلسطينيين.
يتعرض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال لهجمة صهيونية شرسة، حيث تقتحم إدارة السجون أقسام السجن وتجري تنقلات عديدة للأسرى، وتعيث فساداً بمقتنياتهم وتعتدي عليهم، فضلاً عن الإهمال الطبي المتصاعد.
وحذرت فصائل المقاومة الفلسطينية، الاحتلال الصهيوني من أي محاولة للمساس بالأسرى البواسل، وأنها ستكون لها تداعيات داخل السجون وخارجها.
وأكدت الفصائل في بيان صحفي، على أن "ما يتعرض له أسرانا البواسل في سجون الاحتلال من إجراءات قمعية هو عدوان إجرامي غاشم".
وشددت فصائل المقاومة على أن هذا العدوان الفاشي والعنصري هو محاولة خبيثة للفت الأنظار عن الفشل الذريع الذي أحدثته العمليات البطولية في القدس العاصمة وحصدت بها أرواح المغتصبين الصهاينة.
واقتحمت قوات القمع التابعة لإدارة سجون الاحتلال عدة أقسام في سجون عوفر، ومجدو ، والنقب ونكلت بالأسرى الفلسطينيين وعزلت مجموعات منهم، في تصعيد ينذر بانتهاكات وإجراءات خطيرة مقبلة بحق الأسرى الفلسطينيين. وذكر نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له أن غالبية الغرف التي جرى اقتحامها، فيها أسرى من حركة الجهاد الإسلامي، موضحا أن قوات الاحتلال اقتحمت غرفا لاحتجاز الأسرى في سجن عوفر يبلغ عدد الأسرى الموجودين بها 232 أسيرا، حيث تم اخراج الأسرى بالقوة والاعتداء عليهم.
وأضاف البيان إن قوات الاحتلال اقتحمت كذلك غرفا لاحتجاز الأسرى في سجن مجدو وقامت بالاعتداء على الأسرى، وعزل ما لا يقل عن عشرة منهم. من جانبها، أوضحت هيئة الأسرى وشؤون المحررين، أن قوات القمع التابعة لإدارة سجون الاحتلال اقتحمت أقسام الأسرى في سجن مجدو، وعزلت 40 أسيرا خارج غرفهم.
كما يشهد سجن النقب حالة من التوتر الشديد، حيث جرى إغلاق عدة أقسام بالسجن، كما تم اقتحام قسم لاحتجاز الأسرى وتم إخراج كل الأسرى منه وإبلاغهم بنية نقلهم إلى سجن نفحة.
يذكر أن إدارة سجون الاحتلال صعدت من عمليات التنكيل بحق الأسرى خلال الاقتحامات والتي شهدت ذروتها عام 2019، حيث سجلت اقتحامات كانت الأكثر عنفا منذ ما يزيد على عشر سنوات.
ومنذ أواخر العام الماضي وحتى مطلع العام الجاري، تم تسجيل العديد من الاقتحامات في عدة سجون، نكلت خلالها قوات الاحتلال بالأسرى وعزلت قيادات من بينهم، كما خربت ودمرت مقتنياتهم واستولت على العديد من كتاباتهم.
وقال موقع ميدل إيست آي إنه "تم نقل ما يقرب من 140 سجينا فلسطينيا، خلال الأسبوعين الماضيين، إلى سجن نفحة سيئ السمعة في الأراضي المحتلة، الواقع في جنوب شرق صحراء النقب، يشتهر السجن بظروفه المعيشية الرهيبة التي يصفها بعض السجناء بأنها غير إنسانية".
وأضاف الموقع إنه في حين أن النقل الداخلي للسجناء السياسيين الفلسطينيين ليس أمرا غير شائع، فإن عمليات النقل الأخيرة إلى نفحة تشير إلى سياسة جديدة لحكومة الاحتلال تستهدف السجناء الفلسطينيين بالعقاب الجماعي.
ويرى العديد أن هذه الإجراءات ستكثف وأن الأمور ستنتهي بشكل سيء وأن مصلحة السجون الإسرائيلية أوضحت للسجناء أنها ستتبنى سياسات وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الجديدة لاستخدامها ضدهم.
وأيضاً يعتقد السجناء السياسيون الفلسطينيون أن الأمور ستزداد سوءا.
وقال مفوض شؤون الأسرى الفلسطينيين، حسن عابد رباح: لقد كان الوضع في السجن خلال الأسبوعين الماضيين مروعا، إن نقل هؤلاء الأسرى هو هجوم على حياتهم".
وأضاف "تتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نقل 2000 أسير بين السجون، إنها استراتيجية لإضعاف وزعزعة استقرار المقاومة الفلسطينية داخل السجون".
مع تصاعد التوتر في السجون، يستعد الأسرى الفلسطينيون للعصيان المدني المنظم، الذي يتوقعون أن يتصاعد إلى إضراب شامل عن الطعام.
وقال خالد إن بن غفير يقول إن "أحد أهداف الحكومة الجديدة هو معاقبة السجناء وسلب حقوقهم الأساسية داخل السجون" مضيفا إن "الحقوق التي نتمتع بها الآن كثيرة جدا بالفعل".
وأضاف خالد "الجميع في السجن قلقون، نحن جميعا على أهبة الاستعداد ، في انتظار أن نرى ما سيحدث، هذه ليست عملية جديدة، لقد حاولوا دائما إضعافنا وقتل معنوياتنا، لكنهم يحاولون الآن جعل الأمر أسوأ".
