الوقت- صعد وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، ايتمار بن غفير من تحركاته المستفزة للفلسطينيين فبعد أيام من اقتحامه باحة المسجد الأقصى أعطى أوامره للشرطة، بحظر رفع أي علم فلسطيني، في المجال العام.
ولقي إيعاز وزير بن غفير، إلى الشرطة الإسرائيلية، بالبدء في تنفيذ قرار منع رفع الأعلام الفلسطينية بالأماكن العامة، رفضا فلسطينيا واسعا.
جاء ذلك عبر دعوات لتكثيف رفع العلم الفلسطيني، و لا سيما داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
حيث وصفت الفصائل الفلسطينية، قرار وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، ايتمار بن غفير، بحظر رفع أي علم فلسطيني، بأنه سلوك عنصري وإرهابي.
وقال عبد اللطيف القانوع، الناطق باسم حركة "حماس"، في بيان رسمي، إن "مطالبة بن غفير بمنع رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة سلوك عنصري".
وأضاف القانوع، إن تلك المحاولة ستفشل كما فشلت كل محاولات الاحتلال السابقة في تغييب رموز الهوية الوطنية الفلسطينية.
ولفت إلى أن: "العلم الفلسطيني سيبقى خفاقاً في كل ساحات الوطن، ورمزاً لوجودنا وتشبثنا بأرضنا التاريخية".
بدوره، قال داود شهاب المتحدث باسم حركة "الجهاد الإسلامي"، إن "إسرائيل نظام احتلالي وأشد الدلائل على ذلك أنها ستبقى تعيش هاجس البحث عن إثبات مشروعية وجودها".
وأضاف شهاب: "طالما أن إسرائيل تحارب رفع العلم الفلسطيني، فهذا يعكس إلى أي مدى وصل الإحساس بالمأزق وأنها فشلت في تقديم نفسها كمكون طبيعي في المنطقة".
وشدد على "أن الشعب الفلسطيني لن يخضع لسياسات الاحتلال الغاشم ، ولن يستسلم أمام اجراءات القمع والترهيب التي تنتهجها حكومة وشرطة الاحتلال".
في السياق، قال المتحدث باسم حركة "المجاهدين"، مؤمن عزيز، إن "هذا القرار العنصري يعتبر تعبيرا حقيقيا عن الرؤية المتطرفة التي تحملها حكومة نتيناهو الجديدة".
وأضاف عزيز، : "لم نستغرب هذا الأمر من بن غفير الذي لم يتوقف عن تحريضه على الإرهاب والقتل ضد الشعب الفلسطيني. هذه العنصرية تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته ازاء صمته أمام جرائم الاحتلال".
ومن جانبه قال الباحث ناهض زقوت، إن “العلم يمثل رمزاً لسيادة أي دولة في العالم، وعنوان وحدتها، وانتماء شعبها لتراب الوطن، والشعب الفلسطيني مثل كل شعوب العالم يحمل رمزية سيادية، من خلال العديد من الرموز، وعلى رأسها العلم الفلسطيني”.
وأضاف زقوت إن “هذا العلم الذي دفع العشرات بأرواحهم ثمناً من أجل رفعه في وجه الاحتلال الإسرائيلي، هو تأكيد لحق الفلسطينيين في تراب وطنهم”.
وأشار إلى أن “الاحتلال حرص وحاول التقليل من قيمة العلم الفلسطيني لأهداف خبيثة ومقصودة سياسياً، لأنه يدرك مدى الارتباط بين العلم وهوية الشعب الفلسطيني، فإلغاء العلم يعني إلغاء الهوية السياسية”.
وأوضح أن “العلم الفلسطيني هو رمز للسيادة والثقافة والحضارة الفلسطينية، وهو بألوانه وتصميمه جسّد هوية النضال والكفاح الفلسطيني بدءاً من ثورة البراق عام 1929، إذ كانت حينها المرة الأولى التي يرفَع فيها هذا العلم للتعبير عن الهوية الفلسطينية بحدودها السياسية المعروفة من البحر إلى النهر؛ ومن رفح حتى رأس الناقورة”.
