الوقت- قرّر البرلمان المغربي إعادة النظر في علاقاته مع نظيره الأوروبي وإخضاعها لتقييم شامل.
جاء ذلك في بيان صادر عن البرلمان المغربي بغرفتيه في العاصمة الرباط عقب جلسة مشتركة طارئة.
والخميس تبنّى البرلمان الأوروبي قراراً ينتقد أوضاع حرية الصحافة والتعبير في المغرب، داعياً السلطات إلى "إنهاء المتابعة القضائية لعدد من الصحفيين".
ورداً على ذلك قال البرلمان المغربي إن القرار الأوروبي "قوّض أسس الثقة والتعاون" بين الجانبين.
وشدد المجلس على “استنكاره لما قام به البرلمان الأوروبي من تنصيب نفسه كهيئة لمحاكمة القضاء المغربي”.
ورفض “التدخل في القضاء ومحاولة التأثير في مقرراته، ولا سيما أن بعض القضايا المعنية لا تزال معروضة على المحاكم”.
ولفت المجلس إلى أنه ”يندد بما تضمنه القرار من دعوة لممارسة الضغط على السلطة القضائية للإفراج الفوري عن الأشخاص الذين سماهم”.
وشدد على رفضه “المغالطات الواردة في القرار، التي تكذبها الحقائق الثابتة في ملفات المعنيين بالأمر، والتي استقاها القرار من بعض المصادر التي تتبنى مواقف أحادية دون التوفر على أدلة ومعطيات صحيحة”.
وأشار إلى أن “موضوع محاكمة الأشخاص المذكورين في قرار البرلمان الأوروبي غير مرتبط بنشاطهم الصحفي أو بممارسة حريتهم في الرأي والتعبير، والتي يضمنها الدستور والقانون”.
وعبر المجلس عن رفضه “ازدواجية المعايير التي جاءت في قرار البرلمان الأوروبي”.
وأدان بشدة "المحاولات العدائية للمساس بمصالح المغرب وصورته، وبالعلاقات المتميزة والعريقة القائمة بين البلاد والاتحاد الأوروبي".
واعتبر البرلمان المغربي أن "القرار الأوروبي تجاوز غير مقبول لاختصاصاته وصلاحياته، وتطاول مرفوض على سيادة البلاد"، معرباً عن "الرفض المطلق لنزعات الوصاية أو تلقي الدروس من أي طرف كان".
وشدد بيان البرلمان المغربي على أنه "يرفض استغلال وتسييس قضايا هي من صميم اختصاص القضاء الجنائي وتدخل في باب قضايا الحق العام وصدرت في شأنها أحكام قضائية في تهم غير مرتبطة بتاتاً بأي نشاط صحفي أو بممارسة حرية الرأي والتعبير".
ودعا "القوى السياسية الأوروبية للتحلي بالحكمة والرزانة ورفض الخلط بين حقوق الإنسان المصانة في المغرب بالدستور والقوانين والمؤسسات من جهة، والادعاءات المفتقرة إلى المصداقية التي تروج لها بعض الجهات والمنظمات المعروفة بمواقفها العدائية ضد المغرب من جهة أخرى".
وفي وقتٍ سابق الاثنين الماضي أعلنت 3 أحزاب مغربية من الموالاة والمعارضة رفضها انتقاد البرلمان الأوروبي لوضع حرية التعبير في المملكة، معتبرة إياه تدخلاً في شؤونها الداخلية.
والأحزاب الرافضة للتدخل الأوروبي هي حزب الاستقلال (مشارك بالائتلاف الحكومي) والحزب الاشتراكي (معارض) وحزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الائتلاف الحكومي).
وقال في بيان إن "الأشخاص الواردة أسماؤهم في القرار استفادوا من جميع ضمانات المحاكمة العادلة المقررة قانوناً.. وموضوع محاكمتهم غير مرتبط بنشاطهم الصحفي أو بممارسة حريتهم في الرأي والتعبير التي يضمنها الدستور والقانون".
وفي قراره دعا البرلمان الأوروبي لإطلاق سراح الصحفيين المغاربة عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، ووقف المتابعات القضائية التي طالتهم بتهم "جنسية".
ووصف القرار أوضاع حرية الصحافة في المغرب بـ"المتدهورة باستمرار على مدى العقد الماضي"، داعياً السلطات المغربية لـ"احترام حرية التعبير والإعلام".
ولصالح هذا القرار صوّت 356 عضواً في البرلمان الأوروبي من إجمالي 430، مقابل رفض 32، وغياب 42.
ويقضي الراضي 6 سنوات سجن بتهمتَي "اغتصاب" و"تخابر"، والريسوني 5 سنوات وبوعشرين 15 سنة بتهم "جرائم جنسية"، في حين يرى حقوقيون وإعلاميون أنهم حوكموا بسبب آرائهم وعملهم الصحفي.
وفي تصريح قال عبد الله بوانو رئيس الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية المغربي (معارض) إن "وضع حرية التعبير والصحافة في المغرب أمر داخلي".
وأكد رفض أي قرار خارجي "يبتزّ" المغرب، لافتاً إلى أن بلاده "تتعرّض للتشويش والابتزاز".
وخلال جلسة مشتركة طارئة للبرلمان المغربي بغرفتيه في الرباط قال رئيس الكتلة النيابية لحزب الاستقلال (مشارك بالائتلاف الحكومي) نور الدين مضيان إن قرار البرلمان الأوروبي يعتبر “تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمغرب”.
ووصف مضيان القرار بـ”بالممارسات الابتزازية للبرلمان الأوروبي الذي يخوض حربا فاشلة بالوكالة، والتي لن تزيد المغرب إلا قوة وصمودا في الدفاع على مصالحه”.
و “في الوقت الذي يتجاهل فيه البرلمان الأوروبي حقوق الدول الأوروبية، بما فيها حقوق المهاجرين والمسلمين، يحاول أن يهاجم دولا أخرى”، وفق مضيان.
فيما اعتبر رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي (معارض) عبد الرحيم شهيد أن” قرار البرلمان الأوروبي محاولة لتصريف الأزمات التي تحاصر أوروبا”.
واتهم البرلمان بـ”البحث عن تصدير (أزماته) للآخرين” في ظل “ظهور مظاهر الرشوة (داخله) فضلا عن فساد قيمي ومؤسساتي”، على حد قوله.
أما رئيس الكتلة النيابية لحزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الائتلاف الحكومي) محمد غياث فقال إن القرار “يخدم دسائس وأجندات ومصالح غير معروفة”.
وأضاف إن البرلمانيين الأوروبيين يدافعون عن عدم التدخل في شؤون مجلسهم، و”لكنهم يتدخلون في شؤون الآخرين وفي قضاء دولة مستقلة”.
واتهم عددا من أعضاء البرلمان الأوروبي بتلقي رشاوى.
ومستنكرا، تساءل غياث: “كيف لمؤسسة تقول إنها تدافع عن سيادة القانون أن تسمح لنفسها بانتهاك سيادة دولة شريكة وإهانة قضائها ؟!”.