وفي 6 يناير، أي بعد أسبوع واحد من توليه منصب وزير الأمن الإسرائيلي، زار بن غفير سجن نفحة، الذي يعتبر واحدا من أقسى سجون الاحتلال للفلسطينيين، ومنذ ذلك الحين، بدأت مصلحة السجون بتوزيع السجناء بين 20 سجنا تستخدم حصريا للأسرى السياسيين الفلسطينيين.
بعد رحلته، غرد بن غفير أن "أولئك الذين قتلوا اليهود لن يحصلوا على ظروف أفضل من الظروف الحالية قبل أن يعلن عن هدفه لتمرير قانون عقوبة الإعدام للإرهابيين.
ومنذ زيارة وزير الأمن، نقلت مصلحة السجون ما لا يقل عن 70 سجينا من سجن هداريم إلى سجن نفحة، بمن فيهم زعيم فتح المخضرم مروان البرغوثي وسجناء بارزون آخرون.
كما تحرص مصلحة السجون على نقل القادة السياسيين الداخليين، مثل البرغوثي، بهدف حل الفصائل الفلسطينية داخل نظام السجون، هذه الفصائل هي أساس المجتمع الفلسطيني وتعكس الأحزاب السياسية خارج أسوار السجون الإسرائيلية.
هذا الشكل من التنظيم يمنح السجناء، الذين سجنوا جميعا بسبب المقاومة السياسية ضد دولة الاحتلال، الوسائل للتمسك بأفكارهم وانتماءاتهم السياسية.
ولوقف ذلك، يخطط بن غفير لتقييد استقلالية السجناء داخل سجون الاحتلال من خلال إجراءات عقابية مختلفة.
وأشار خالد إلى أنهم يحاولون جعل السجون التي يحتفظون فيها بالسجناء السياسيين الفلسطينيين مثل سجونهم الجنائية المدنية، إنهم يحاولون القضاء على أنظمتنا السياسية ومجموعاتنا وحقوقنا في التنظيم داخل السجن.
وتابع "إنهم يريدون معاملتنا كمجرمين صغار، كل هذا لمحاولة جعلنا نفقد هويتنا الوطنية الفلسطينية".
عندما يتم نقل السجناء، تتغير بيئتهم ودوائرهم الاجتماعية، وقد تضطر عائلاتهم إلى الانتظار شهورا لمعرفة المكان الذي نقلوا إليه.
وقال رباح إنهم "يريدون محاربتنا كأفراد وليس كوحدة واحدة، إذا أضعفونا وحولونا إلى إرهابيين، فإننا لسنا محميين بموجب اتفاقية جنيف، التي تنص على أن لدينا الحق في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال".
وأضاف "إنه يؤثر أيضا على الأنظمة التعليمية التي تم إنشاؤها للمدارس الثانوية والجامعية في السجون ، ستكون العملية برمتها صعبة بالنسبة لنا، وهذا سيسهل على الحكومات الإسرائيلية السيطرة على السجناء الجدد لأنهم لن يعرفوا حقوقهم لأن قادتهم نقلوا إلى سجن آخر".
وتشمل الإجراءات العقابية الأخرى التي تجري مناقشتها الحد من الزيارات العائلية، ووقف بيع بعض الأطعمة والمواد في المقصف، وحتى تقييد العائلات من إرسال الملابس إلى السجناء.
وتابع خالد "على سبيل المثال ، إذا اعتدت على إرسال خمسة أزواج من السراويل إليك في غضون عام ، فستسمح الآن بواحد فقط. كل هذه الأمور تحققت بعد سنوات من القتال، وكان السجناء قد أضربوا عن الطعام كثيرا للحصول على هذه الحقوق، وهم الآن يخططون لسلبها".
ووفقا له ، فإن العديد من هذه التدابير لم يتم اتخاذها بعد، ومع ذلك يمكن تأسيسها في أي وقت، ما يترك السجناء الفلسطينيين ينتظرون في حالة من النسيان. وأردف "إنهم يريدون تعطيل الحياة هنا قدر الإمكان".
ووفقا لخالد، هناك خطط لإضراب جماعي عن الطعام في سجون الاحتلال من المقرر أن يبدأ في 23 مارس، وهو اليوم الأول من شهر رمضان.
وقال "إذا نفذت حكومة الاحتلال تهديداتها باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد السجناء قبل ذلك ، فإنها تخطط للذهاب إلى المعركة وبدء الإضراب في وقت مبكر".
وأضاف ، سيطلق عليه إضراب الحرية عن الطعام ، لقد أطلقنا عليها هذا الاسم لأن أحد مطالبنا سيكون المطالبة بحريتنا، لن نطلب بعد الآن ظروفا أفضل في السجن، سنطالب بحريتنا، نحن مقاتلون من أجل الحرية، ولسنا إرهابيين كما يزعمون".
وقال رباح إنه "يريد أن يعرف العالم أن الفلسطينيين مقاتلون في المقاومة، وليسوا إرهابيين، بموجب القانون الدولي، من حقنا القانوني مقاومة الاحتلال الإسرائيلي العنيف".
يذكر أنه تضم سجون الاحتلال حاليا 4,700 سجين سياسي فلسطيني، من بينهم 150 طفلا وخمسة من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، جميعهم سيتأثرون بتنفيذ الاحتلال للتدابير العقابية. ولا يخطط السجناء السياسيون الفلسطينيون لقبول الإجراءات العقابية الإسرائيلية بهدوء.
وردا على انتهاكات حقوق الإنسان، لجأ الفلسطينيون إلى الإضراب عن الطعام منذ عام 1968 لمكافحة قضايا مثل الحبس الانفرادي، والحرمان من الزيارات العائلية، وعدم كفاية العلاج الطبي، وغيرها من ضروب المعاملة المهينة.