وأكد زقوت أن “أي تغيير عليه يعني إلغاء فلسطين التاريخية، وكل النضالات والتضحيات التي قدمت في سبيل رفعه، من شهداء وجرحى، وتغييب نضال العديد من الشبان الذين قضوا شهورا في المعتقلات الاسرائيلية ثمناً لبقائه”.
ولفت إلى أن “العلم الفلسطيني كان محظورا على الفلسطينيين رفعه بعد عام 1967، إثر احتلال الضفة الغربية”، مضيفاً إن “ذاكرة الفلسطينيين لا تزال تحمل حكايات وقصصاً كثيرة حول دور العلم ومكانته في المعارك مع الاحتلال، وخصوصاً في الانتفاضة الأولى بن عامي 1987 و1994، حيث انتقل العلم من رمز سياسي؛ ليصبح واحداً من أقوى أدوات إزعاج الاحتلال ومقاومته”.
من جهته؛ قال الإعلامي الفلسطيني في الداخل المحتل، يزيد دهامشة، إن “ايتمار بن غفير لا يزال يعيش مرحلة ما قبل الانتخابات الإسرائيلية، ويعتقد أنه ما زال يدير حملة انتخابية، ولا يعرف أن الانتخابات في إسرائيل قد انتهت!”.
وأضاف دهامشة إن “بن غفير يعيش نوعا من الهوس والمرض النفسي، وقراره بحظر العلم إجراء غير جدير بالاهتمام، لأن الشعب الفلسطيني سيبقى يرفع علمه، إن أراد بن غفير أو لم يرد”، محذراً من أن “بن غفير يريد من خلال هذا القرار الزج بشرطة الاحتلال في مواجهات دامية مع الفلسطينيين”.
وأردف: “إذا كان بن غفير يعتقد أنه بمثل هذه الممارسات الفاشية الصبيانية يستطيع أن يثني فلسطينيي الداخل عن ارتباطهم بقضيتهم ورموزها؛ فأعتقد أنه واهم، ولم يتعلم الدرس من السنوات السابقة”.
وأضاف دهامشة إنه “منذ أكثر من 70 عاماً مضت؛ حاولت إسرائيل بكل مؤسساتها وماكيناتها الإعلامية أن تنسي الفلسطينيين في الداخل المحتل الارتباط بشعبهم وقضيتهم، إلا أنها لم تنجح”.
وعبر العديد من الكتاب والأوساط الإسرائيلية عن خشيتهم من التداعيات الخطيرة لاقتحام من يسمى وزير “الأمن القومي” الإسرائيلي، النائب المتطرف إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى المبارك تحت حراسة أمنية مشددة.
ففي الداخل الفلسطيني المحتل، وبعد تنفيذ بن غفير وعده بتجريم رفع العلم الفلسطيني، فإن ذلك حسب محللين سيؤدي إلى زيادة مستوى التوتر وربما يتطور الأمر إلى مواجهات شعبية بين فلسطينيي الداخل والمستوطنين اليهود، ولا سيما في النقب والمدن المختلطة المحتلة.
وتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج وتداعيات هذه الحرب العنصرية، بما تحمله من مخاطر ليس فقط على ساحة الصراع، وانما ايضاً على فرص تحقيق السلام وثقافته برمتها، و أن تقديم واقرار مثل تلك القوانين العنصرية إثبات جديد على مصداقية تقارير عديد من المنظمات الدولية والإسرائيلية ذات المصداقية التي أكدت وبشكل موثق وعلمي أن إسرائيل ماضية في تكريس نظام الفصل العنصري البغيض ( الابرتهايد) في فلسطين المحتلة غير مكترثة في القانون الدولي والقرارات الأممية والادانات والمطالبات لوقف انتهاكاتها وجرائمها.
يذكر أن بن غفير أوعز مساء الأحد الماضي، إلى شرطة الاحتلال، بالبدء في تنفيذ قرار منع رفع الأعلام الفلسطينية بالأماكن العامة، بعد يوم من التلويح بأحدها في مظاهرة مناهضة لحكومة بنيامين نتنياهو في “تل أبيب”.
كما جاء القرار على خلفية الاحتفالات التي نُظمت في بلدة عارة شمال فلسطين المحتلة عام 48، عقب الإفراج عن الأسير كريم يونس، الذي أطلق سراحه الخميس الماضي، بعد 40 عاما في الأسر.